فهد عبدالله

رحلة كفاح

الخميس - 26 مايو 2022

Thu - 26 May 2022

بالله عليك فكر فيها وبكل بساطة ما هي الحياة بدون وجود الآمال والأحلام ورغبة تجاوز التحديات وأسلوب الحياة الهادف؟، ستكون حياة رتيبة وكأنها عداد زمن وأحداث ترسم من خارج المحيط الشخصي حتى يصل الإنسان لنهاية ذلك العداد والمسطرة الزمنية وكأن شيئا لم يكن ليحدث على صعيد الأثر والتأثير وعجلة الحياة الفاعلة، يمضي المرء فيها بتلك الحلقات المفرغة التي تدور حول (لا أدري) ويسير مع التيار أيا كان اتجاهه ويعيش في مدار الظروف وتحت خطط الآخرين، لا يعرف أين تتجه به البوصلة، وينتظر أين تمضي به الحياة وشؤونها دون التحرك في صناعتها وكأنه تحت وطأة تفاعلات الحياة فقط ومرحبا بشتات الاتجاهات.

كثير من الاعتبارات قد ترتمي في ذهن الإنسان وتصاحبها حالات نفسية تجعلها تتعاظم يوما بعد آخر في طرح أفكار مثل «ما أنا إلا إنسان بسيط يسعى في تدبير حياته والسعي لقوت يومه فقط» وليس في ذلك عيب وإنما عندما يقف هذا المفهوم كحيد صخري تتكسر عنده أمواج الأحلام والآمال والأهداف الممكنة التحقيق، ويرتبط في ذهني مباشرة تلك الآية الكريمة في قوله تعالى (وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم)، الفرق شاسع والبون واضح بين ذلك الأبكم العاجز والذي لديه سمات وصفات وأهداف يعيش لأجلها.

نظرية تأثير الفراشة (Butterfly Effect) نشأت على يد عالم الأرصاد إدوارد لورينتز في عام 1961، كان يعيد بعض الحسابات الرياضية التي تم عملها سابقا ووجد أن تأثير بعض الفروقات البسيطة في الأرقام أحدثت انحرافات كبيرة جدا في النتائج النهائية وأصبحت المقولة المجازية (رفرفة جناح فراشة في الصين قد يتسبب عنه فيضانات وأعاصير ورياح هادرة في أمريكا) كناية عن كل المدخلات أيا كان حجمها لها تأثير يتعاظم مع الزمن على النظام الديناميكي الكوني.

متى ما استقر ذلك المبدأ العظيم في داخل النفس «أنني لم أخلق عبثا وأنني خلقت لأجل رسالة محددة» عندها ستبدأ تلك القدرة الهائلة جدا للتغيير تترجم عمليا ويحدث الأثر وتكتسب الحياة حلة الأهداف والأحلام وإحداث الأثر بكافة مستوياته، «وتحسب أنك جرم صغير وفيك أنطوى العالم الأكبر».

عندها ستتهدج في دواخلنا وإدراكنا لمعنى الآية الكريمة (لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر)، ونعرف أهمية الديناميكية والحركة التي ذكرها الإمام الشافعي:

إني رأيـت وقـوف الماء يفـسده

إن سال طاب وإن لم يـجر لم يطب

والأسد لولا فراق الغاب ما قنصـت

والسهم لولا فراق القـوس لم يصب

وستبدأ رحلة الكفاح التي تطيب بها الحياة.


وفي مرحلة متقدمة من هذه الرحلة الكفاحية المصاحبة بالإدراك لمعنى وجودك في معادلة الكون ستعبر الأحلام والأهداف مدارات فضائية إن صحت العبارة كذلك المثل الذي يقول: «صوب نحو النجوم وإذا أخطأت بالتأكيد ستصيب القمر».

ولا وجدت حكمة تعبر عن الحركة والعمل ومحاولة التغيير كنهج حياتي حتى آخر رمق يمكن للحياة أن تستمر فيه مثل حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها)، غرس فسيلة في آخر اللحظات قبل انتهاء الحياة الدنيا.

fahdabdullahz@