مسؤولية الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة

تعتبر الشركة ذات المسؤولية المحدودة من أهم الشركات التجارية التي عرفت انتشارا ورواجا واسعا في وقتنا الحالي، ويرجع ذلك إلى سهولة تأسيسها، فهي لا تحتاج إلى إجراءات معقدة فيستطيع شخص واحد أن يؤسسها أو أن تؤول جميع حصصها إلى شخص واحد، كما أن آخر نصاب لها في الشركاء خمسين شريكا، وإجراءات تأسيسها سهلة ومبسطة بعكس الشركة المساهمة.

كما تعد ذمتها مستقلة عن الذمة المالية لكل شريك فيها، وتكون الشركة وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة عليها -وهذه قاعدة عامة- ولا يكون المالك لها أو الشريك فيها مسؤولا عن تلك الديون والالتزامات إلا في حالات استثناها النظام، وكل هذه التبسيطات النظامية جعلت الكثير من الشركاء يلجؤون إلى شكل الشركة ذات المسؤولية المحدودة؛ لأنها من جانب آخر تناسب المشاريع المتوسطة والصغيرة لضآلة رأس مالها فهي لا تتطلب رأس مال كبير يضاهي رأس مال الشركة المساهمة.

إن من يقرأ نظام الشركات السعودي يظن أن تسمية الشركة بذات المسؤولية المحدودة توحي بأن مسؤولية الشركة محدودة وهذا غير صحيح! فالشركة ذات المسؤولية المحدودة مسؤولة عن ديونها والتزاماتها مسؤولية مطلقة تشمل كافة أصول الشركة وموجوداتها بغض النظر عن مقدار رأس مالها.

والذي نريد أن نؤكد عليه في مقالنا أن البعض يعتقد أن محدودية مسؤولية الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة تجعله بمنأى عن أية مسؤولية -وهذا الاعتقاد خاطئ- إذ أن هناك حالات يكون فيها الشريك مسؤولا استثناء عن التزامات الشركة في أمواله الخاصة، في حدود حصته في رأس المال متى ما لم يسدد الشريك كامل حصته في رأس المال فإنه يحق للدائنين اختصامه مع الشركة في حدود حصته غير المدفوعة، كذلك في حالة إذا كان الشريك مديرا مخولا بالتوقيع فإنه مسؤول عن تعويض الضرر الذي يصيب الشركة أو الشركاء أو الغير بسبب إما مخالفته لأحكام نظام الشركات أو عقد تأسيس الشركة أو بسبب ما يصدر منه من أخطاء في أداء عمله وهذا ما عبرت عنه المادة الـ165 من نظام الشركات.

أما إذا لم يكن الشريك مديرا مخولا بالتوقيع عن الشركة فإنه يكون مسؤولا في أمواله الخاصة عن ديون الشركة في حالة إذا بلغت خسائر الشركة ذات المسؤولية المحدودة نصف رأس مالها، وبُلغ الشركاء بدعوى من مدير الشركة للاجتماع ولم يجب الشركاء هذه الدعوة وتجاوز ذلك تسعين يوما من تاريخ علمهم ببلوغ الخسارة للنظر في استمرار الشركة أو حلها يكون الشركاء مسؤولين بالتضامن عن التزامات الشركة في أموالهم الخاصة وهذا ما نصت عليه المادة الـ181 من نظام الشركات، ومن جهة أخرى في حالة كان الشخص المالك للشركة ذات المسؤولية المحدودة مسؤولا في أمواله الخاصة عن التزامات الشركة في مواجهة الغير الذي تعامل معه باسم الشركة إذا قام بسوء نية بتصفية شركته، أو وقف نشاطها قبل انتهاء مدتها أو إذا لم يفصل بين أعمال الشركة وأعماله الخاصة الأخرى وهذه هي الحالات المستثناة عن القاعدة العامة في إدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة.

وختاما: نود أن نشير إلى أن نظام الشركات الأساسي يقوم على الثقة ومبدأ حسن النية في التعامل وعلى الشركاء ضرورة مراعاة احترام القوانين والنظام الأساسي للشركة واتباع مبادئ الشفافية والمسؤولية الأخلاقية في إدارة الشركات ذات المسؤولية المحدودة، حتى لا يتضرر المتعاملون مع الشركة بسبب محدودية مسؤولية الشركاء من جهة، وحتى لا يتضرر الشركاء أنفسهم بتحملهم المسؤولية الكاملة عن ديون الشركة في الحالات الاستثنائية المقرر فيها مسؤولية الشركاء في أموالهم الخاصة بموجب النظام.

expert_55@