بزوغ فجر الاقتصاد الرقمي في المملكة العربية السعودية
الثلاثاء - 31 مايو 2022
Tue - 31 May 2022
وضعت المملكة العربية السعودية خططاً طويلة الأجل لتعزيز مكانتها بين أكبر 20 اقتصاداً على مستوى العالم بحلول عام 2030، ويتم العمل على تحقيق ذلك من خلال مسارات متعددة أهمها إرساء أسس متينة لبيئة استثمارية جذابة وتنويع الاقتصاد لرفع حصة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% بالإضافة لاحتواء مختلف مكاسب التقنيات والابتكارات الحديثة على ضوء مسيرة الرقمنة المتسارعة في المملكة. ويمكن لوجود اقتصاد رقمي قوي أن يلعب دور المحفز لتعزيز النمو والتنوع الاقتصادي المطلوبين لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.
الحكومة السعودية كانت في طليعة دول العالم التي تضع سياسة واضحة المعالم للاقتصاد الرقمي. وتهدف استراتيجية المملكة إلى زيادة الحصة التي يسهم بها الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي لتواكب بذلك الاقتصادات العالمية الرائدة الأخرى مثل الولايات المتحدة، حيث يساهم الاقتصاد الرقمي بنسبة 8% من الناتج المحلي الإجمالي. ووفقاً لتقديرات "مؤشر الاقتصاد الرقمي" الصادر عن شركة الأبحاث "ستراتيجي &"، في حال تمكنت المملكة من زيادة نقاطها من 44.47 إلى 54.72 (مستوى النقاط الذي سجلته ألمانيا)، سيرتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 19.587 دولار إلى 20779 دولار.
وتشكل البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات عصب الاقتصاد الرقمي، وهو مجال تقدم فيه المملكة أداء متفوقاً بشكل ملحوظ ومتواصل، إذ تحظى 60 من أصل 136 محافظة بتغطية خدمات اتصالات الجيل الخامس منذ منتصف عام 2021 الفائت، بزيادة لافتة عن الرقم المسجل في عام 2020 والبالغ 30 فقط. وتلتزم شركات الاتصالات في المملكة بتوسيع نطاق تغطية الجيل الخامس بحيث تشمل المزيد من المراكز السكانية في أقرب وقت. ويصنف "مؤشر الاقتصاد الرقمي" السعودية بين "الدول السباقة لتبني التقنيات الرقمية"، وهو تصنيف مخصص للبلدان التي نجحت باستيفاء متطلبات الاتصال، والتي تسهم بدورها في تعزيز مستويات الطلب المتنامية على المنتجات والخدمات الرقمية.
ومن شأن هذا الأساس الرقمي أن يتيح للمملكة الاستفادة من البيانات التي تجسّد أهم الأصول على الإطلاق في القرن الحادي والعشرين لتنمية الاقتصاد وتقديم مستويات محسنة من الخدمات العامة. وتشجع سياسة البيانات الطموحة التي وضعتها المملكة على جمع البيانات واستخدامها بفعالية ومشاركة البيانات المفتوحة.
ومع ذلك، تنطوي عملية جمع البيانات على جملة من المخاطر. ووفقاً لسياسة الاقتصاد الرقمي، تهدف المملكة إلى توفير بيئة رقمية آمنة وموثوقة من خلال سن القوانين واللوائح التنظيمية ذات الصلة بالأمن السيبراني لتشجيع الأفراد وهيئات القطاع العام ومؤسسات القطاع الخاص على لعب دور فاعل في الاقتصاد الرقمي والانخراط في مختلف أنشطته بكل ثقة.
ولطالما أخذت الحكومة السعودية بزمام المبادرة على صعيد معالجة الجرائم السيبرانية من خلال نهج التعاون مع الشركاء المتخصصين من شركات التكنولوجيا العالمية التي يمكن لخبرتها وتجاربها ومنصاتها أن توفر مزيداً من ميزات العمل على حماية الأمن السيبراني في المملكة. وتفتخر "هواوي" بمساهماتها في هذا المجال، إذ عملت على مدار الأعوام الثلاثين الماضية مع الشركات العالمية المشغلة للاتصالات على إنشاء أكثر من 1500 شبكة تخدّم أكثر من ثلاثة مليارات شخص عبر أكثر من 170 دولة ومنطقة دون تسجيل أية أخطاء أو حوادث بارزة تتعلق بالأمن السيبراني وحماية الخصوصية. وحصلت منصة "هواوي" السحابية على أكثر من 100 شهادة أمان حول العالم، بالتوازي مع قيامها بدمج عناصر الأمن والموثوقية ضمن عمليات البحث والتطوير وتقديم الخدمة والتشغيل والصيانة.
في حين تتبنى شركات القطاع الخاص الرقمنة في معظم الأحيان للحفاظ على قدرتها التنافسية، قد تبقى الخدمات الحكومية عالقة في دوامة العمليات اليدوية المرهقة. لذا فإن رؤية الحكومة السعودية وجديتها في تسريع العمل على رقمنة مختلف القطاعات والصناعات وإثراء تجربة العملاء تعتبر أمراً حيوياً ومصدر إلهام وتشجيع كبيرين للقطاعين العام والخاص.
وتهدف منهجية "الرقمية الافتراضية" التي تعتمدها الحكومة السعودية إلى تحديد المنصات الرقمية كقناة اتصال أساسية مع المواطنين بحلول عام 2024. وتتمثل إحدى السمات المبتكرة لاستراتيجية الحكومة الرقمية في المملكة بسياسة "طلب بيانات المستخدم لمرة واحدة"، حيث يتم تجنب جمع البيانات عدة مرات من قبل جهات منفصلة، الأمر الذي يحد من تكرار البيانات ويتيح الإمكانية لتوفير تجربة أكثر تكاملاً عند تلقي مختلف أشكال الخدمات العامة.
وبفضل هذه الجهود البارزة، منح الاتحاد الدولي للاتصالات المملكة جائزة الريادة الحكومية لعام 2020 تقديراً لجهودها في صياغة السياسات واللوائح الداعمة للاقتصاد الرقمي وتحفيز الاستثمار والإبداع والتي تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما أشاد الاتحاد الدولي للاتصالات بتطبيق المملكة لأفضل الممارسات الدولية المعتمدة في مجال الشفافية وتضمين آراء الجمهور والاستقلال التنظيمي في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات.
ومن الأولويات الرئيسية الأخرى على قائمة المملكة تطوير المواهب الوطنية لتلبية متطلبات العمل في المستقبل، حيث تضخ المملكة استثمارات ضخمة على طريق الارتقاء بمستويات المعرفة وتعزيز قدرة المواهب المحلية في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات من خلال إطلاق البرامج والسياسات الداعمة. لكن أنشطة التعليم في الفصول الدراسية لا تزال غير كافية لتلبية متطلبات الاقتصاد الرقمي. وهنا يمكن للجامعات المحلية الاستفادة من خبرات وقدرات شركات التكنولوجيا العالمية من أجل إعداد قادة المستقبل. وضمن هذا الإطار، تمتلك "هواوي" برامجاً ومبادرات متعددة تستهدف تطوير المواهب وتوسعة آفاق الحصول على فرص عمل مجزية في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات.
يوجد في منطقة الشرق الأوسط اليوم 152 فرعاً لـ "أكاديمية هواوي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات". وحصل أكثر من 15 ألف طالب على شهادات هواوي، المعتمدة عالمياً. وشارك أكثر من 76 ألف طالب في مسابقة هواوي السنوية لتقنية المعلومات والاتصالات. كما شارك أكثر من 3 آلاف طالب في برنامجنا الرائد عالمياً "بذور من أجل المستقبل". ومؤخراً، أطلقت "هواوي" المركز الوطني لتقنيات الشبكات الناشئة بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وجامعة الملك سعود، وذلك بهدف صقل المهارات الرقمية في المملكة.
تقف المملكة العربية السعودية اليوم أمام بوابة واسعة من الفرص الثمينة للبناء على أسسها المتينة وكوادرها البشرية الموهوبة للمضي قدماً نحو بناء اقتصاد المعرفة الرقمي المستدام. ولا شك بأن البنية التحتية المتطورة والاستثمارات المتزايدة في تقنية المعلومات والاتصالات. وتشجيع نهج الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتحفيز الابتكار سيؤتي ثماره سريعاُ في ترسيخ مكانة المملكة العالمية بالتماشي مع متطلبات وتطلعات العصر الرقمي الجديد.