مرزوق بن تنباك

السؤال الذي يجب طرحه

الثلاثاء - 14 يونيو 2022

Tue - 14 Jun 2022

من منا نحن المسلمين من لا يدافع عن نبينا محمد - عليه الصلاة السلام وعلى آله وصحبه الكرام -، ولكن كيف يكون الدفاع وما نوعه؟

ومن هم الأعداء الذين يهب المسلمون لصدهم عن الرسول وحمايته من عدوانهم؟ لننظر إلى القرآن وماذا قال وكيف كذب الأعداء الأولين الذين قالوا كما نقل القرآن قولهم: (إن تتبعون إلا رجلا مسحورا، وقالوا شاعر نتربص به ريب المنون، أم يقولون به جنة، فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون).

هذه بعض أقوال الأعداء الأولين الذين واجهوا النبي بعداوتهم وبهتانهم وهو حي بينهم وقد رد الله كيدهم إلى نحورهم وأخبر نبيه بما يقولون ونفى مزاعمهم بالحق المبين.

وما خلا عصر من العصور منذ ذلك التاريخ إلى يوم الناس هذا من مؤمنين به وبرسالته ينتشرون، ومن أعداء له ولرسالته يكبتون وينقمعون ولم يضره -عليه أفضل الصلاة والسلام- من جحد وأنكر بل ذهب وذهب عدوانه ولم يذكر.

وفي عصرنا الحالي جاء من كانوا على دين أسلافهم بالجحود والعدوان وكانوا نكرات لا يؤبه لهم بشأن، مثل سلمان رشدي وروايته وشياطينه فوجد مع الأسف الشديد من نشر فكره ومن رفع ذكره وجعل العالم كلها تعرفه وتقرأ شياطينه وهم المسلمون الذين أعلنوا الحرب على هذا النكرة الجاحد وأهدروا دمه وهي حرب انتهت بنتيجة ضد ما أرادوا. فلولا ثورتهم ودفاعهم لما عرف سلمان رشدي وعرفت روايته ولكان مصير الرواية وكاتبها الإهمال والنسيان.

والنتيجة أن المرء يقع في غاية الحيرة بين مشروعية الدفاع عن الرسول ونتائجها الكارثية على الإسلام، إذ قرأ كفر سلمان رشدي وشياطينه البشر كافة وانتشرت روايته في الآفاق وكسب منها المال الكثير ونال سمعة لا يستحقها ولم تخطر له على بال وصدق العالم ما قال بصفته كان مسلما يعرف الإسلام كما ظنوا ويقول عنه ما يعرفه.

وقد دفعت تلك الحادثة والرواية الشيطانية إلى أن أصبح كل من يريد أن ينال شهرة ومكانة ومالا يعمد إلى شيء مشابه لما صنع صاحب الرواية الشيطانية، ومنهم الرسام الدانمركي الذي وضع الرسوم المسيئة للرسول فأعاد المسلمون الثورة وانتشرت الرسوم وصاحبها، وبعدهما مجلة شارل إيبدو في فرنسا وما نشرت منذ سنوات وما أحدثت من ضجيج في العالم وما ترتب عليها من القتل والدماء وكلها كانت نتائجها في صالح الأعداء للمسلمين والإسلام.

وبعد الأفراد الذين قد تفسر أعمالهم بأنها حرية شخصية كما يزعمون يأتي الناطق لحزب حاكم لدولة يبلغ سكانها المسلمون مئات الملايين فينال من الإسلام ونبيه ومن تعاليمه وقد أحسنت الدول العربية والإسلامية التي تبنت الرد عليه وعلى مزاعمه الباطلة.

والسؤال الذي يجب طرحه بعد أن عرفنا أننا نحن المسلمين لا نستطيع إسكات العالم عما يقولون ويفعلون، وما نقوم به هو عمل عاطفي تكون نتائجه لصالح أعداء الإسلام وأعداء الرسول؛ فما العمل الأمثل الذي نواجه به أعداء الإسلام ونبيه وأهله؟

ما يجب أن يقوم به المسلمون ليس الثورة العاطفية التي تنتهي بنهاية الإثارة، ولكن هو أن يعرض المسلمون تعاليم دينهم الصحيحة بصورة نقية صافية منقحة مما أضافته القرون من تأويلات وتفسيرات واجتهادات لوثت نقاء تعاليم الإسلام وشفافيتها وأضافت لها ما ليس منها كأقوال الرجال واجتهادات الفقهاء والخلافات السياسية والطائفية التي صبغت بصبغة التعاليم الإسلامية وما هي منها بشيء، ونضرب مثالا واحدا هو: حين يقرأ الناس غير المسلمين أن المرأة المسلمة تمنع من العمل بحجة دينية وتمنع من التعليم بحجة دينية وتمنع من السفر ومن قيادة السيارة بحجة دينية وغير ذلك مما هو في دائرة المباح الواسعة التي ضيقها أصحاب سد الذريعة، هذا هو مدخل الأعداء وحجتهم، والرد المسكت عليهم أن يعمل المسلمون بصحيح الإسلام وتعاليمه، وأن يجردوا نصوص التراث مما علق به من اجتهادات جدلية افتراضية وأحاديث ضعيفة أو موضوعة تدور على ألسنة العوام وكأنها من تعاليم الإسلام، وأن ينظروا في أحاديث الأحاد وما يفهم منها وما يترتب عليها من أحكام ولا سيما تلك التي تنسب للنبي المعجزات والخوارق التي لا تحدث للبشر كتكليم الحجر والشجر وما لا تقوم به عادة البشر، والنبي عليه السلام بشر مثلنا وقد أكد القرآن بشريته (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي) فخصوصيته الوحي، وبشريته عامة كما جاء قوله تعالى: (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء).

Mtenback@