أحمد الهلالي

لا تصالح.. لا تهيئ كفني ما مت بعد!

الثلاثاء - 16 أغسطس 2016

Tue - 16 Aug 2016

العنوان لقصيدتين خالدتين، فمنذ أن وعينا وقضيتنا الأولى (القضية الفلسطينية) أولوية قيادتنا منذ المؤسس الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، ومفكرينا وشعرائنا، ونتذكر جميعا، خاصة حين كنا صغارا في الابتدائية، أننا ضحينا بفسحتنا (الريالين) التي لا نملك سواها تبرعا ونصرة للقضية، ونشأنا وتلك القضية مدار أفكارنا وأدبياتنا، وكل قضايانا لا تفوقها أولوية، تشربتها عظامنا من حليب أمهاتنا، ومع ما يمور به العالم اليوم من قضايا جسيمة مختلفة، تظل (فلسطين) المحتلة قضيتنا الأولى، وجلاء الاحتلال عنها هاجسنا الأعظم.



المقدمة أعلاه أجزم أنها مكتوبة في روح كل (سعودي وسعودية)، لأن الوطن بكل أدواته أشرب قلوبنا أنها (حق مغتصب تجب عودته)، وعشنا على ذلك ونموت عليه (إن متنا قبل عودتها)، وكم يؤسفني كما يؤسف كل عربي غيور، أن يخرج من بيننا من هذه الأرض صوت (نشاز) يدعو للتطبيع مع المحتلين، وأن تذهب مقاومتنا ومقاومة أجدادنا وأرواح شهدائنا أدراج الرياح، لأن (حضرته) رأى أنه داعية سلام مع المحتلين.



أنا مع حرية الطرح، ومع حرية الرأي، لكن ليست كل القضايا قابلة لأن تصبح قضية رأي، بل هناك ثوابت يجب أن تحترم، ولا يمس جنابها رأي أعوج، فالقضية الفلسطينية ثابت من ثوابتنا التي نشأنا عليها، والدعوة إلى التطبيع مع بني صهيون (المغتصبين)، تسليم لمقاليد القضية، وخيانة لأكثر من سبعين سنة من النضال والتضحيات، وضياع لكل جهود قادتنا، ومناكفتهم عن حق الفلسطينيين في أرضهم المحتلة، ودعمهم اللامحدود للقضية، فقد تخلى جل العرب عن دعم السلطة الفلسطينية وبقيت السعودية ملتزمة بتعهداتها لإيمانها العميق بحق الفلسطينيين.



المفارقة أن دعاة التطبيع، وحمائم السلام، أشداء على خصومهم في الداخل، ولو كان لهم من الأمر من شيء لنفوهم من الأرض ربما، ولو كنت مخولا في قراءة النوايا والدوافع النفسية (وليس لي ذلك طبعا) لقرأت الأمر ربما من زاوية الخصومة بين التيارات والجماعات الإسلامية، خاصة بعد (الانقلاب التركي الفاشل) الذي أعطى مساحة كبرى لكثير من المغتربين بين أهلهم للتنفيس عما في دواخلهم، فأذكوا الخصومات وفجروا فيها، فهل يظن عاقل أيها المتخاصمون أن التطبيع مع الصهاينة سيؤذي البعض ويسعد الآخرين؟



التطبيع مع الصهاينة يعني قتل القضية الفلسطينية في قلوب الأجيال، وقتل التاريخ النضالي وأبطاله منذ صلاح الدين الأيوبي، وقتل كل الأدبيات وتفريغها، وقتل المبادرة العربية للسلام التي قدمها الملك عبدالله ـ يرحمه الله ـ عام 2002، والتي اشترطت الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة مقابل (السلام)،وإيهاما بأن الإسرائيليين (القتلة المجرمين المغتصبين) دعاة سلام، ومحوا وهميا لأطماع الخارطة المركبة في أذهاننا للنجمة السداسية المحصورة بين (النيل والفرات)، ولا أظن ـ عاقلا يرضى بنسف كل هذا التاريخ مقابل السياحة في تل أبيب، أو الصلاة في المسجد الأقصى حتى!



ليطبع (إردوغان) وليطبع (عشقي) وغيرهما، لكن ليقف أبناء هذه الأرض المباركة على يقين كامل راسخ أن (السعودية لا يمكن أن تطبع مع الصهاينة المحتلين)، ولنكن على يقين أن إثارة هذه القضية تحديدا في هذه الفترة لا تخفى شناعتها وبشاعتها وهي تدور في فلك التآمر بغية التشويش وشق الصف السعودي أو الخليجي، بعد أن فشلت مخططات الفرس والإرهابيين، وهل يبقى مجال للشك في التآمر الأسود والأصوات التي انطلقت تردد وتحلل مقولات (عشقي) وأمثاله من البائسين، يتصدرها نعيق (حسن نصر الله/ وعلي عفاش/ وعبدالباري عطوان.. وغيرهم من أعداء الخليج).



[email protected]