عائشة العتيبي

الإعلام المحرض بصورة مغايرة

الخميس - 09 يونيو 2022

Thu - 09 Jun 2022

البناء السليم هو الذي يعد فردا صالحا ومعطاء في بيئته ومجتمعه، فردا يغرس فكرة ويحصد إنجازا، يتعلم مبدأ ويقيم حدا، يكتب جملة ويخط سطرا، يحمي وطنا ويحفظ أمنا، يقاسم عطاء ويمنح البهجة، يصنع هدفا ويصل به قمة، الصلاح هو اللبنة الدائمة ما دام خلفه ساق يحب ويقدر معنى الإنسانية والسلام والإسلام، وما دام خلفه صاحب ذمة ووفاء وأخلاق يعرف حق الله ثم حق نفسه ومجتمعه.

عندما تغرس اختر أرضا خصبة صالحة تزرع بها ما تريد من خير وعطاء ومحبة، لا تفكر أن تجني ثمارا ملوثة ومفسدة لأصحاب القيم والأخلاق النيرة، لا تفكر أن تبادر بالشراسة وحب التسلط والقوة بطريقة لا تعترف بها أيا من مجتمعاتنا الفاضلة، ولا تدس السم لنا ثم تغلق أفواهنا عن التحدث بالقمع وإيقاف الحسابات -كما تفعل بنا بعض حسابات التواصل الاجتماعي- التي تمسك أيدينا عن الكتابة، وتغلق حناجرنا عن رفع صوت الحق الذي يصرخ بداخلنا، ثم ينتظرون منا مجتمعات صالحة ونيرة ومرشدة ومهتدية، ليكن مجرد وهم فرضته ووضعته وخططت له بفكرك وظنك ليس له دلائل واضحة ومعاني سامية، لمجتمعات تسير كما ترغب وتريد أنت فقط.

الإعلام المحرض كان يأتي لنا على هيئة رسائل تدعي الحرية، وتعزيز دور أحدهم على الآخر وتطلق سمومها؛ لا تريد لأي مجتمع أن ينجح على الآخر بل تريد أن تكون المجتمعات هي السلعة التي تشتري منها ولا تبيعها إلا بعد هدر طاقتها وخراب ديارها، ولكن الآن يأتي بصورة مغايرة تفرض الفوضى داخل محيط عامة الناس، وسرعان ما يتجه نحو السلطات المختصة بعناية قيم شعبها ويتحدث على لسان الشعب بأنه «يعاني من حكومته الظلم والإجحاف»!!

هي أشبه بلعبة بناؤها بفكر عال ومسار محنك وبأولوية الأهم ثم ما دون ذلك، ربما هم أشخاص لهم نفوذ أو فئة تفضل الجحود وداخل مجتمعاتنا العربية أصبحت تجول، وسرعان ما انتشر إعلامهم الضال في وطننا العربي خاصة ثم هجومهم على الدول الأخرى بشكل عام، وقد غاب عن ذهن هؤلاء المحرضين أن المتجمعات لم تعد كما كانت في السابق بل اتضحت عندهم الرؤية والفهم وأصبحوا أكثر استيعابا وعقلانية ونضجا.

ومهما اختلف المجال الإعلامي وخصائصه ومقوماته وناقلوه يبقى هناك أصحاب عقول تستغل مكانتها الإعلامية بنشر الفكر النيّر داخل المجتمع، والبعض منهم قد لا تكون له أي مكانة إعلامية لكنه يستغل تصفيق جمهوره المقتنع به على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي -متجنبا حالات القمع- بدحض الأفكار الضالة ونشر الوعي، فبمثل هؤلاء نحمي مجتمعاتنا.

البيئة التي تنشئ فردا ليست مسؤولة عما يرى حين يترعرع وينضج ويتعلم أن الخطأ لابد أن يصحح، والمبادئ الموجعة لابد أن تستبدل، والهمة الضعيفة لابد أن تقوى وتسعى.

الإعلام المدرسة التي تعلم دون سن معين، بل أصبح المعلم الذي يضع دروسا دون فصول تدريبية، فبالرغم من وظيفته السامية إلا أنه سلاح ذو حدين بهيئتيه التقليدي والجديد؛ فالبعض -المحرض- مِن مَن على هذه المنابر يخترق منزلك وهاتفك ويرافق ابنك أيضا.. لهم أساليب كثيرة ومتعددة، هم ليسوا بحاجة إلى منابر عالية لكي تصل لنا أصواتهم، ولا بحاجة بث مباشر لنرى حدثا معين لهم، بل أصبحوا متواجدين بصور عديدة ليس لها تخصص مهنة ولا مجال إذاعي ولا برنامج تلفزيوني ولا أخبار صحف، بل أصبحوا في محيطنا وبين يدينا وفي هواتفنا بصورة مألوفة لا نشعر بها، يبثوا بها رسائلهم غير المباشرة، والهادمة للفكر، والمسيطرة ببطء دون منابر ومعالم إعلامية واضحة.

@3ny_dh