صهيب الصالح

هل اعترض لافروف مسار بايدن؟

السبت - 11 يونيو 2022

Sat - 11 Jun 2022

جاءت زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف واجتماعه مع دول مجلس التعاون الخليجي بعد يومين من إقرار دول الاتحاد الأوروبي خفض ثلثي وارداتها من النفط الروسي وصولا إلى إمكانية خفضها بنسبة 90% بحلول نهاية العام الجاري، وقبل يوم واحد أيضا من اجتماع منظمة أوبك للدول المنتجة للنفط التي قررت فيه السير في التزامها بخطة مجموعة «أوبك+» لرفع المستوى المستهدف من الإنتاج من 432 ألف برميل يوميا في شهر يونيو إلى 648 ألف برميل يوميا في شهري يوليو وأغسطس، والأهم أنها سبقت الزيارة التي كانت مقررة في نهاية الشهر الجاري للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة، حيث كان يستهدف منها في المقام الأول ضخ زيادة كبيرة في إنتاج النفط لتخفيف أزمة الطاقة على بلاده وتقليص القدرة التنافسية للنفط الروسي، قبل أن يعيد بايدن النظر في ميعاد زيارته بحجة توسيع نطاقها.

كان اجتماع لافروف مع الكتلة الخليجية استكمالا للحوار الاستراتيجي الذي مر قبل ذلك بأربع محطات مهمة، وضعت أساساتها في نوفمبر عام 2011، حيث تم التوقيع حينها على مذكرات تفاهم تنظم آليات الحوار الاستراتيجي شملت مجال الطاقة والتنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، فيما عقدت آخر جولاتها عام 2016 في موسكو وتم فيها الاتفاق على استمرار التعاون في مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، على أن يتم عقد الاجتماع الوزاري المشترك الخامس للحوار الاستراتيجي خلال عام 2017 في مملكة البحرين؛ إلا أنه لم يعقد حتى بداية يونيو الحالي رغم أن لافروف كان قد حل ضيفا على ثلاث دول خليجية في مارس 2021 وسبقه بوتين بزيارة المملكة في عام 2019، مما يعطي إشارة واضحة بأن الاجتماع الأخير حمل معه العديد من الدلالات الهامة في توقيته.

وعلى الأرجح أرادت روسيا من هذا التوقيت، الذي يتزامن مع اقترابها كثيرا من تحقيق انتصار تكتيكي واستراتيجي في الدونباس سيكون في حال تحقيقه عاملا مهما في رفض الضغوط الغربية في مجال الطاقة، أرادت تقديم أدلة مادية لدول الخليج قبل مرور بايدن عليها، تؤكد حرصها على ثبات مستوى العلاقات البينية من خلال استمرار الاجتماعات الدورية على ذات الأسس المنظمة لمصالح الطرفين المتفق عليها في عام 2011؛ لذلك اهتم لافروف بتأكيد دول الخليج على عدم مشاركتها في تبني العقوبات الغربية المفروضة ضد روسيا، وحرصت دول الخليج على إظهار إصرارها مجددا على أن ارتفاع أسعار النفط ليس ناجما عن مخاوف تتعلق بالإمدادات وإنما هي نتاج عوامل جيوسياسية، في دلالة واضحة على أن ما يحدث في أوكرانيا وفي أسواق الطاقة هو بعينه «اقتصاد السوق» الذي لا يمكن أن يضر اعتزام مواصلة التعاون مع روسيا ضمن مجموعة «أوبك+» كونها الطريقة الوحيدة الضامنة للوصل إلى أسعار عادلة للمنتجين والمستهلكين على حد سواء.

ويبدو أن دبلوماسية روسيا الاستباقية هذه كان لها دور مؤثر في قطع الطريق أمام محاولات بايدن لحث دول الخليج على اتخاذ مواقف أكثر تشددا تجاه روسيا، في مقابل تمسك دول الخليج بمواقفها الموحدة المبنية على أسس القانون الدولي من الأزمة في أوكرانيا، وما حصل هو أن بايدن قد أجل زيارته حتى الشهر المقبل، وقامت ثلاث دول أوروبية تمتلك عضوية في حلف شمال الأطلسي بإغلاق المجال الجوي أمام طائرة لافروف التي كانت في طريقها نحو صربيا المناهضة لحلف الأطلسي؛ كإشارة واضحة على عزم الولايات المتحدة وحلفائها تحييد لافروف عن اعتراض كل مسارات بايدن المعلن عنها في هذين الشهرين.

@9oba_91