عبدالحليم البراك

هكذا تم استسهالنا

الاثنين - 06 يونيو 2022

Mon - 06 Jun 2022

يمكن القول بكل صدق، إنه تم استسهالنا بكل بساطة، والقصة لا تبدأ من تنظير بل من أمثله حية، والمواطن والمسؤول شاهد، وإليك الحكاية كاملة بالأمثلة:

ارتفاع الأسعار على مستوى العالم حقيقة لا مناص منها، بسبب الحروب التي توافقت مع أزمة كورونا، وكون اقتصادنا اقتصادا حرا رأسماليا، يخضع لقوى العرض والطلب حقيقة أخرى لا بد من الاعتراف فيها، ولعل اقتصاد السوق الحر –الآن– هو أفضل اقتصاد، لكن هذا لا يعني أن تهمل الوزارة مراقبة الأسعار؛ فمثلا ارتفاع الأسعار العالمية بـ 10% في السلعة بينما في المملكة بـ 15% يحتاج لتبرير من قبل الوزارة المعنية، فلماذا يرتفع في العالم بنسبة ويرتفع لدينا بنسبة مختلفة إن حدث هذا؟! ثم أليس على الوزارة أن تقدم تبريرا مقنعا للمواطن عن سبب الارتفاع لترسل رسالة واضحة للمواطن «أنا وزارة متابعة، أنا موجودة» أم أن الصمت سيد الحدث؟!

أن يتأخر دليل حقوق حماية المستهلك بدليل مفصل وواضح ما للمواطن وما عليه ومعلن على نطاق واسع ألا يدل على أنه تم استسهال المواطن من قبل التاجر؛ لأن ليس هنا لائحة تحميه؟ ويقاضي فيها ومن خلالها التاجر المخل بالالتزامات المفروضة عليه؟

دعني أضرب مثالا على برنامج الشكوى الذي يطلب منك تحديد موقع التاجر لتسجيل شكوى، في وقت نصف مبيعات الكرة الأرضية أونلاين (النسبة افتراضية)، إذن كيف للمواطن تحديد موقع تاجر يبيع بضاعته عبر الشبكة العنكبوتية رغم أن الموقع الالكتروني سعودي ألا يحق لي القول إنه تم استسهالنا بأيدينا؟!

فرضت الظروف ضريبة مقدارها 15% قيمة مضافة للسلع مقابل تحسين الخدمات ومواجهة آثار جائحة كورونا، وهذا الأمر مقبول ومنطقي، ويقابله شيء آخر غير منطقي إطلاقا، وهو التقاعس في مراقبة ارتفاع الأسعار وتبرير ارتفاعها، وعدم تسهيل دخول سلع بديلة لسلع تم احتكار أسعارها؟!

وكالات تقاعست عن توفير السلع رغم احتكارها للسلعة، مما تتطلب تدخل وزارة التجارة لمخاطبة الشركات المنتجة لتوفير حصة أكبر للسوق السعودي كالسيارات مثلا (بحسب بيان وزارة التجارة)، وفي نفس الوقت لا تزال حمايتها من دخول منافس لها للسلعة، ألا يجدر بالوزارة فتح السوق للمنافسة حتى يكون السعر عرض وطلب؟

مثال أخير: ترفع رؤية المملكة 2030 مبدأ قياس رضا العميل، ولو أعلنت نتائج هذا القياس هل ستعبر هذه النتائج عن جهود الوزارات في محاربة ارتفاع الأسعار؟

إن عبارة «الوزارة تقوم بكافة مهامها على الوجه الأكمل» عبارة سلبية بحق أي وزارة، إذ أن هدف أي وزارة أعلى من مهامها فكيف قامت بمهامها، وإن تطلعات القيادة والمواطن ليس محافظة الوزارات على أداء مهامها بل الرقي بمهامها لأعلى مما هي عليه، وعبارة وزارة بهذا الشكل نقض لفكرة التخطيط الاستراتيجي لأي وزارة مهما كانت.

بكل صدق، أتمنى أن لا يكون العنوان حقيقة واقعية، بل من نسج الخيال، وحتى تكذب العبارة نحتاج أدلة ملموسة على أنه لم يتم استسهالنا فعلا!

@Halemalbaarrak