عبدالله العولقي

«كيسنجر» دكتور الشر أم حمامة السلام؟

الثلاثاء - 07 يونيو 2022

Tue - 07 Jun 2022

على الرغم من بلوغه التاسعة والتسعين من عمره إلا أن أحاديثه وتصريحاته لا يزال لها دوي على الساحة الإعلامية الدولية، وحول تصريحاته الأخيرة بشأن الحرب الروسية الأوكرانية ضجت وسائل التواصل بصور متباينة ومتناقضة حول شخصيته وآرائه وأفكاره، فقد شن الأوكرانيون الموالون للحكومة هجوما لاذعا على شخصية هنري كيسنجر وتاريخه السياسي، بينما هنأه الروس بعيد ميلاده، ووصفوا ذهنيته بأنها متفتحة وقادرة على قراءة الواقع السياسي بصورة صائبة.

وفي هذا المقال سنستعرض آراء ثلاثة كتاب عرب تعرضوا لتصريحات كيسنجر الأخيرة، الكاتب سمير عطا الله هاجم الرجل بصورة عنيفة باعتباره شخصية لا تقيم وزنا للاعتبارات الإنسانية، فهو ليس صاحب حق، فالرجل قد أشرف على توسيع حرب فيتنام إلى كمبوديا وجعلها مقبرة فسيحة للجماجم البشرية كما أنه حولها إلى أكبر معمل لتصنيع الأطراف الصناعية، وهو بهذا الوصف كأنه يصنفه بمجرم الحرب، وقد اختصر آراءه حول الرجل بأن سيرته ليست مشرفة، فكسينجر عبارة عن شركة مساهمة تعمل في تجارة القوة!!

الكاتب ممدوح المهيني تعرض لكيسنجر من بوابة المحركات الثلاثة التي تشكل تفكيره، وهي الواقعية والتاريخ وتماسك النظام الدولي، فواقعيته تحتم عليه اليوم أن يخالف بآرائه معظم النخب الأمريكية، فهو يؤكد أن من الخطأ حشر الدب الروسي في الزاوية؛ لأن ذلك يجبره على الارتماء في أحضان التنين الصيني، وهذا التحالف قد يشكل قوة مستقبلية قد تتفوق على الهيمنة الأمريكية، أما جوهر الإشكالية الدولية وهي أوكرانيا فالحل الواقعي يرتكز على حفاظها على حياديتها التامة والتزامها الدولي بعدم الانضمام إلى حلف الناتو.

لكيسنجر مقولة شهيرة بأن التاريخ بالنسبة للدولة مثل الشخصية بالنسبة للإنسان، فبلا تاريخ لا يمكن للدولة أن تتعامل مع مشكلات الحاضر المعقدة، وبهذا يرى الكاتب المهيني أن التاريخ حاضر بقوة في تفسير ذهنية وفكر كيسنجر.

الكاتب عماد الدين أديب رأى أن الانقسام الفكري الذي أحدثته تصريحات كيسنجر في الغرب هي عبارة عن نموذج لصراع حالي بين الشعوبية الانتهازية التي تقودها الولايات المتحدة مع القيادة الأوكرانية الحالية والتي من الواضح أنها لا تؤدي إلى إنجاز واقعي ملموس على الأرض، وبين الواقعية السياسية التي تتعامل مع الواقع الفعلي بشكل شفاف وعملي ويؤدي إلى حلول مرضية لجميع الأطراف حتى ولو كانت مؤلمة على البعض!!

وفي الختام.. لا يزال أشهر وزير خارجية في تاريخ الولايات المتحدة محط جدل وتباين في سياسته وآرائه وفكره، وما زال الكتاب والمؤرخون مختلفين حوله، هل هو دكتور الشر كما يصفه معارضوه، أم حمامة السلام كما تصفه الصحافة الروسية؟!!

albakry1814@