أحمد الحجيلان

طالب الدراسات العليا ودروس السباحة: تكاملية الأدوار لاقتصاد متين مستدام وتنمية مستدامة

الأربعاء - 15 يونيو 2022

Wed - 15 Jun 2022

يلمس المراقب للحراك المعرفي في المملكة العربية السعودية توجهها نحو الاقتصاد المعرفي، وذلك من أجل الوصول إلى أعلى الدرجات في الريادة على شتى الأصعدة ذات العلاقة.

ومع تنوع الأساليب لتحقيق هذه الغاية تبرز أهمية مجال الأبحاث والدراسات العلمية.

وفي نطاق الجامعات يتمحور هذا المجال حول أعضاء هيئة التدريس وطلبة الدراسات العليا كأكبر نسبة منتجة للأبحاث والدراسات العلمية، إضافة لأساتذة اللغة ومساعدي الباحثين.

ونظرًا للتوسع الكبير في برامج الدراسات العليا في الجامعات السعودية في السنوات الأخيرة وما يصاحب ذلك من زيادة في أعداد طلاب وطالبات الدراسات العليا والنتاج البحثي لهم كون بعض الجامعات تشترط النشر العلمي قبل الموافقة على تشكيل لجان المناقشات الخاصة برسائلهم العلمية، كان لزاما التطرق إلى إحدى المعضلات والتي – برأيي الشخصي- تتجاوز تبعاتها السلبية الطالب نفسه لتشمل القسم والكلية وحتى الجامعة.

ما أقصده هنا هو كتابة الأبحاث والرسالة العلمية المجودة والرصينة من قبل طلبة الدراسات العليا.

من الأمور الصادمة أن توصيف المقرر لبعض المقررات الدراسية في برامج الدراسات العليا هو: أستاذ جامعي يقوم بإلقاء محاضرة – اختبار أعمال سنة – اختبار نهائي!! وفي رأيي أن الدراسات العليا -بهذا الوضع- أبعد ما تكون عن الغاية المراد منها.

فبعض البرامج وأعضاء هيئة التدريس يُقدمون للطالب النظريات المعرفية دون أي تدريب عملي أو ممارسة من خلال الواجبات والأبحاث.

وعند الشروع بكتابة الرسالة العلمية يتفاجأ المشرفون الأكاديميون أن الطالب لا يعرف كيفية تطبيق ما درسه (كاختيار موضوع، واستخدام البرامج الإحصائية، وإجراء الدراسات، ومقارنة النتائج، إلخ). وهذا للأسف له تبعات سلبية تنعكس على الطالب بشكل أكبر كونه محور العملية التعليمية هنا بالإضافة للقسم والكلية والجامعة، ومنها:

  • حصول الطالب على الإنذارات الأكاديمية نتيجة لتأخره في كتابة الرسالة العلمية.

  • تأخر تخرج الطالب.

  • تكدس الطلاب.

  • اضطرار الطالب لدفع رسوم مالية نتيجة تمديد فترة دراسته كون معظم برامج الدراسات العليا برسوم مالية حاليا.

  • كتابة رسائل علمية متواضعة بسبب قبول المشرف بأي مخرج من الطالب وذلك حتى لا يتأخر الطلاب في التخرج أو منعا للتكدس.

  • إغلاق برامج الدراسات العليا في الأقسام والكليات بسبب تكدس الطلاب ووصول المشرفين الحد الأعلى المسموح به للإشراف.

  • حرمان بعض الطلبة المتميزين من الالتحاق ببرامج الدراسات العليا بسبب إغلاقها.




وحتى لا يفهم من كلامي بأنني أصور طالب الدراسات العليا بالضحية والمغلوب على أمره وأيضا لتفادي التبعات الآنفة الذكر لابد من التأكيد على أن الحل يأتي من ثلاثة مصادر رئيسة:

المصدر الأول: طبيعة البرامج والمقررات الدراسية

توصيف برنامج الدراسات العليا يجب أن يشمل على مقررات تُدرب الطلاب على مهارات البحث و تُهيئهم للعملية البحثية بدءًا من اختيار الفكرة و انتهاءً بكتابة بحث كامل. وينطبق ذلك أيضا على توصيفات المقررات الدراسية.

فالدرجات لا تكون محصورة في الاختبارات فقط، بل يجب أن يكون هناك تنوع في الأنشطة البحثية، مثل: كتابة ملخص لمقال علمي، إحضار مقالات علمية منشورة تناسب موضوع المحاضرة القادمة، كتابة نقد لمقال علمي (سواء بقبول أو رفض ما ذُكر بالمقال العلمي مع إبداء الأسباب)، كتابة مقترح بحثي، كتابة مشروع بحثي، وغيرها.

المصدر الثاني: عضو هيئة التدريس

يعد عضو هيئة التدريس أحد المصادر الرئيسة في تطوير مهارات الطالب البحثية، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر.

وتكمن مساهمته في عدة نقاط، منها: توفير الساعات المكتبية، عرض بعض المقالات العلمية الجيدة وأخرى سيئة وتوضيح الفروقات بينها، تزويد الطلبة بالتغذية الراجعة بشكل مستمر فيما يخص الكتابة الأكاديمية والمهارات البحثية، إمدادهم ببعض الملفات والمواقع على الشبكة العنكبوتية والتي ستفيدهم بتطوير مهاراتهم البحثية، وغيرها.

المصدر الثالث: طالب الدراسات العليا

قبل الحديث عن كيفية قيام الطالب بتطوير مهاراته البحثية، لا بد من أن يعي الطالب ويدرك أن مرحلة الدراسات العليا تختلف عن سابقاتها من المراحل في عدة نقاط، ويأتي في مقدمتها أن الطالب مسؤول عن الجزء الأكبر من العملية التعليمية؛ لذا يجب عليه البحث عن تطوير مهاراته بنفسه وعدم انتظار المساعدة من مصادر أخرى.

وباستطاعة الطالب تنمية مهاراته من خلال البحث عن الدورات العلمية في مجال البحث العلمي وحضورها، طلب ساعات مكتبية من أعضاء هيئة التدريس، المواقع الكثيرة الموجودة في الشبكة العنكبوتية التي تحتوي على معلومات شاملة في تفاصيل البحث العلمي، الاستفادة من خبرة من سبقوهم من الطلاب، الاطلاع وقراءة الكثير من المقالات العلمية في المجلات العلمية الرصينة وكذلك الرسائل العلمية، وغيرها.

أخيرا، تكاملية الأدوار بين البرامج والمقررات الدراسية وعضو هيئة التدريس وطالب الدراسات العليا أمر بالغ الأهمية من أجل نتاج بحثي رصين كونه أحد ركائز الاقتصاد المتين المستدام والتنمية المستدامة.

@ascgs1