محمد النفاعي

كي لا تقع في مصيدة الزميل كوكو

الاحد - 12 يونيو 2022

Sun - 12 Jun 2022

وقع بصري على نص شعري جميل بعنوان طائر الوقواق، من ضمن هذا النص أقتبس ما يلي «بعيون الصقر يراقب طير الوقواق المشهد. مرت ساعات والوقواق صبور، ينتهز الفرصة ثم يحلق في الجو، تخرج أنثى القصب من العش، فيصدر صوتا جرسيا، وبسرعة برق ترقد أنثاه، لتضع البيضة، ثم تغادر، هذا العمل السري ذكي ما من أحد يلمحه. طير الوقواق المتطفل يحمل أسرار الذاكرة ويدفنها في الليل، ويحرق كل الأوراق. قال وقد بلغ من العمر عتيا: هذا شأني أبني على أشلاء طيور القصب البلهاء فراخي، أتأمل في الصمت البارد تاريخي...».

يؤكد علم الطيور «إورنثولوجيا» ما جاء في هذا النص الشعري الرائع، حيث تقول الحقيقة العلمية إن طيور الوقواق تتميز عن باقي الطيور بميزة الحضانة المتطفلة. فطائر الوقواق عند التكاثر تقوم الأنثى بوضع بيوضها في أعشاش الطيور الأخرى، بمعدل بيضة واحدة في كل عش حتى لا تشعر الطيور صاحبة الأعشاش بالفرق أو بأنه تم إضافة بيضة إلى أعشاشها ومن ثم تقوم بحضانتها وتربيتها على أساس أنها من فراخها حتى تكبر.

هذه الميزة جعلت علماء علم الحشرات «إنتومولوجيا» يطلقون على أحد أنواع الدبابير اسم «دبور الوقواق». هذا الدبور الذي اسمه الأصلي هو دبور «كوكو» يتميز بأنه ذو ألوان زاهية وجسد براق جميل، يقوم هذا الدبور الانتهازي بوضع بيوضة في عش نوع آخر من الدبابير كما يفعل طائر الوقواق تماما، وحين يفقس صغاره فإنهم يلتهمون بيوض الدبور المضيف ويكبرون في رعايته أيضا.

السؤال هنا، ما علاقة ما يفعله طائر الوقواق والدبور كوكو بالمجتمع الوظيفي وبيئة العمل؟

أرى أنه في بيئة العمل وداخل المجتمع الوظيفي يأتينا الخطر من الزملاء الوقواقين، حيث يعيش بيننا القلة القليلة ممن هم على شاكلة «كوكو» وللأسف.

هم وللأسف زملاء لنا في المجتمع الوظيفي وقد يكونون مدراءنا أيضا، أهدافهم كما يبدو جميلة وسامية في ظاهرها كما يبدو الدبور كوكو، ولكنهم قطعا أخطؤوا في الوسيلة والكيفية للوصول إلى النجاح المهني. الزميل الوقواقي أو الزميل كوكو هو الموظف المعروف بسارق المجهود الشخصي أو سارق الفضل Credit Hunters، أخطأ الهدف والوسيلة معا.

الصور والمواقف كثيرة ومتنوعة في بيئة العمل التي هم أبطالها، هنا أتذكر واقعة حدثت لي شخصيا والتي ليس لها تفسير الآن إلا أن من قام بها كان كوكو. ففي إحدى المرات قمت بمبادرة لتحسين الأعمال وشاركت الفكرة مع أحد الزملاء في القسم، بعد مدة اكتشفت أن هذه المبادرة والفكرة نسبها أحدهم لنفسه مع تغيير بسيط جدا فيها بعد أن سبقني وعرضها على الإدارة العليا. من المؤسف حقا أن سمة سرقة الفضل هي سمة ابتلي بها قلة ونقلوها معهم إلى بيئة العمل لتحقيق مكاسب شخصية حسب مبرراتهم وقيمهم الشخصية والتي حتما تتعارض مع قيم المؤسسات التي يعملون بها، بصرف النظر عن المصلحة العامة أو الخوف من الأضرار الناجمة عن ذلك كما يفعل الدبور كوكو وطائر الوقواق.

يقول روبرت هوسكينج ، المدير التنفيذي لـ OfficeTeam: «أصبح مكان العمل اليوم أكثر تنافسية من أي وقت مضى، ولسوء الحظ هناك أشخاص سيبذلون جهودا كبيرة ليجعلوا أنفسهم بمظهر جيد أو يحصلون على ترقية، بما في ذلك الاعتماد على أفكار شخص آخر».

لذلك نقول إن الواقع يحتم علينا التعامل الاحترافي مع هؤلاء القلة القليلة من وقت لآخر والحذر من الوقوع في شراكهم أن نكون استباقيين في نشر أفكارنا ومحاولة تجنب الأحاديث الشخصية قدر المستطاع والتركيز على الاحترافية عند استشارة الآخرين أو إخبارهم بالتطورات اليومية في العمل.

@msnabq