نمر السحيمي

الجامعات ونظامها: شتان بين مشرق ومغرب

الأحد - 03 يوليو 2022

Sun - 03 Jul 2022

صدر نظام الجامعات الجديد وتم تطبيقه على ثلاث جامعات فقط هي: جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل.

ونص النظام الحديد على «استمرار جميع منسوبي الجامعات على أنظمتهم الوظيفية الحالية، بينما يشمل (نظام العقود السنوية) من يتم التعاقد معهم من أعضاء هيئة التدريس والموظفين والفنيين (الجدد) في الجامعات التي سيطبق عليها النظام في مرحلته الأولى».

وأكد ذلك المتحدث الرسمي باسم التعليم الجامعي.

والمفهوم من هذا النص النظامي أن نظام العقود السنوية يطبق فقط على الجامعات الثلاث المذكورة؛ وهي الجامعات التي طبق عليها النظام في مرحلته الأولى، ولا يشمل الجامعات الأخرى التي ستستمر في استقبال طلبات توظيف أعضاء هيئة التدريس والموظفين والفنيين الجدد بالأنظمة الوظيفية الحالية.

هذا ما نص عليه النظام، لكن الواقع يخالف ذلك؛ ومن أوائل الأدلة ما طرحته جامعة أم القرى بمكة المكرمة خلال هذا الشهر من مئات الوظائف الأكاديمية وبينت أم القرى في إعلانها - وهي من الجامعات التي تعمل تحت مظلة النظام القديم - أن كل هذه الوظائف هي بـ(نظام العقود السنوية).

ليقف المتقدمون لهذه الوظائف من حملة الدرجات العلمية العليا في حيرة بين ما نص عليه نظام الجامعات الجديد وبين واقع لا يلتزم بهذا النظام.

وإن هذه المخالفة للنظام المشار إليه سواء من هذه الجامعة أو غيرها لدليل من وجهة نظري على أن استقلالية جامعاتنا المأمولة لن ترتقي بها لمستوى التطلعات التي تأملها الدولة لتتوافق مخرجاتها مع رؤية المملكة 2030م وما بعدها من رؤى؛ فضلا على أن هذا الاستعجال في تطبيق ما لم ينص النظام على تطبيقه في هذه المرحلة هو خلل في الأمانة الإدارية المكملة للأمانة العلمية في أي جامعة ثبتت عليها هذه المخالفة.

وإيجازا لما سبق فإن تطبيق نظام العقود السنوية في الجامعات التي لم تدخل تحت مظلة نظام الجامعات الجديد هو مؤشر لعدة سلبيات من أهمها:

أولا: تجاهل نصوص النظام أو عدم الاطلاع عليها أو عدم قراءتها قراءة صحيحة من مؤسسات من المفترض أن تكون الأرقى في التعامل مع الأنظمة.

ثانيا: الاستعجال في تطبيق ما تريد الأنظمة التدرج في تطبيقه حتى لا يتسبب (تطبيقه جملة) في سلبيات أكبر.

ثالثا: إرباك أنظمة الموارد البشرية والتأمينات الاجتماعية بمباشرة التغيير قبل أوانه وقبل استعدادها كمؤسسات معنية في تنظيمه.

رابعا: فتح الباب للاختلاف في أنظمة التوظيف بين الجامعات؛ مما يخلق العشوائية بين جامعات من المفترض أن تكون تحت نظام واحد في تطبيقات التوظيف أو غيرها.

خامسا: تعطيل الوظائف الشاغرة بنظام التوظيف الحالي وتحويلها إلى وظائف بنظام التعاقد السنوي قبل إقراره هو هضم لحقوق المواطنين المؤهلين الذي ينص النظام على معاملتهم بأنظمة التوظيف الحالية.

سادسا: الإضرار بالعملية التعليمية فيما لو تسبب الاستعجال في تنفيذ نظام التعاقد السنوي بعزوف المؤهلين عن التقديم لشغل الوظائف المطروحة تحت هذا النظام؛ مما يفتح الباب للتعاقد الخارجي في وظائف يوجد من يشغلها من المواطنين.

والحقيقة أن سلبيات هذا التصرف من بعض الجامعات هي سلبيات كثيرة جدا وقد أوضحتُ في مقال سابق أن نظام الجامعات الجديد ينص على التحاكم إلى النظام السابق من قبل كل الجامعات باستثناء الجامعات الثلاث التي تدخل تحت النظام الجديد حاليا إلا أن وزارة التعليم نفسها وبعض الجامعات الداخلة تحت مظلة النظام السابق استعجلت في التحاكم إلى نظام الجامعات الجديد، ولا تقل هذه المخالفة سوءا عن المخالفة التي أنا بصدد الكتابة عنها في هذا المقال.

وللأسف فإن أنظمة الجامعات السابقة واللاحقة في واد، ووزارة التعليم وجامعاتها في واد آخر؛ أما أنا وهم فما نحن إلا كقول الشاعـر:

سارت مغربة وسرت مشرقا

شتان بين مشرق ومغرب


@alsuhaimi_ksa