دلمون جنة الرافدين
السبت - 28 مايو 2022
Sat - 28 May 2022
في كل مرة أزورها أجدها مختلفة، تبهرك بنسقها الجميل، وتحتويك بسماحة ودفء أهلها الذين يكتنزون في داخلهم إرثا حضاريا يمتد لآلاف السنين. إنها دلمون، جنة الرافدين، وهي جزيرة أوال، العمق العربي على ضفاف الخليج، والآن هي مملكة البحرين جوهرة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي.
في كل مرة أزورها أستمتع بمعرفة جديدة، وحضور إنساني لافت على الصعيد الفردي والمجتمعي، وفي هذه المرة كان من الصدف الجميلة أن تعرفت على نادي كبار المواطنين، هكذا كان تقديم الصديق أحمد الفضالة لنادي إبراهيم خليل كانو الاجتماعي للوالدين الذي يتولى إدارته حاليا، والذي يقع تحت مظلة جمعية البحرين لرعاية الوالدين.
في هذا النادي الفخيم الذي قامت ببنائه وتأثيثه شركة إبراهيم كانو بسخاء كبير، التقيت سيدات وسادة قضوا زهرة أعمارهم في خدمة مجتمعهم وبناء وطنهم، وجاء الدور ليقوم المجتمع برعايتهم، فكان أن وجدوا في النادي متنفسا لهم ليجتمعوا كل نهار ويقضوا وقتهم بين أقرانهم، يتبادلون القصص والحكايات، وينعشون وجدهم وعاطفتهم بذاكرة مشتركة لا غربة فيها أو غرابة، في ظل رعاية صحية ونفسية واجتماعية، وبرامج رياضية وترفيهية وأخرى تنموية.
وحقا ما أجملها من فكرة أجد واجبا الاقتداء بها على الصعيد المجتمعي في وطننا، وليت وزارة الشؤون الاجتماعية تتبنى تنفيذها في مختلف الأحياء السكنية، فما أحوج رجالنا ونسائنا ممن تجاوزوا الستين إلى مكان أليف يجتمعون فيه كل نهار، فيقضون وقتهم براحة واستمتاع في ظل رعاية صحية عامة يمكن أن تقدم لهم؛ أليس ذلك حري بنا كمجتمع، وحري برجال أعمالنا لأن يبادروا إلى إنشاء مثل هذه المراكز في مختلف الأحياء السكنية التي سيحتاجونها في يوم من الأيام، فما من رجل أو امرأة إلا ويصيبه داء الكبر، وتكون سلوته في الجلوس إلى رفاقه من أبناء وبنات جيله، وهو أمر باتت تستوجبه ظروف الحياة المعاصرة، التي فرضت فيها المدينة قوانينها الموحشة، فانعزل الناس عن بعضهم البعض حتى داخل البيت الواحد. إنها رسالتي للقائمين على الخدمة المجتمعية، وهي رسالتي لرجال الأعمال ابتداء، الذين لن نتوانى ككتاب وإعلاميين عن ذكرهم والإشادة بهم كلما خدموا مجتمعهم بما ينفع ويفيد.
في جانب آخر أشير إلى أن البحرين لم تخل من حضورها اللافت في الجانب الإنساني، فعلاوة على تلك النوادي المجتمعية المنتشرة في ربوعها، كان لافتا لي اهتمام الشيخة مي آل خليفة رئيسة مجلس أمناء مركز الشيخ إبراهيم بن محمد للثقافة والبحوث بإعادة أنسنة البيوت العتيقة في المحرق والمنامة وغيرها من قرى وبلدات البحرين، وهي التي اختزنت جدرانها وأزقة حواريها قصصا وحكايات سطرها الآباء والأجداد، فجاءت الشيخة مي آل خليفة بلمستها الحضارية لتحيي ما تقادم عهده، وما تدارس أثره، من خلال مشروعها القاضي بإعادة ترميم وتأهيل تلك البيوت التاريخية بنسق تراثي، ولمسة معاصرة، ولعمري فذلك أحوج ما نحتاج إليه في واقعنا الحالي، الذي اُستلبت فيه ذاكرتنا الجمعية جراء ما نعيشه من طوفان جارف باسم العولمة.
في المحرق استمتعت بتجوالي برفقة الصديق أحمد الخاطر في أروقة مشروع طريق اللؤلؤ الذي استهدف عديدا من المجمعات السكنية القديمة بالترميم وإعادة التأهيل لتكون صالحة للسكنى من جديد من جهة، ولتقام في بعضها منشآت حضارية أو بالأصح متاحف حية يتلمس الزائر إليها أنفاس من سلف من ساكنيها.
على أن الأجمل هو حضور الكتاب بما يعكسه من دلالة معرفية في كل زاوية من زوايا تلك البيوت بعد تحديثها، وما أجمل أن يستشعر أبناؤنا ذلك وهم يمشون في دروب تلك المدينة العتيقة، وهو أمر مهم يجب التركيز عليه، فالكتاب عنوان كل مجتمع حي، وهو الوسيلة الأدق لبلوغ المعرفة، والمساعد الأهم في حفظ موروثنا وذاكرتنا الجمعية، التي يتم استهدافها بشكل مكثف، حتى إذا أفقنا أفرادا ومجتمعات لا نجد ذاكرة حقيقة نركن إليها، وذلك والله هو الخواء القاتل الذي يساق فيه الناس قطيعا ليس لهم من الأمر شيء.
أشير في هذا السياق إلى أهمية المحافظة على التراث العمراني بتتابعه الزماني، فعلاوة على قيمة ذلك حال الرصد الحضاري من قبل المؤرخين، فهو دلالة على تجذر الهوية المكانية للإنسان، وهي صفة كل مجتمع حضاري قائم حتى اليوم.
zash113@
في كل مرة أزورها أستمتع بمعرفة جديدة، وحضور إنساني لافت على الصعيد الفردي والمجتمعي، وفي هذه المرة كان من الصدف الجميلة أن تعرفت على نادي كبار المواطنين، هكذا كان تقديم الصديق أحمد الفضالة لنادي إبراهيم خليل كانو الاجتماعي للوالدين الذي يتولى إدارته حاليا، والذي يقع تحت مظلة جمعية البحرين لرعاية الوالدين.
في هذا النادي الفخيم الذي قامت ببنائه وتأثيثه شركة إبراهيم كانو بسخاء كبير، التقيت سيدات وسادة قضوا زهرة أعمارهم في خدمة مجتمعهم وبناء وطنهم، وجاء الدور ليقوم المجتمع برعايتهم، فكان أن وجدوا في النادي متنفسا لهم ليجتمعوا كل نهار ويقضوا وقتهم بين أقرانهم، يتبادلون القصص والحكايات، وينعشون وجدهم وعاطفتهم بذاكرة مشتركة لا غربة فيها أو غرابة، في ظل رعاية صحية ونفسية واجتماعية، وبرامج رياضية وترفيهية وأخرى تنموية.
وحقا ما أجملها من فكرة أجد واجبا الاقتداء بها على الصعيد المجتمعي في وطننا، وليت وزارة الشؤون الاجتماعية تتبنى تنفيذها في مختلف الأحياء السكنية، فما أحوج رجالنا ونسائنا ممن تجاوزوا الستين إلى مكان أليف يجتمعون فيه كل نهار، فيقضون وقتهم براحة واستمتاع في ظل رعاية صحية عامة يمكن أن تقدم لهم؛ أليس ذلك حري بنا كمجتمع، وحري برجال أعمالنا لأن يبادروا إلى إنشاء مثل هذه المراكز في مختلف الأحياء السكنية التي سيحتاجونها في يوم من الأيام، فما من رجل أو امرأة إلا ويصيبه داء الكبر، وتكون سلوته في الجلوس إلى رفاقه من أبناء وبنات جيله، وهو أمر باتت تستوجبه ظروف الحياة المعاصرة، التي فرضت فيها المدينة قوانينها الموحشة، فانعزل الناس عن بعضهم البعض حتى داخل البيت الواحد. إنها رسالتي للقائمين على الخدمة المجتمعية، وهي رسالتي لرجال الأعمال ابتداء، الذين لن نتوانى ككتاب وإعلاميين عن ذكرهم والإشادة بهم كلما خدموا مجتمعهم بما ينفع ويفيد.
في جانب آخر أشير إلى أن البحرين لم تخل من حضورها اللافت في الجانب الإنساني، فعلاوة على تلك النوادي المجتمعية المنتشرة في ربوعها، كان لافتا لي اهتمام الشيخة مي آل خليفة رئيسة مجلس أمناء مركز الشيخ إبراهيم بن محمد للثقافة والبحوث بإعادة أنسنة البيوت العتيقة في المحرق والمنامة وغيرها من قرى وبلدات البحرين، وهي التي اختزنت جدرانها وأزقة حواريها قصصا وحكايات سطرها الآباء والأجداد، فجاءت الشيخة مي آل خليفة بلمستها الحضارية لتحيي ما تقادم عهده، وما تدارس أثره، من خلال مشروعها القاضي بإعادة ترميم وتأهيل تلك البيوت التاريخية بنسق تراثي، ولمسة معاصرة، ولعمري فذلك أحوج ما نحتاج إليه في واقعنا الحالي، الذي اُستلبت فيه ذاكرتنا الجمعية جراء ما نعيشه من طوفان جارف باسم العولمة.
في المحرق استمتعت بتجوالي برفقة الصديق أحمد الخاطر في أروقة مشروع طريق اللؤلؤ الذي استهدف عديدا من المجمعات السكنية القديمة بالترميم وإعادة التأهيل لتكون صالحة للسكنى من جديد من جهة، ولتقام في بعضها منشآت حضارية أو بالأصح متاحف حية يتلمس الزائر إليها أنفاس من سلف من ساكنيها.
على أن الأجمل هو حضور الكتاب بما يعكسه من دلالة معرفية في كل زاوية من زوايا تلك البيوت بعد تحديثها، وما أجمل أن يستشعر أبناؤنا ذلك وهم يمشون في دروب تلك المدينة العتيقة، وهو أمر مهم يجب التركيز عليه، فالكتاب عنوان كل مجتمع حي، وهو الوسيلة الأدق لبلوغ المعرفة، والمساعد الأهم في حفظ موروثنا وذاكرتنا الجمعية، التي يتم استهدافها بشكل مكثف، حتى إذا أفقنا أفرادا ومجتمعات لا نجد ذاكرة حقيقة نركن إليها، وذلك والله هو الخواء القاتل الذي يساق فيه الناس قطيعا ليس لهم من الأمر شيء.
أشير في هذا السياق إلى أهمية المحافظة على التراث العمراني بتتابعه الزماني، فعلاوة على قيمة ذلك حال الرصد الحضاري من قبل المؤرخين، فهو دلالة على تجذر الهوية المكانية للإنسان، وهي صفة كل مجتمع حضاري قائم حتى اليوم.
zash113@