عبدالله قاسم العنزي

التعسف في استعمال حق الحضانة

الاحد - 12 يونيو 2022

Sun - 12 Jun 2022

تحظى حقوق المحضون وقضاياه باهتمام كبير من المجتمع ومؤسساته المختلفة ابتداء من الأسرة باعتبارها الوحدة الاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الطفل ويتفاعل مع أعضائها، ونلاحظ أن الشريعة الإسلامية أولت عناية كبيرة للطفل فشرعت الكثير من الأحكام المتعلقة به محافظة منها على قيام المجتمع على أتم وجه، وتعد الحضانة من أهم المسائل التي أقرتها لأجل توفير الحماية المادية والمعنوية للمحضون.

إن الظاهرة التي تستحق النظر أن الحضانة لها طبيعة ازدواجية بين الأب والأم مما ينشأ عنها وجود خلاف ونزاع حول الحق في الحضانة لاعتبار أن كلا الأبوين يعتبر نفسه على صواب ويرى نفسه الأجدر لمصلحة المحضون ومن هنا يأتي دور المنظم لحماية حقوق المحضون والموازنة بين الحقوق ومنع التعسف في استعمال ذلك الحق.

ومما يجدر استحضاره بعد هذه المقدمة أن المنظم السعودي في نظام الأحوال الشخصية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/73) وتاريخ 6/8/1443هـ سعى إلى الإلمام بظروف وضروريات الطفل المحضون حرصا منه على حمايته وحماية حقوقه تحت مبدأ مراعاة مصلحة المحضون.

والواقع في أروقة الأسر المشتتة أو المنفصلة يجد أن هناك تعسفا في استعمال الحق المشروع لكلا الأبوين بقصد المضار في الآخر، على العلم أن الحضانة حق من حقوق المحضون وأمانة في يد المكلف بها لتحقيق مصلحة مقصودة شرعا ونظاما، وتتمثل صورة الحيف والتعسف بين الأبوين في هذه المسألة على صورتين:

الأولى: التعسف في نفقة المحضون، بحيث يكون المحضون في غير مأمن مالي والمتفق عليه بين الفقهاء أن مؤونة الحضانة تكون من مال المحضون فإن لم يكن له مال فعلى الأب أو من تلزمه نفقته، وقد نصت المادة الـ46 من نظام الأحوال الشخصية أنه يراعى في تقدير النفقة حال المنفق وسعته ومن هنا تقدر النفقة على نحو سعة وقدرة الأب من توفيره من مال شهري لمؤنة حضانة ولكن بعض الأمهات تقوم بتبذير المال نكاية بالأب ومحاولة إرهاقه بالنفقة الأمر الذي يجعل المحضون في عوز في ملبسه أو مأكله أو غيره من الضروريات التي يحتاج إليها ومثل هذا السلوك غير المسؤول يعد من مسقطات حق الحضانة للأم لأن فيه إضرار في مصلحة المحضون أو في المقابل يمتنع الأب عن تقديم النفقة في وقتها المحدد بحكم قضائي ويعد ذلك السلوك جريمة وشكلا من أشكال التعسف بتخلي الأب عن التزاماته الشرعية وقد عالجت المادة الـ59 من نظام الأحوال الشخصية أن للأم الإنفاق على الولد إن كانت موسرة وتكون دينا على الأب ترجع بها إن كان نوت الرجوع على الأب مع مراعاة أن دعوى المطالبة بنفقة المحضون السابقة لا تسمع بعد سنة وتسقط بالتقادم.

ثانيا: التعسف في زيارة ورؤية المحضون، بأن يمتنع الحاضن من تمكين رؤية المحضون أو زيارته، والملاحظ أن المنظم السعودي في نظام الأحوال الشخصية عند تنظيمه لحق الزيارة جاء مقتضبا فلم يوضح الكيفية في استعمال الحق ولا حتى مدة ممارسة هذا الحق وترك الأمر بعد الخلاف عليه سلطة تقديرية للقاضي يقدرها وفق ما يحقق مصلحة المحضون.

والزيارة حق من حقوق المحضون التي لا يجوز تجاوزها لأنها لون من ألوان صلة الرحم والتربية للطفل المحضون، وقد تتعسف بعض الأمهات بمنع زيارة المحضون سواء من والده أو من تعين زيارته من أقاربه ويعد ذلك مسقطا من مسقطات حق الحضانة لها وفي المقابل قد يتعسف الأب بأخذ المحضون عنده عدة أيام بقصد النكاية في الأم من هنا كان الدور الكبير لسلطة محكمة الموضوع في ضبط مثل هذه السلوكيات غير المسؤولة.

ختاما: ما ننتهي به أنه إذا أتم المحضون (الخامسة عشرة) من عمره فله الاختيار في الإقامة لدى أحد والديه ما لم تقتض مصلحته خلاف ذلك وتنتهي الحضانة إذا أتم المحضون (ثمانية عشر) عاما سوءا كان شابا أو فتاة.

expert_55@