عادل الحميدان

بين مدفع السياسة وجحيم الاقتصاد!

الاثنين - 20 يونيو 2022

Mon - 20 Jun 2022

لا يمكن لعاقل أن يتجاوز حقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأقوى في العالم، وأنها الأكثر تأثيرا فيما وصلت إليه البشرية من تقدم في كافة المجالات، إضافة إلى كونها الدولة الأكثر ارتباطا بكافة القضايا الدولية.

ومن المؤكد أن أمريكا مثلت حالة استثنائية في الصعود إلى هذا الموقع المؤثر، حيث قامت مع غروب شمس إمبراطوريات ولم ترثها، وحتى مع احتدام حدة التنافس مع الإمبراطورية السوفيتية وجدت نفسها وحيدة بعد تفكك منافستها.

هذا لا يعني أن الولايات المتحدة لم تقدم ثمنا باهظا للوصول إلى قمة العالم، لكن أحداثا كبرى لا يمكن إغفالها ساهمت في هذا الصعود، منها حربان عالميتان وعشرات حركات التحرر والاستقلال عن القوى الاستعمارية التي حكمت العالم لعدة قرون، وهي أمور جعلت النموذج الأمريكي الأكثر ملاءمة للعالم الجديد منذ منتصف القرن الماضي.

في المقابل، تعاملت أمريكا بذكاء مع كافة هذه المعطيات، فقد عملت وفق أجندة واضحة مع كافة دول العالم، فكونت سمعة جيدة لدى أصدقائها الذين تطورت علاقتها بهم إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية والتحالف، ولم تخف عداءها لخصومها، وقررت مبكرا أن يكون اللعب على المكشوف على أن يكون البقاء للأقوى، مع حرصها على أن يكون الاقتصاد بعيدا عن أوراق اللعبة.

هذه السياسة أضحت علامة أمريكية بامتياز ونهجا مشتركا للإدارات المتعاقبة التي ارتبط بقاؤها في الغالب بالحفاظ على معدلات معقولة من الاستقرار الاقتصادي، وقدرتها على تجنيب دافعي الضرائب أي أخطار قد تعصف بقدرتهم على العيش والعمل والسكن.

ويكون هذا التحدي أصعب في حال خروجه عن دائرة تحكم صانع القرار الأمريكي واستحالة اجتيازه دون التراجع أو حتى التخلي عن أفكار ومواقف خارجية معلنة على أقل تقدير، حيث تجد الإدارة نفسها بين مطرقة التشبث بمواقفها السياسية وسندان الوضع الاقتصادي الداخلي.

هذه الصعوبة تواجهها الإدارة الحالية في الوقت الراهن، حيث فرضت مختارة لا مجبرة عقوبات على روسيا والصين، واتخذت مواقف سلبية غير مفهومة من دول أخرى اعتقادا منها أنها أساليب ناجعة للضغط أفقدتها تعاطف الكثيرين حول العالم، وهو أمر يقر به الجميع داخل وخارج الولايات المتحدة، لتجد نفسها في مواجهة نذر ركود حاد مع معدل تضخم هو الأعلى منذ 40 عاما، وتذمر المواطن الأمريكي من ارتفاع أسعار الوقود، الأمر الذي يجعل من الشهور المقبلة فترة عصيبة يترقب العالم خلالها كيفية تعاطي الإدارة الديموقراطية مع صعوباتها. فهل ينجح بايدن أم ينضم إلى سلسلة ضحايا اللعب بورقة الاقتصاد من أسلافه من رؤساء القوة الأكثر تأثيرا في القرار الدولي؟

Unitedadel@