فيصل الشمري

بايدن والانتخابات النصفية

الثلاثاء - 14 يونيو 2022

Tue - 14 Jun 2022

يتوقع معظم المعلقين والمحللين السياسيين وفق المعطيات الحالية في الولايات المتحدة حدوث كارثة سياسية كبيرة للرئيس بايدن والحزب الديمقراطي في الانتخابات النصفية القادمة للكونجرس في نوفمبر 2022، واحتمالية فقدان الحزب أغلبيتهم في مجلس النواب ومجلس الشيوخ واردة جدا، كما أنهم في وضع لا يحسدون عليه بشدة في الانتخابات الرئاسية القادمة سنة 2024 إذا ظل تخبط الإدارة في قيادة الولايات المتحدة (مجلس الشيوخ).

التداعيات كثيرة لمثل هذه الانتكاسة السياسية المحتملة، على رأسها تصور رئاسة بايدن كرئاسة (duck lamentpreside) البطة العرجاء. يستخدم هذا التعبير للإشارة إلى أن الرئيس لا حول له ولا قوة في الأشهر الأخيرة من ولايته الرئاسية بعد انتخاب خلف له.

في حالة جو بايدن، سوف يبقى أكثر من عامين قبل أن يغادر البيت الأبيض إذا لم يعد انتخابه في نوفمبر 2024 أو إذا رفض لدخول الانتخابات أو ضغط عليه من قبل قادة الحزب لعدم الترشح، يعني ذلك فقدان السلطة من قبل الرئيس بايدن وعدم استطاعته تمرير أجندته لمدة عامين دون قرارات رئاسية يستطيع الجمهوريون تعطيلها. سوف يواجه الحزب الديمقراطي حالة استياء كبيرة من قبل أنصاره، يمكن ما يحدث أن يشكل تهديدا للنظام السياسي للولايات المتحدة بوجود فرع تنفيذي للحكومة غير قادر على الحكم.

بالتدقيق التحليلي للعديد من العوامل السياسية يوضح لنا إذا أصبحت رئاسة الرئيس بايدن «بطة عرجاء» سوف يسبب ذلك إشكالية حقيقية للسلطة التنفيذية وطبيعتها في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب طول المدة «السنتين» حتى الانتخابات الرئاسية القادمة.

هناك تحد ينبع من وجود نظام سياسي ثنائي الأحزاب، وطبيعة الحكم الديمقراطي حيث يتم التنازع على المناصب السياسية بقوة، ويحاول كل طرف تقويض شرعية ومكانة الطرف الآخر.

بالإضافة، هناك أيضا اعتراضات حقيقية على سياسات بايدن، على سبيل المثال، يعارض الكثير برنامجه الراديكالي في الحفاظ على البيئة بوضع قيود كبيرة على شركات الطاقة، وذلك غير مرحب به في العديد من الدوائر الانتخابية بالكونجرس.

الإنفاق الاجتماعي الضخم المقدر بـ 3.5 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات فرض القيود على الاقتصاد ومحاولة إلغاء جميع استراتيجيات إدارة ترمب الاقتصادية ورفع الضرائب على الطبقة المتوسطة والغنية مما زاد نسبة التضخم في البلاد الذي يشعر به المواطن الأمريكي والمقيم بشكل مباشر.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التغييرات الديموغرافية تتبلور وتلخص الاتجاهات السياسية المهمة داخل السياسة والمجتمع الأمريكي، وكمثال على ذلك، يخسر الحزب الديمقراطي تدريجيا أصوات السكان ذوي الأصول الإسبانية باستمرار، أحد الأسباب يعزو هذه الخسارة إلى وجهة نظر العديد من ذوي الأصول الإسبانية بأن الديمقراطيين ليبراليون ويساريون للغاية فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية مثل الإجهاض وزواج المثليين.

علاوة على ذلك، فإن المشاعر السياسية داخل أمريكا في الوقت الحاضر أصبحت أكثر محافظة. يستاء العديد من الأمريكيين من تحيز وسائل الإعلام الليبرالي واليساري لمؤسسة الحزب الديمقراطي بميولها النخبوية واليسارية، لديهم إعجاب أقل بشخصيات بيل وهيلاري كلينتون وباراك وميشيل أوياما ونانسي بيلوسي وتشاك شومر وآخرين. الأهم من ذلك، أن شعارا «إنه التضخم الغبي للاقتصاد»، الذي نسف رئاسة جورج هربرت ووكر بوش والجمهوريين في عام 1992، لا يزال وثيق الصلة اليوم بقدر ما كان مهِما قبل ثلاثة عقود.

يعرف كل أمريكي أن أسرع ارتفاعا لأسعار كل سلعة خلال أربعة عقود يكلف الأسرة الأمريكية الكثير من المال، والأسوأ من ذلك، هناك اعتقاد بين الأمريكيين بأن مثل هذا الاتجاه الاقتصادي السلبي سيستمر لفترة طويلة، وأن البيت الأبيض لا يفعل الكثير لحل هذه المشكلة.

تاريخيا، خسر الحزب الحاكم انتخابات التجديد النصفي، وهذا له علاقة بالعديد من العوامل بما في ذلك الفكرة العامة التي يلتزم بها الأمريكيون والتي تتمثل في تحقيق التوازن السياسي من خلال توزيع المناصب السياسية بين الحزب الحاكم والحزب في المعارضة.

ومع ذلك، أدى منطق الحكومة المنقسمة إلى أزمات كبيرة في نظام الحكم الأمريكي وإلى الجمود في الكثير من العمل السياسي بواشنطن العاصمة، وإذا كان التقلب السياسي هو السمة الرئيسة للثقافة السياسية الأمريكية في الوقت الحاضر، فإن أكبر مظاهرها هي انتخابات منتصف المدة للكونجرس عندما يدلي الملايين من الأمريكيين بأصواتهم للحث على التغييرات السياسية التي يرغبون في تنفيذها.

على مستوى القواعد الشعبية، يعمل الجدل حول الإجهاض على تنشيط اليمين الأمريكي في أكثر من ولاية مثل أوكلاهوما، على سبيل المثال المشرعون المحليون يقرون قوانين تقيد الإجهاض.

أخيرا، قد تضر الحرب في أوكرانيا بالثروات السياسية للرئيس بايدن، إذا فاز بوتين فستكون خسارة كبيرة لبايدن، وإذا استمرت الحرب لفترة طويلة، فسيختلف الأمريكيون مع بايدن حول حكمة استمرارها، أما في حالة هزيمة بوتين، سيظل العديد من الأمريكيين يتساءلون عن التكلفة.

في النهاية، يمكن أن تكون الانتخابات بمثابة استفتاء على بايدن ورد فعل عنيف ضد العديد من سياسات الديمقراطيين.

ربما لا أحد يعرف أن رئاسة البطة العرجاء بدأت مع اعتبار بايدن ضعيفا جسديا وغير متيقظ عقليا، وهذا يعني أن المعركة بين مستشاريه ربما تكون قد بدأت بالفعل.

ربما تتولى نائبة الرئيس كاميلا هاريس الدور الأكبر في إدارة البلاد، قد تكون هذه قضية سيستخدمها الجمهوريون ضد الديمقراطيين.

قد تكون النتيجة النهائية للانتخابات عودة ظهور دونالد ترمب أو مرشح قوي عن الحزب الجمهوري بدعم ترمب، وقد يكون ترمب هو صانع القادة المضطرب في السياسة الأمريكية خاصة إذا فاز مرشحوه بالعديد من المقاعد في انتخابات الكونجرس.

mr_alshammeri@