انتقال البلاستيك الدقيق عبر السلسلة الغذائية البرية
الأحد - 19 يونيو 2022
Sun - 19 Jun 2022
إن عملية المحافظة على البيئة وحمايتها من أهم الأشياء التي من الواجب على الإنسان أن يقوم بها، والتي يتم الأخذ بها، حيث إن ذلك يعمل على الحد من تدمير النظم البيئية بمختلف أنواعها.
تتعدد أنواع الملوثات ومصادرها من بلد لآخر إلا أنه قد برز في الآونة الأخيرة نوع مهم من الملوثات، والذي يشترك فيه معظم دول العالم ألا وهو التلوث بالبلاستيك.
طبقا لدراسة حديثة أعدها حنا بشرو إكس روزر في عام 2018 وتم تحديثها عام 2022 وتم نشرها في مجلة our world data وجد أن التلوث بالبلاستيك له تأثير سلبي على الحياة البرية والمحيطات.
تعد الدول الأكثر دخلا هي المساهم الأكبر في معدل استهلاك البلاستيك للفرد، ورغم ذلك فإن معظم البلاستيك الموجود في المحيطات يأتي من أنهار الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وذلك لعدم وجود إدارة بيئية سليمة للمخلفات البلاستيكية مقارنة بالدول ذات الدخل العالي، وبتفصيل أكثر فإن إنتاج البلاستيك قد يتزايد في العالم ليصل إلى أكثر من 350 مليون طن في العام، وبإنتاج تراكمي يتعدى 7.8 بلايين طن في عام 2050، وهو ما يعادل أكثر من واحد طن من البلاستيك لكل فرد حي اليوم.
نحو 19.5% فقط من إنتاج البلاستيك يتم إعادة تدويره بينما يتم حرق 25.5% والتخلص من 55% منه في مكبات النفايات.
يعد قطاع التعبئة والتغليف أكبر المستخدمين للبلاستيك، يليه قطاع البناء والإنشاءات والمنسوجات بمعدل 59 مليون طن، لذا يعد قطاع التعبئة والتغليف المصدر الأساسي للمخلفات البلاستيكية وبقياس معدل إنتاج النفايات البلاستيكية للفرد في اليوم الواحد بالكيلوجرام، وتتسلل هذه النفايات البلاستيكية إلى المجاري المائية ومن ثم إلى المحيطات، لذا فإن الفلبين مسؤولة عن 36%، أي ثلث ما يتم تسريبه من النفايات البلاستيكية إلى المحيطات، تليها الهند بنسبة 12.9% والصين بنسبة 7.22% والبرازيل بنسبة 3.86% وإندونيسيا بنسبة 5.75%.
وتوجد أكثر النفايات البلاستيكية في المحيط الهادئ الشمالي والمحيط الهندي وشمال المحيط الأطلنطي.
تقسم النفايات البلاستيكية طبقا لحجمها إلى نفايات صغيرة ومتوسطة الحجم، وتنقسم إلى مايكروبلاستيك (اللدائن الدقيقة) الذي يتراوح حجمه ما بين 2 إلى 5 ميليمتر، ومكروبلاستيك الذي يصل حجمه إلى 20 ميليمتر.
يعد المايكروبلاستيك هو أحد منتجات تحلل البلاستيك والتي تظل عالقة لعقود في مياه المحيطات.
أقترح أندرادي (2011) ثلاثة مصطلحات: البلاستيك الوسيط (500 ميكرومتر إلى 5 مم)، واللدائن الدقيقة (50-500 ميكرومتر)، واللدائن النانوية (50 ميكرومترا)، ولكل منها مجموعة الخصائص الفيزيائية والتأثيرات البيولوجية.
مصادر الميكروبلاستيك (اللدائن الدقيقة) في البيئات الزراعية والأرضية:
يؤثر التلوث البلاستيكي على الأراضي عن طريق المواد الكيميائية الضارة التي تصل إلى التربة المحيطة وتتسرب إلى المياه الجوفية والنباتات وتؤدي إلى أضرار بالغة بالكائنات الحية التي تصلها هذه الجسيمات الدقيقة.
لا توجد دراسات كثيرة في العالم توثق تواجد المايكروبلاستيك في التربة.
اللدائن الدقيقة في التربة وفي النبات:
تشير التقديرات إلى أن النظام البيئي الأرضي يحتوي على عدة أنواع من البلاستيك الحيوي وتزيد كميته بمقدار 4-23 مرة عن في البداية، وجدير بالذكر أن البلاستيك الدقيق يمكنه تغيير الصفات الفيزيقية بالتربة وعلى رأسها طريقة تجمع حبيبات التربة والكثافة وسعة الاحتفاظ بالماء والخلايا، وقد تم العثور على اللدائن الدقيقة في تربة العديد من النظم البيئية الأرضية، بما في ذلك الحقول الزراعية والمدن والمناطق الصناعية، وكذلك المناطق النائية، ومعدل تحلل اللدائن الدقيقة في التربة غير معروف حاليا، والافتراض هو أن هذه المادة ثابتة، وبالتالي سوف تتراكم.
تشمل المصادر الرئيسية للبلاستيك الدقيق في التربة طبقة المهاد أو التغطية، وإضافة الحمأة، والتسميد، والري، والتخلي عن إطارات السيارات، والترسب الجوي. تم العثور على اللدائن الدقيقة ذات الأحجام والأشكال والأنواع المختلفة في أنواع التربة المختلفة في جميع أنحاء العالم.
يمكن أن يؤدي التلوث من المصادر المحددة (على سبيل المثال: حمأة مياه الصرف الصحي والري بمياه الصرف الصحي)، والتلوث من مصدر غير محدد (على سبيل المثال: طبقة النشارة الزراعية، وطمر النفايات، والتخلص من القمامة) إلى جلب المواد البلاستيكية الدقيقة إلى النظام البيئي للتربة.
قد يدخل المصدر المحمول جوا للجسيمات والألياف الدقيقة من مدافن النفايات إلى التربة من خلال الترسب الجوي.
يمكن أن تعمل الحيوانات المهاجرة أيضا كحاملات وتساعد في النقل لمسافات طويلة للمواد البلاستيكية الدقيقة.
في الأراضي الزراعية، المصدر الرئيسي للبلاستيك الدقيق هو محطات معالجة مياه الصرف الصحي، واستخدام حمأة مياه الصرف الصحي وأفلام التغطية الزراعية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساهم كائنات التربة أيضا في هجرة وتوزيع الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في التربة عن طريق تحويل المواد البلاستيكية الأكبر حجما إلى جزيئات بلاستيكية ثانوية ثم نقلها إلى الجزء الداخلي من التربة.
ترتبط أيضا هجرة اللدائن الدقيقة في التربة بخصائص التربة.
يمكن نقل اللدائن الدقيقة من سطح التربة إلى الأجزاء السفلية من التربة من خلال المسام البيولوجية الناتجة عن كائنات التربة وزراعة الأرض وشقوق التربة.
قد تشجع الحيوانات والحصاد والزراعة الهجرة الأفقية للمواد البلاستيكية الدقيقة.
أنواع النباتات التي تم العثور فيها على الميكروبلاستيك وأي الأنواع أكثر تلوثا به:
يمكن للبلاستيك المتحلل أن يطلق مواد كيميائية ضارة بالتربة المحيطة والتي تتسرب إلى المياه الجوفية والموارد المائية الأخرى ومنها إلى النظام البيئي مما يؤدي إلى وقوع أضرار بالغة بالكائنات الحية. من بين هذه الكائنات النباتات التي يتسلل إليها الميكروبلاستيك من خلال مياه الري، ينتقل الميكروبلاستيك خلال السلسلة الغذائية ويؤدي التراكم في المستويات الغذائية العليا لمشاكل كبيرة، حيث إن سطح الميكروبلاستيك قد يكون عامل جذب للعديد من أنواع الملوثات وعلى رأسها العناصر الثقيلة مثل "الكادميوم والكروميوم والرصاص" وغيرها من الملوثات العضوية، مثل المبيدات والمواد الهيدروكربونية عديدة الحلقات.
أيضا يؤثر الميكروبلاستيك بصورة سلبية على النباتات المائية والطحالب ويزداد الضرر بوجود مواد وملوثات سامة أخرى.
وجدت بعض الدراسات أن الميكروبلاستيك يؤدي إلى خفض البناء الضوئي في الخس مثلا، وللأسف الخضراوات الورقية والأجزاء الخضراء في النباتات تراكم أجزاء كبيرة من الميكروبلاستيك المحمول جوا.
كذلك تتسلل بعض جسيمات الميكروبلاستيك إلى النباتات من خلال التربة أو الثغور والتي تصل في النهاية إلى داخل النبات.
يوجد بعض الدراسات أن جسيمات الميكروبلاستيك الملتصقة على أسطح الأوراق تعمل على حجز أشعة الشمس وتقليل البناء الضوئي مثلما يحدث في حالة الطحالب المتواجدة بالمياه.
وجد أيضا أن ثغور الأوراق قد تكون مدخلا مهما للميكروبلاستيك خاصة البولسترين والذي يتراوح قطره من 43 نانوميتر إلى 1.1 ميكرومتر، والذي يؤثر سلبيا على التراكيب الداخلية للنبات. وأظهرت إحدى الدراسات البحثية في المكسيك أن الميكروبلاستيك كان متواجدا وبكثرة في عينات التربة وبأقطار تتراوح بين مئة وخمسة إلى خمسمائة ميكرومتر، وكانت ألياف البلاستيك وأجزاؤها متواجدة بكثرة في كل النظم البيئية التي تم دراستها.
وتختلف تأثيرات اللدائن الدقيقة على النباتات تبعا لأنواعها، وأشكالها، وأحجامها، وتركيزاتها. على هذا النحو، فإن أنواعا عديدة من اللدائن الدقيقة لها تأثيرات مميزة على نمو النبات، كما لوحظ ذلك في الخس والقمح والفاصوليا وبعض أنواع البصل.
لوحظت تأثيرات اللدائن الدقيقة على أداء النبات في الأفراد، على سبيل المثال: أظهر القمح انخفاضا في الكتلة الحيوية بعد التعرض للأغشية والألياف البلاستيكية، على التوالي، بينما أظهر بعض أنواع البصل المعرض للألياف تأثيرا معاكسا. وبالمثل، فإن الصفات المورفولوجية (على سبيل المثال: طول الجذر) في نبات بلانتاجو لانسولاتا (من الحزازيات) أظهرت استجابات متناقضة للجسيمات البلاستيكية الدقيقة، تشير هذه الاستجابات الفردية المختلفة إلى أن إضافة اللدائن الدقيقة إلى التربة لها تأثيرات متباينة على أنواع نباتية مختلفة داخل المجتمع، مما قد يؤثر على إنتاجية النبات وتركيب المجتمع. تمت دراسة الآليات التي تسمح بامتصاص وتراكم الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في النباتات الفردية على نطاق واسع في الخس والقمح وأنواع نباتية أخرى مثل Arabidopsis thaliana، تمت إضافة علامات الفلورسنت إلى اللدائن الدقيقة، ووجد أنه على نطاق ميكرون تم حبس هذه المواد وامتصاصها على سطح الجذر بسبب المخاط الذي يفرزه غطاء الجذر، ولا يمكن أن تتغلغل في قشرة الجذر أو تصل إلى الأوعية الناقلة.
ومع ذلك، يمكن لجزيئات اللدائن الدقيقة أو النانوية الدقيقة أن تدخل الجسم النباتي من خلال نظام الجذر وتصل إلى الجزء الموجود فوق سطح الأرض من النبات باستخدام سحب النتح في نظام الأوعية الدموية للجذور والسيقان، جنبا إلى جنب مع الماء والمغذيات.
بشكل عام، أظهر البولي إيثيلين أكثر التأثيرات سلبية على النباتات بينما أظهر أقلها تأثيرا خليط البلاستيك من البولي إثيلين منخفض الكثافة والبولي بروبيلين والبوليستر، كما أظهرت اللدائن الدقيقة آثارا سلبية أكبر مقارنة باللدائن الكبيرة.
وقد كان من المفترض عموما أن النباتات البرية لا تراكم البلاستيك الدقيق لأن جدران الخلايا تمنع دخوله بسبب حجمه الكبير نسبيا ولكن حديثا قدمت الدراسات البحثية دليلا على امتصاص النباتات للدائن الدقيقة، وتشير إلى أن المسام في جدار الخلية يمكن أن تكون مرنة، مما يسهل دخول اللدائن الدقيقة، ويختلف امتصاص الملوثات العضوية ونقلها وتراكمها من نوع نباتي إلى آخر حسب الصفات التشريحية والفسيولوجية المختلفة.
تتضمن بعض الخصائص البارزة للنباتات التي من المحتمل أن تؤثر على امتصاص الملوثات العضوية خصائص الجذر: (مساحة السطح - الكثافة - الحجم)، وخصائص النسيج الخشبي: (مساحة السطح - الحجم)، ومعدل النمو، والنتح، وإمكانات غشاء البلازما، ودرجة الحموضة في الفجوات والسيتوبلازم.
تتفاعل المواد البلاستيكية الدقيقة مع جذور النباتات بطرق مختلفة، على سبيل المثال: قد تتداخل المخلفات البلاستيكية مع نمو الجذر والشعيرات الجذرية، مما يضر بامتصاص الماء والمغذيات، ويسبب ذلك انخفاض معدل التمثيل الضوئي وزيادة الشوارد الحرة ومما يسبب الضعف والإجهاد للخلايا وتباطؤ نمو الجذر نتيجة لتراكم البولي إيثيلين، ويسبب زيادة تركيزات البيروكسيد وجذور الأكسجين الشاردة الحرة التي تضر المحتويات الخلوية وتدمر الخلايا.
ويعتمد أداء النبات بشكل كبير على الكائنات الحية في التربة وتنوعها، ولا سيما على الميكروبات المستعمرة للجذور، بما في ذلك مسببات الأمراض الفطرية.
إذا تسبب البلاستيك الدقيق في حدوث تغييرات في بنية التربة، فقد تؤثر على المجتمعات الميكروبية في التربة، مما قد يؤثر على معدلات التمعدن ومجتمعات الكائنات المصاحبة مع الجذور.
وبالمثل: قد تؤثر اللدائن النانوية أيضا على الفطريات الجذرية.
من المحتمل أن تؤثر التأثيرات الكبيرة لأنواع اللدائن الدقيقة المختلفة على بنية التربة على تكوين المجتمع النباتي. قد تؤدي الأغشية البلاستيكية، التي زادت من تبخر مياه التربة إلى جفاف أكثر وضوحا وبالتالي تعزيز نمو أنواع نباتية مقاومة للجفاف.
طرق انتقاله عبر السلسلة الغذائية للإنسان:
طبقا لبعض السيناريوهات البحثية الحديثة فإن كمية المايكروبلاستيك سوف تزداد في المحيطات والمجاري المائية بالعالم لتقفز من 2.5 مليون طن إلى 3.7 ملايين طن في 2050.
يؤثر المايكروبلاستيك على صحة النظام البيئي والحياة الفطرية بشكل سلبي.
فطبقا لدراسة أعدها روشمان عام 2016 وجد أن تأثير المايكروبلاستيك على الحياة الفطرية قد يكون من خلال حبس الحيوانات أو تطويقها أو التضييق عليها من خلال الحطام البلاستيكي.
يضاف إلى ذلك بلع الحيوانات للبلاستيك بقصد أو بدون قصد مما يؤثر على صحته.
كذلك تداخل البلاستيك في النظام البيئي يؤدي إلى تلف هذه النظم وقلة الضوء النافذ إليها.
يؤثر الميكروبلاستيك على الصحة وبخاصة المايكروبلاستيك ذا قطر 4.7 مليمترات، وذلك من خلال البلع المباشر أو عن طريق التغذية على حيوانات أخرى تغذت أو بلعت المايكروبلاستيك، فبعد بلع الحيوان للبلاستيك يحتل البلاستيك جزءا من معدة وأمعاء الحيوان مما يعمل على تقليل وإبطاء معدل الأيض وفي بعض الأحيان يؤثر أيضا على معدل التكاثر والنمو.
تؤثر المواد البلاستيكية بطريقة سلبية على التنوع البيولوجي عند دخولها السلسلة الغذائية على شكل جسيمات دقيقة غير مرئية أي -مايكروبلاستيك- مما يجعلها خطرا كبيرا يهدد صحة الحيوان والإنسان.
استهلاك النباتات الملوثة باللدائن البلاستيكية الدقيقة وكذلك الملح المستخرج من البحر يمكن أن تمثل تهديدا لصحة الإنسان.
يؤثر التلوث البلاستيكي بشكل سلبي على صحة الإنسان فمثلا عند تسخين هذه المواد البلاستيكية في الميكرويف يتسرب جزء من الجسيمات الدقيقة إلى الطعام ويبتلعها الإنسان وتؤثر هذه الجسيمات الدقيقة من البلاستيك على حالة الدماغ وقد تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم واختلال هرمون الغدة الدرقية وارتفاع مستواه.
وجد أيضا أن المايكروبلاستيك يدخل إلى جسم الإنسان من خلال بلع المياه أو استهلاك المنتجات البحرية المحتوية على المايكروبلاستيك.
كذلك يمكن أن يتسلل المايكروبلاستيك إلى الإنسان من خلال الجلد عند استخدامه لمستحضرات التجميل أو عند استنشاق جسيمات المايكروبلاستيك الموجودة في الهواء.
وجد أن هناك ثلاثة تأثيرات سامة لجسيمات المايكروبلاستيك عند دخولها إلى جسم الإنسان أولها الجسيمات في حد ذاتها، وانبعاث بعض المواد العضوية الملوثة والممتصة على سطح البلاستيك، وترشيح المضافات البلاستيكية.
مدى انتشار البلاستيك الدقيق فى الكائنات الحية:
تم اكتشاف التلوث باللدائن الدقيقة في أعماق رئات الأحياء لأول مرة.
تم العثور على الجسيمات في جميع العينات التي جمعت من أنسجة أزيلت من 13 مريضا خضعوا لعملية جراحية وعثر على مواد بلاستيكية دقيقة من مادة البولي إيثيلين تيريفثالات وصل 11 حالة.
وكانت الجزيئات الأكثر شيوعا هي البولي بروبلين المستخدم في التغليف والأنابيب المستخدم في الزجاجات.
وجدت دراستان سابقتان أن اللدائن الدقيقة تتواجد بمعدلات عالية في أنسجة الرئة على هيئة مادة البولى إيثيلين المأخوذة أثناء تشريح الجثث.
ومن المعروف بالفعل أن الناس يتنفسون الجزيئات الدقيقة، وكذلك يستهلكونها عن طريق الطعام والماء.
ومن المعروف أيضا أن العمال المعرضين لمستويات عالية من اللدائن الدقيقة قد أصيبوا بأمراض مزمنة ومهلكة.
وإنه لأمر مقلق أنه بالرغم من أن المسالك الهوائية تكون أصغر في الأجزاء السفلية من الرئتين لكن للأسف لم يتم ترشيح أو حبس جزيئات من هذه الأحجام قبل أن تصل إلى هذا العمق.
كما وجدت دراسة أجريت عام 2021 في البرازيل على عينات تشريح الجثث أن جزيئات بلاستيكية دقيقة وجدت في 13 من 20 شخصا تم تحليلهم، وكان متوسط أعمارهم أعلى من الدراسات السابقة التي تم تقييمها.
كان البولي إيثيلين المستخدم في الأكياس البلاستيكية أحد أكثر الجسيمات شيوعا.
وخلص الباحثون إلى أن: "النتائج الصحية الضارة قد تكون مرتبطة بهذه الملوثات في الجهاز التنفسي بعد الاستنشاق، وبالفعل وجدت دراسة أمريكية أجريت على مرضى سرطان الرئة عام 1998 أن الألياف البلاستيكية والنباتية (مثل القطن) في أكثر من 100 عينة في الأنسجة السرطانية، احتوت 97% من العينات على ألياف بلاستيكية.
وفي العام الحالي 2022 أظهرت أحدث الدراسات أنه تم اكتشاف جزيئات بلاستيكية دقيقة في دم الإنسان لأول مرة في مارس، مما يدل على أن الجسيمات يمكن أن تنتقل حول الجسم وقد تستقر في الأعضاء.
لكن للأسف مدى تأثيرها على الصحة غير معروف حتى الآن، لكن الباحثين قلقون من أن اللدائن الدقيقة تسبب تلفا للخلايا البشرية في المختبر، ومن المعروف بالفعل أن جزيئات تلوث الهواء تدخل الجسم وتتسبب في وفاة الملايين في وقت مبكر كل عام، وللأسف تم العثور على اللدائن الدقيقة في مشيمة النساء الحوامل، وفي الفئران الحامل تمر بسرعة عبر الرئتين إلى القلب والأدمغة والأعضاء الأخرى للأجنة.
قامت مراجعة حديثة بتقييم مخاطر الإصابة بالسرطان وخلصت إلى أن "هناك حاجة ماسة إلى مزيد من البحث التفصيلي حول كيفية تأثير المواد البلاستيكية الدقيقة على هياكل وعمليات جسم الإنسان، وما إذا كان بإمكانها تحويل الخلايا وتحفيز التسرطن وكيف يمكن ذلك، لا سيما في ضوء زيادة هائلة في إنتاج البلاستيك".
توصلت دراسة جديدة وهي الدراسة الأولى في العالم للبحث عن وجود مواد بلاستيكية في دم الإنسان إلى أنه تم اكتشاف جزيئات من البلاستيك في 77% من أولئك الذين تم اختبارهم، حيث اكتشفت قطع صغيرة من البلاستيك يقل قطرها عن خمسة مل وكان بلاستيك البولي إيثيلين تيرفثالات الأكثر استخداما لإنتاج زجاجات المشروبات وتغليف المواد الغذائية والملابس، هو أكثر أشكال البلاستيك انتشارا في مجرى الدم البشري.
وفي هذه الدراسة أخذ العلماء في هولندا عينات دم من 22 متبرعا بالغا سليما، وقاموا بتحليلها بحثا عن جزيئات صغيرة تصل إلى 0.00002 من البوصة (خمسة مل).
ووجد الباحثون أن 17 من أصل 22 متطوعا (77.2%) لديهم جزيئات بلاستيكية دقيقة في دمائهم - وهو اكتشاف وصف بأنه "مقلق للغاية''، وقال معد الدراسة البروفيسور ديك فيتاك، في جامعة فريجي بأمستردام في هولندا، لصحيفة الغارديان "دراستنا هي أول مؤشر على وجود جزيئات بوليمر في دمائنا - إنها نتيجة مذهلة.
ولكن علينا توسيع نطاق البحث وزيادة أحجام العينات وعددها"، واختبرت الدراسة، التي نشرت في مجلة البيئة الدولية، خمسة أنواع من البلاستيك:
ووجد الباحثون أن 50% من عينات الدم تحتوي على البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET)، وكان هذا أكثر أنواع البلاستيك انتشارا في العينات.
وهو عبارة عن بلاستيك شفاف وقوي وخفيف الوزن يستخدم على نطاق واسع لتعبئة الأطعمة والمشروبات، وخاصة المشروبات الغازية والعصائر والمياه ذات الحجم المناسب.
وفي الوقت نفسه، احتوى ما يزيد قليلا على الثلث (36%) على البوليسترين، المستخدم في التعبئة والتغليف والتخزين، بينما احتوى ما يقرب من الربع (23%) على البولي إيثيلين، الذي تصنع منه أكياس بلاستيكية.
ويوجد لدى شخص واحد فقط (5%) بولي ميثيل ميثاكريلات، ولا عينات دم بها بولي بروبيلين. والمثير للقلق، وجد الباحثون ما يصل إلى ثلاثة أنواع مختلفة من البلاستيك في عينة دم واحدة.
وقد تكون الاختلافات بين من كان لديهم جزيئات بلاستيكية في دمائهم والذين لم يكن لديهم، بسبب التعرض للبلاستيك قبل أخذ عينات الدم مباشرة.
والمدى للآثار الصحية لتناول الجسيمات البلاستيكية غير واضح حاليا، على الرغم من أن دراسة أجريت العام الماضي زعمت أنها يمكن أن تسبب موت الخلايا وردود الفعل التحسسية لدى البشر.
وكان قد عثر من قبل على اللدائن الدقيقة في المخ والأمعاء ومشيمة الأطفال، الذين لم يولدوا بعد وبراز البالغين والرضع، ولكن لم يحدث ذلك من قبل من عينات الدم.
ووفقا لدراسة أخرى لعام 2021، يمكن أن تسبب اللدائن الدقيقة التهابا معويا واضطرابات ميكروبيوم الأمعاء لدى البشر.
ووجدت دراسة أخرى نشرت العام الماضي أن اللدائن الدقيقة يمكن أن تشوه أغشية الخلايا البشرية وتؤثر على عملها.
وتشير التقديرات إلى أنه منذ الخمسينيات من القرن الماضي، تم إغراق أكثر من 70 مليون طن من اللدائن الدقيقة في المحيطات بسبب عمليات التصنيع الصناعية.
طريقة للتغلب على التلوث البلاستيكي:
يمكن تقليل المخاطر الناجمة عن استهلاك اللدائن الدقيقة، وذلك عن طريق تقليل الاعتماد على المنتجات البلاستيكية واستبدالها بمنتجات أخرى صديقة للبيئة ومصنعة من مواد قابلة للاستخدام المتعدد أو مصادر آمنة ومتجددة.
كذلك لا بد أن تقوم الحكومات بعمل مبادرات على الصعيد المحلي والعالمي للتخلص من المخلفات البلاستيكية الموجودة في المجاري المائية ولا سيما الأنهار والمحيطات. كذلك العمل على زيادة الوعي البيئي، وذلك من خلال نشر ثقافة استخدام الأكياس والشنط الصديقة للبيئة وعمل برامج تجميع للمخلفات البلاستيكية على مستوى الأحياء والتجمعات الصغيرة.
كذلك يجب على المجتمعات العلمية إيجاد الحلول المناسبة لإنتاج بلاستيك أو لدائن قابلة للتحلل.
العرفان: أتوجه بخالص الشكر لكرسي بنك البلاد للأمن الغذائي بالمملكة - عمادة البحث العلمي - وكالة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي - جامعة الملك فيصل، على المنحة الكريمة، كما أتوجه بخالص الشكر لسعادة البروفيسور عماد فرحات رئيس قسم النبات والميكروبيولوجي - كلية العلوم جامعة حلوان القاهرة - مصر، على المساهمة الكبيرة في إعداد وكتابة هذا المقال.
تتعدد أنواع الملوثات ومصادرها من بلد لآخر إلا أنه قد برز في الآونة الأخيرة نوع مهم من الملوثات، والذي يشترك فيه معظم دول العالم ألا وهو التلوث بالبلاستيك.
طبقا لدراسة حديثة أعدها حنا بشرو إكس روزر في عام 2018 وتم تحديثها عام 2022 وتم نشرها في مجلة our world data وجد أن التلوث بالبلاستيك له تأثير سلبي على الحياة البرية والمحيطات.
تعد الدول الأكثر دخلا هي المساهم الأكبر في معدل استهلاك البلاستيك للفرد، ورغم ذلك فإن معظم البلاستيك الموجود في المحيطات يأتي من أنهار الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وذلك لعدم وجود إدارة بيئية سليمة للمخلفات البلاستيكية مقارنة بالدول ذات الدخل العالي، وبتفصيل أكثر فإن إنتاج البلاستيك قد يتزايد في العالم ليصل إلى أكثر من 350 مليون طن في العام، وبإنتاج تراكمي يتعدى 7.8 بلايين طن في عام 2050، وهو ما يعادل أكثر من واحد طن من البلاستيك لكل فرد حي اليوم.
نحو 19.5% فقط من إنتاج البلاستيك يتم إعادة تدويره بينما يتم حرق 25.5% والتخلص من 55% منه في مكبات النفايات.
يعد قطاع التعبئة والتغليف أكبر المستخدمين للبلاستيك، يليه قطاع البناء والإنشاءات والمنسوجات بمعدل 59 مليون طن، لذا يعد قطاع التعبئة والتغليف المصدر الأساسي للمخلفات البلاستيكية وبقياس معدل إنتاج النفايات البلاستيكية للفرد في اليوم الواحد بالكيلوجرام، وتتسلل هذه النفايات البلاستيكية إلى المجاري المائية ومن ثم إلى المحيطات، لذا فإن الفلبين مسؤولة عن 36%، أي ثلث ما يتم تسريبه من النفايات البلاستيكية إلى المحيطات، تليها الهند بنسبة 12.9% والصين بنسبة 7.22% والبرازيل بنسبة 3.86% وإندونيسيا بنسبة 5.75%.
وتوجد أكثر النفايات البلاستيكية في المحيط الهادئ الشمالي والمحيط الهندي وشمال المحيط الأطلنطي.
تقسم النفايات البلاستيكية طبقا لحجمها إلى نفايات صغيرة ومتوسطة الحجم، وتنقسم إلى مايكروبلاستيك (اللدائن الدقيقة) الذي يتراوح حجمه ما بين 2 إلى 5 ميليمتر، ومكروبلاستيك الذي يصل حجمه إلى 20 ميليمتر.
يعد المايكروبلاستيك هو أحد منتجات تحلل البلاستيك والتي تظل عالقة لعقود في مياه المحيطات.
أقترح أندرادي (2011) ثلاثة مصطلحات: البلاستيك الوسيط (500 ميكرومتر إلى 5 مم)، واللدائن الدقيقة (50-500 ميكرومتر)، واللدائن النانوية (50 ميكرومترا)، ولكل منها مجموعة الخصائص الفيزيائية والتأثيرات البيولوجية.
مصادر الميكروبلاستيك (اللدائن الدقيقة) في البيئات الزراعية والأرضية:
يؤثر التلوث البلاستيكي على الأراضي عن طريق المواد الكيميائية الضارة التي تصل إلى التربة المحيطة وتتسرب إلى المياه الجوفية والنباتات وتؤدي إلى أضرار بالغة بالكائنات الحية التي تصلها هذه الجسيمات الدقيقة.
لا توجد دراسات كثيرة في العالم توثق تواجد المايكروبلاستيك في التربة.
اللدائن الدقيقة في التربة وفي النبات:
تشير التقديرات إلى أن النظام البيئي الأرضي يحتوي على عدة أنواع من البلاستيك الحيوي وتزيد كميته بمقدار 4-23 مرة عن في البداية، وجدير بالذكر أن البلاستيك الدقيق يمكنه تغيير الصفات الفيزيقية بالتربة وعلى رأسها طريقة تجمع حبيبات التربة والكثافة وسعة الاحتفاظ بالماء والخلايا، وقد تم العثور على اللدائن الدقيقة في تربة العديد من النظم البيئية الأرضية، بما في ذلك الحقول الزراعية والمدن والمناطق الصناعية، وكذلك المناطق النائية، ومعدل تحلل اللدائن الدقيقة في التربة غير معروف حاليا، والافتراض هو أن هذه المادة ثابتة، وبالتالي سوف تتراكم.
تشمل المصادر الرئيسية للبلاستيك الدقيق في التربة طبقة المهاد أو التغطية، وإضافة الحمأة، والتسميد، والري، والتخلي عن إطارات السيارات، والترسب الجوي. تم العثور على اللدائن الدقيقة ذات الأحجام والأشكال والأنواع المختلفة في أنواع التربة المختلفة في جميع أنحاء العالم.
يمكن أن يؤدي التلوث من المصادر المحددة (على سبيل المثال: حمأة مياه الصرف الصحي والري بمياه الصرف الصحي)، والتلوث من مصدر غير محدد (على سبيل المثال: طبقة النشارة الزراعية، وطمر النفايات، والتخلص من القمامة) إلى جلب المواد البلاستيكية الدقيقة إلى النظام البيئي للتربة.
قد يدخل المصدر المحمول جوا للجسيمات والألياف الدقيقة من مدافن النفايات إلى التربة من خلال الترسب الجوي.
يمكن أن تعمل الحيوانات المهاجرة أيضا كحاملات وتساعد في النقل لمسافات طويلة للمواد البلاستيكية الدقيقة.
في الأراضي الزراعية، المصدر الرئيسي للبلاستيك الدقيق هو محطات معالجة مياه الصرف الصحي، واستخدام حمأة مياه الصرف الصحي وأفلام التغطية الزراعية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساهم كائنات التربة أيضا في هجرة وتوزيع الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في التربة عن طريق تحويل المواد البلاستيكية الأكبر حجما إلى جزيئات بلاستيكية ثانوية ثم نقلها إلى الجزء الداخلي من التربة.
ترتبط أيضا هجرة اللدائن الدقيقة في التربة بخصائص التربة.
يمكن نقل اللدائن الدقيقة من سطح التربة إلى الأجزاء السفلية من التربة من خلال المسام البيولوجية الناتجة عن كائنات التربة وزراعة الأرض وشقوق التربة.
قد تشجع الحيوانات والحصاد والزراعة الهجرة الأفقية للمواد البلاستيكية الدقيقة.
أنواع النباتات التي تم العثور فيها على الميكروبلاستيك وأي الأنواع أكثر تلوثا به:
يمكن للبلاستيك المتحلل أن يطلق مواد كيميائية ضارة بالتربة المحيطة والتي تتسرب إلى المياه الجوفية والموارد المائية الأخرى ومنها إلى النظام البيئي مما يؤدي إلى وقوع أضرار بالغة بالكائنات الحية. من بين هذه الكائنات النباتات التي يتسلل إليها الميكروبلاستيك من خلال مياه الري، ينتقل الميكروبلاستيك خلال السلسلة الغذائية ويؤدي التراكم في المستويات الغذائية العليا لمشاكل كبيرة، حيث إن سطح الميكروبلاستيك قد يكون عامل جذب للعديد من أنواع الملوثات وعلى رأسها العناصر الثقيلة مثل "الكادميوم والكروميوم والرصاص" وغيرها من الملوثات العضوية، مثل المبيدات والمواد الهيدروكربونية عديدة الحلقات.
أيضا يؤثر الميكروبلاستيك بصورة سلبية على النباتات المائية والطحالب ويزداد الضرر بوجود مواد وملوثات سامة أخرى.
وجدت بعض الدراسات أن الميكروبلاستيك يؤدي إلى خفض البناء الضوئي في الخس مثلا، وللأسف الخضراوات الورقية والأجزاء الخضراء في النباتات تراكم أجزاء كبيرة من الميكروبلاستيك المحمول جوا.
كذلك تتسلل بعض جسيمات الميكروبلاستيك إلى النباتات من خلال التربة أو الثغور والتي تصل في النهاية إلى داخل النبات.
يوجد بعض الدراسات أن جسيمات الميكروبلاستيك الملتصقة على أسطح الأوراق تعمل على حجز أشعة الشمس وتقليل البناء الضوئي مثلما يحدث في حالة الطحالب المتواجدة بالمياه.
وجد أيضا أن ثغور الأوراق قد تكون مدخلا مهما للميكروبلاستيك خاصة البولسترين والذي يتراوح قطره من 43 نانوميتر إلى 1.1 ميكرومتر، والذي يؤثر سلبيا على التراكيب الداخلية للنبات. وأظهرت إحدى الدراسات البحثية في المكسيك أن الميكروبلاستيك كان متواجدا وبكثرة في عينات التربة وبأقطار تتراوح بين مئة وخمسة إلى خمسمائة ميكرومتر، وكانت ألياف البلاستيك وأجزاؤها متواجدة بكثرة في كل النظم البيئية التي تم دراستها.
وتختلف تأثيرات اللدائن الدقيقة على النباتات تبعا لأنواعها، وأشكالها، وأحجامها، وتركيزاتها. على هذا النحو، فإن أنواعا عديدة من اللدائن الدقيقة لها تأثيرات مميزة على نمو النبات، كما لوحظ ذلك في الخس والقمح والفاصوليا وبعض أنواع البصل.
لوحظت تأثيرات اللدائن الدقيقة على أداء النبات في الأفراد، على سبيل المثال: أظهر القمح انخفاضا في الكتلة الحيوية بعد التعرض للأغشية والألياف البلاستيكية، على التوالي، بينما أظهر بعض أنواع البصل المعرض للألياف تأثيرا معاكسا. وبالمثل، فإن الصفات المورفولوجية (على سبيل المثال: طول الجذر) في نبات بلانتاجو لانسولاتا (من الحزازيات) أظهرت استجابات متناقضة للجسيمات البلاستيكية الدقيقة، تشير هذه الاستجابات الفردية المختلفة إلى أن إضافة اللدائن الدقيقة إلى التربة لها تأثيرات متباينة على أنواع نباتية مختلفة داخل المجتمع، مما قد يؤثر على إنتاجية النبات وتركيب المجتمع. تمت دراسة الآليات التي تسمح بامتصاص وتراكم الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في النباتات الفردية على نطاق واسع في الخس والقمح وأنواع نباتية أخرى مثل Arabidopsis thaliana، تمت إضافة علامات الفلورسنت إلى اللدائن الدقيقة، ووجد أنه على نطاق ميكرون تم حبس هذه المواد وامتصاصها على سطح الجذر بسبب المخاط الذي يفرزه غطاء الجذر، ولا يمكن أن تتغلغل في قشرة الجذر أو تصل إلى الأوعية الناقلة.
ومع ذلك، يمكن لجزيئات اللدائن الدقيقة أو النانوية الدقيقة أن تدخل الجسم النباتي من خلال نظام الجذر وتصل إلى الجزء الموجود فوق سطح الأرض من النبات باستخدام سحب النتح في نظام الأوعية الدموية للجذور والسيقان، جنبا إلى جنب مع الماء والمغذيات.
بشكل عام، أظهر البولي إيثيلين أكثر التأثيرات سلبية على النباتات بينما أظهر أقلها تأثيرا خليط البلاستيك من البولي إثيلين منخفض الكثافة والبولي بروبيلين والبوليستر، كما أظهرت اللدائن الدقيقة آثارا سلبية أكبر مقارنة باللدائن الكبيرة.
وقد كان من المفترض عموما أن النباتات البرية لا تراكم البلاستيك الدقيق لأن جدران الخلايا تمنع دخوله بسبب حجمه الكبير نسبيا ولكن حديثا قدمت الدراسات البحثية دليلا على امتصاص النباتات للدائن الدقيقة، وتشير إلى أن المسام في جدار الخلية يمكن أن تكون مرنة، مما يسهل دخول اللدائن الدقيقة، ويختلف امتصاص الملوثات العضوية ونقلها وتراكمها من نوع نباتي إلى آخر حسب الصفات التشريحية والفسيولوجية المختلفة.
تتضمن بعض الخصائص البارزة للنباتات التي من المحتمل أن تؤثر على امتصاص الملوثات العضوية خصائص الجذر: (مساحة السطح - الكثافة - الحجم)، وخصائص النسيج الخشبي: (مساحة السطح - الحجم)، ومعدل النمو، والنتح، وإمكانات غشاء البلازما، ودرجة الحموضة في الفجوات والسيتوبلازم.
تتفاعل المواد البلاستيكية الدقيقة مع جذور النباتات بطرق مختلفة، على سبيل المثال: قد تتداخل المخلفات البلاستيكية مع نمو الجذر والشعيرات الجذرية، مما يضر بامتصاص الماء والمغذيات، ويسبب ذلك انخفاض معدل التمثيل الضوئي وزيادة الشوارد الحرة ومما يسبب الضعف والإجهاد للخلايا وتباطؤ نمو الجذر نتيجة لتراكم البولي إيثيلين، ويسبب زيادة تركيزات البيروكسيد وجذور الأكسجين الشاردة الحرة التي تضر المحتويات الخلوية وتدمر الخلايا.
ويعتمد أداء النبات بشكل كبير على الكائنات الحية في التربة وتنوعها، ولا سيما على الميكروبات المستعمرة للجذور، بما في ذلك مسببات الأمراض الفطرية.
إذا تسبب البلاستيك الدقيق في حدوث تغييرات في بنية التربة، فقد تؤثر على المجتمعات الميكروبية في التربة، مما قد يؤثر على معدلات التمعدن ومجتمعات الكائنات المصاحبة مع الجذور.
وبالمثل: قد تؤثر اللدائن النانوية أيضا على الفطريات الجذرية.
من المحتمل أن تؤثر التأثيرات الكبيرة لأنواع اللدائن الدقيقة المختلفة على بنية التربة على تكوين المجتمع النباتي. قد تؤدي الأغشية البلاستيكية، التي زادت من تبخر مياه التربة إلى جفاف أكثر وضوحا وبالتالي تعزيز نمو أنواع نباتية مقاومة للجفاف.
طرق انتقاله عبر السلسلة الغذائية للإنسان:
طبقا لبعض السيناريوهات البحثية الحديثة فإن كمية المايكروبلاستيك سوف تزداد في المحيطات والمجاري المائية بالعالم لتقفز من 2.5 مليون طن إلى 3.7 ملايين طن في 2050.
يؤثر المايكروبلاستيك على صحة النظام البيئي والحياة الفطرية بشكل سلبي.
فطبقا لدراسة أعدها روشمان عام 2016 وجد أن تأثير المايكروبلاستيك على الحياة الفطرية قد يكون من خلال حبس الحيوانات أو تطويقها أو التضييق عليها من خلال الحطام البلاستيكي.
يضاف إلى ذلك بلع الحيوانات للبلاستيك بقصد أو بدون قصد مما يؤثر على صحته.
كذلك تداخل البلاستيك في النظام البيئي يؤدي إلى تلف هذه النظم وقلة الضوء النافذ إليها.
يؤثر الميكروبلاستيك على الصحة وبخاصة المايكروبلاستيك ذا قطر 4.7 مليمترات، وذلك من خلال البلع المباشر أو عن طريق التغذية على حيوانات أخرى تغذت أو بلعت المايكروبلاستيك، فبعد بلع الحيوان للبلاستيك يحتل البلاستيك جزءا من معدة وأمعاء الحيوان مما يعمل على تقليل وإبطاء معدل الأيض وفي بعض الأحيان يؤثر أيضا على معدل التكاثر والنمو.
تؤثر المواد البلاستيكية بطريقة سلبية على التنوع البيولوجي عند دخولها السلسلة الغذائية على شكل جسيمات دقيقة غير مرئية أي -مايكروبلاستيك- مما يجعلها خطرا كبيرا يهدد صحة الحيوان والإنسان.
استهلاك النباتات الملوثة باللدائن البلاستيكية الدقيقة وكذلك الملح المستخرج من البحر يمكن أن تمثل تهديدا لصحة الإنسان.
يؤثر التلوث البلاستيكي بشكل سلبي على صحة الإنسان فمثلا عند تسخين هذه المواد البلاستيكية في الميكرويف يتسرب جزء من الجسيمات الدقيقة إلى الطعام ويبتلعها الإنسان وتؤثر هذه الجسيمات الدقيقة من البلاستيك على حالة الدماغ وقد تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم واختلال هرمون الغدة الدرقية وارتفاع مستواه.
وجد أيضا أن المايكروبلاستيك يدخل إلى جسم الإنسان من خلال بلع المياه أو استهلاك المنتجات البحرية المحتوية على المايكروبلاستيك.
كذلك يمكن أن يتسلل المايكروبلاستيك إلى الإنسان من خلال الجلد عند استخدامه لمستحضرات التجميل أو عند استنشاق جسيمات المايكروبلاستيك الموجودة في الهواء.
وجد أن هناك ثلاثة تأثيرات سامة لجسيمات المايكروبلاستيك عند دخولها إلى جسم الإنسان أولها الجسيمات في حد ذاتها، وانبعاث بعض المواد العضوية الملوثة والممتصة على سطح البلاستيك، وترشيح المضافات البلاستيكية.
مدى انتشار البلاستيك الدقيق فى الكائنات الحية:
تم اكتشاف التلوث باللدائن الدقيقة في أعماق رئات الأحياء لأول مرة.
تم العثور على الجسيمات في جميع العينات التي جمعت من أنسجة أزيلت من 13 مريضا خضعوا لعملية جراحية وعثر على مواد بلاستيكية دقيقة من مادة البولي إيثيلين تيريفثالات وصل 11 حالة.
وكانت الجزيئات الأكثر شيوعا هي البولي بروبلين المستخدم في التغليف والأنابيب المستخدم في الزجاجات.
وجدت دراستان سابقتان أن اللدائن الدقيقة تتواجد بمعدلات عالية في أنسجة الرئة على هيئة مادة البولى إيثيلين المأخوذة أثناء تشريح الجثث.
ومن المعروف بالفعل أن الناس يتنفسون الجزيئات الدقيقة، وكذلك يستهلكونها عن طريق الطعام والماء.
ومن المعروف أيضا أن العمال المعرضين لمستويات عالية من اللدائن الدقيقة قد أصيبوا بأمراض مزمنة ومهلكة.
وإنه لأمر مقلق أنه بالرغم من أن المسالك الهوائية تكون أصغر في الأجزاء السفلية من الرئتين لكن للأسف لم يتم ترشيح أو حبس جزيئات من هذه الأحجام قبل أن تصل إلى هذا العمق.
كما وجدت دراسة أجريت عام 2021 في البرازيل على عينات تشريح الجثث أن جزيئات بلاستيكية دقيقة وجدت في 13 من 20 شخصا تم تحليلهم، وكان متوسط أعمارهم أعلى من الدراسات السابقة التي تم تقييمها.
كان البولي إيثيلين المستخدم في الأكياس البلاستيكية أحد أكثر الجسيمات شيوعا.
وخلص الباحثون إلى أن: "النتائج الصحية الضارة قد تكون مرتبطة بهذه الملوثات في الجهاز التنفسي بعد الاستنشاق، وبالفعل وجدت دراسة أمريكية أجريت على مرضى سرطان الرئة عام 1998 أن الألياف البلاستيكية والنباتية (مثل القطن) في أكثر من 100 عينة في الأنسجة السرطانية، احتوت 97% من العينات على ألياف بلاستيكية.
وفي العام الحالي 2022 أظهرت أحدث الدراسات أنه تم اكتشاف جزيئات بلاستيكية دقيقة في دم الإنسان لأول مرة في مارس، مما يدل على أن الجسيمات يمكن أن تنتقل حول الجسم وقد تستقر في الأعضاء.
لكن للأسف مدى تأثيرها على الصحة غير معروف حتى الآن، لكن الباحثين قلقون من أن اللدائن الدقيقة تسبب تلفا للخلايا البشرية في المختبر، ومن المعروف بالفعل أن جزيئات تلوث الهواء تدخل الجسم وتتسبب في وفاة الملايين في وقت مبكر كل عام، وللأسف تم العثور على اللدائن الدقيقة في مشيمة النساء الحوامل، وفي الفئران الحامل تمر بسرعة عبر الرئتين إلى القلب والأدمغة والأعضاء الأخرى للأجنة.
قامت مراجعة حديثة بتقييم مخاطر الإصابة بالسرطان وخلصت إلى أن "هناك حاجة ماسة إلى مزيد من البحث التفصيلي حول كيفية تأثير المواد البلاستيكية الدقيقة على هياكل وعمليات جسم الإنسان، وما إذا كان بإمكانها تحويل الخلايا وتحفيز التسرطن وكيف يمكن ذلك، لا سيما في ضوء زيادة هائلة في إنتاج البلاستيك".
توصلت دراسة جديدة وهي الدراسة الأولى في العالم للبحث عن وجود مواد بلاستيكية في دم الإنسان إلى أنه تم اكتشاف جزيئات من البلاستيك في 77% من أولئك الذين تم اختبارهم، حيث اكتشفت قطع صغيرة من البلاستيك يقل قطرها عن خمسة مل وكان بلاستيك البولي إيثيلين تيرفثالات الأكثر استخداما لإنتاج زجاجات المشروبات وتغليف المواد الغذائية والملابس، هو أكثر أشكال البلاستيك انتشارا في مجرى الدم البشري.
وفي هذه الدراسة أخذ العلماء في هولندا عينات دم من 22 متبرعا بالغا سليما، وقاموا بتحليلها بحثا عن جزيئات صغيرة تصل إلى 0.00002 من البوصة (خمسة مل).
ووجد الباحثون أن 17 من أصل 22 متطوعا (77.2%) لديهم جزيئات بلاستيكية دقيقة في دمائهم - وهو اكتشاف وصف بأنه "مقلق للغاية''، وقال معد الدراسة البروفيسور ديك فيتاك، في جامعة فريجي بأمستردام في هولندا، لصحيفة الغارديان "دراستنا هي أول مؤشر على وجود جزيئات بوليمر في دمائنا - إنها نتيجة مذهلة.
ولكن علينا توسيع نطاق البحث وزيادة أحجام العينات وعددها"، واختبرت الدراسة، التي نشرت في مجلة البيئة الدولية، خمسة أنواع من البلاستيك:
- بولي ميثيل ميثاكريلات (PMMA).
- البولي إيثيلين تيريفثالات (PET).
- البولي إيثيلين (PE).
- البوليسترين (PS).
- البولي بروبيلين (PP).
ووجد الباحثون أن 50% من عينات الدم تحتوي على البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET)، وكان هذا أكثر أنواع البلاستيك انتشارا في العينات.
وهو عبارة عن بلاستيك شفاف وقوي وخفيف الوزن يستخدم على نطاق واسع لتعبئة الأطعمة والمشروبات، وخاصة المشروبات الغازية والعصائر والمياه ذات الحجم المناسب.
وفي الوقت نفسه، احتوى ما يزيد قليلا على الثلث (36%) على البوليسترين، المستخدم في التعبئة والتغليف والتخزين، بينما احتوى ما يقرب من الربع (23%) على البولي إيثيلين، الذي تصنع منه أكياس بلاستيكية.
ويوجد لدى شخص واحد فقط (5%) بولي ميثيل ميثاكريلات، ولا عينات دم بها بولي بروبيلين. والمثير للقلق، وجد الباحثون ما يصل إلى ثلاثة أنواع مختلفة من البلاستيك في عينة دم واحدة.
وقد تكون الاختلافات بين من كان لديهم جزيئات بلاستيكية في دمائهم والذين لم يكن لديهم، بسبب التعرض للبلاستيك قبل أخذ عينات الدم مباشرة.
والمدى للآثار الصحية لتناول الجسيمات البلاستيكية غير واضح حاليا، على الرغم من أن دراسة أجريت العام الماضي زعمت أنها يمكن أن تسبب موت الخلايا وردود الفعل التحسسية لدى البشر.
وكان قد عثر من قبل على اللدائن الدقيقة في المخ والأمعاء ومشيمة الأطفال، الذين لم يولدوا بعد وبراز البالغين والرضع، ولكن لم يحدث ذلك من قبل من عينات الدم.
ووفقا لدراسة أخرى لعام 2021، يمكن أن تسبب اللدائن الدقيقة التهابا معويا واضطرابات ميكروبيوم الأمعاء لدى البشر.
ووجدت دراسة أخرى نشرت العام الماضي أن اللدائن الدقيقة يمكن أن تشوه أغشية الخلايا البشرية وتؤثر على عملها.
وتشير التقديرات إلى أنه منذ الخمسينيات من القرن الماضي، تم إغراق أكثر من 70 مليون طن من اللدائن الدقيقة في المحيطات بسبب عمليات التصنيع الصناعية.
طريقة للتغلب على التلوث البلاستيكي:
يمكن تقليل المخاطر الناجمة عن استهلاك اللدائن الدقيقة، وذلك عن طريق تقليل الاعتماد على المنتجات البلاستيكية واستبدالها بمنتجات أخرى صديقة للبيئة ومصنعة من مواد قابلة للاستخدام المتعدد أو مصادر آمنة ومتجددة.
كذلك لا بد أن تقوم الحكومات بعمل مبادرات على الصعيد المحلي والعالمي للتخلص من المخلفات البلاستيكية الموجودة في المجاري المائية ولا سيما الأنهار والمحيطات. كذلك العمل على زيادة الوعي البيئي، وذلك من خلال نشر ثقافة استخدام الأكياس والشنط الصديقة للبيئة وعمل برامج تجميع للمخلفات البلاستيكية على مستوى الأحياء والتجمعات الصغيرة.
كذلك يجب على المجتمعات العلمية إيجاد الحلول المناسبة لإنتاج بلاستيك أو لدائن قابلة للتحلل.
العرفان: أتوجه بخالص الشكر لكرسي بنك البلاد للأمن الغذائي بالمملكة - عمادة البحث العلمي - وكالة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي - جامعة الملك فيصل، على المنحة الكريمة، كما أتوجه بخالص الشكر لسعادة البروفيسور عماد فرحات رئيس قسم النبات والميكروبيولوجي - كلية العلوم جامعة حلوان القاهرة - مصر، على المساهمة الكبيرة في إعداد وكتابة هذا المقال.