شروق المحمادي

العلاج بالقراءة

الاحد - 29 مايو 2022

Sun - 29 May 2022

تساءلت لفترة طويلة: هل القراءة تعتبر علاجا حقيقيا؟ حتى مرت بي مقالة بعنوان «?Can Reading Make You Happier» فتأكد لي بعد قراءتها أن القراءة نوع من أنواع العلاج العلمي للنفس والروح.

(Bibliotherapy) مصطلح علمي حقيقي وليس أدبيا أو مجازيا وهو يعني العلاج بالقراءة؛ ظهر لأول مرة في عام 1916 في مقالة بعنوان «عيادة أدبية» نشرت بالمجلة الأمريكية The Atlantic Monthly.

قال فيها الكاتب: «العلاج بالقراءة.. علم جديد» «الكتاب ربما يكون محفزا أو مسكنا أو مهيجا أو مخدرا.. والنقطة الرئيسة هو أنه يجب أن يقدم لك شيئا؛ فهو قد يأخذ طبيعة الشراب المهدئ وربما طبيعة اللصقة المسكنة للآلام»!

ثم يوصي بقراءة الروايات ككبسولات تنفذ بك إلى عوالم جديدة؛ تنسى معها نفسك، وتداوي بها جروحك، وتلقي همومك المثقلة على صفحاتها البيضاء.

العلاج بالقراءة لها أنواع عديدة، فمنها ما يستخدم الكورسات الأدبية السريعة للسجناء والمرضى.

ومنها مجموعات القراءة للمصابين بالأمراض العقلية من كبار السن.

وتتسع الأنواع وتتوالد يوما بعد يوم.

لكن الممارسة الفعلية للعلاج بالقراءة بدأت في أواخر القرن التاسع عشر لما عمد سيجموند فرويد لاستخدام الأدب في جلسات التحليل النفسي.

وأيضا كانت الحرب العالمية الأولى أرضا خصبة للتجارب المبنية على «العلاج بالقراءة»، فبريطانيا دربت أمناء المكتبات على انتقاء الكتب للأطباء! لأجل علاج جنودها المصدومين في الجبهات الحربية.

وروايات جين أوستين من بين ما ينصح به الأطباء في تلك الفترة.

ثم بعد ذلك تم تعميم العلاج بالقراءة في المستشفيات والمكتبات.

وفي عام 2013 صدر المرجع العلمي للعلاج بالروايات: (The Novel cure: An A-Z of literary remedies) حيث قام فيه المؤلفان بتصنيف عناوين الروايات حسب المشاعر السلبية والاضطرابات التي تعاني منها.

فإذا كنت تعاني رهاب الموت فينصحك الدليل بقراءة 100 عام من العزلة لتشعر بطول الحياة ولا تفقد متعتها.

التوصية حسب الدليل أن تبحث عن الاضطراب أو الشعور الذي تعاني منه ثم تختار الرواية وتذهب لقراءتها على فترات منتظمة حتى الانتهاء منها وربما تعيد قراءتها حتى تتماثل للشفاء الكامل.

للكتاب تأثير إيجابي على صحتك العقلية وعلاقاتك الاجتماعية، فحسب إحدى الدراسات المنشورة بين العامين 2006 و 2009 فإن الإكثار من قراءة الروايات ينمي «الذكاء العاطفي» لدى قرائها، والأكثر قراءة في الروايات هم الأكثر تعاونا مع الآخرين كما أنهم كانوا أسرع بديهة في فهم مشاعر وأفكار الآخرين من غيرهم.

أيضا من محصلة تلك الدراسات أن القراءة تخلصك من الأرق وتعينك على النوم العميق، كما أنها تزيد من الهدوء النفسي والطمأنينة الروحية، أما عقليا فهي تقوي التركيز وتزيد من فرص تشابك الخلايا العصبية مما يعود بالقوة على ذاكرة مدمني الكتب.

أيها القارئ الكريم: خصص رفا في مكتبتك لكتب الشفاء الروحي والعقلي، بعبارة أخرى كتب للأوقات الحرجة ! كتب لا علاقة لها بالعلم ولا الذكاء والتخصص والمجال فقط وفقط للشفاء؛ خبئها لأوقاتك المتدهورة وأيامك الذابلة ثم اقرأها إذا جاء حينها وحتما ستزهر.

@shrooqmi