محمد النفاعي

من جيل الطيبين إلى جيل الألفية

الأربعاء - 25 مايو 2022

Wed - 25 May 2022

النجاح وتحقيق الإنجاز والتقدم المهني مراد ومبتغى كل من ينتمي للمجتمع الوظيفي؛ لأجل ذلك معظمنا يريد أن يعرف الوصفة السحرية ممن تمكنوا من بلوغ هذا الهدف بشرط أن تكون مختصرة ومباشرة تختصر كثيرا من العمل الشاق خلف الكواليس؛ فصرنا نبحث ونتابع من حين لآخر ما يقوله أو يكتبه الناجحون والرواد في مجال الأعمال مثل وارن بافت، وبيل جيتس، وستيف جوبز وغيرهم.

قبل مدة قصيرة دار بيني وبين أحد اليافعين حوار شيق وثري عن هذا الموضوع؛ فسألني أن أسدي إليه نصيحة بحكم أنني انتمي لـ «جيل الطيبين» ولدي من الخبرة العملية ما يربو على ربع قرن.

ابتدأت بذكر أن المؤسسات تقوم على ثلاث ركائز رئيسة، ألا وهي الناس والنظام (البيئة) والتقنية.

الناس هم من يقومون بالأعمال الموكلة إليهم، وهذا يشمل أيضا القيم والثقافة العامة وكل ما يتعلق بذلك من إدارة وتنمية بشرية داخل المؤسسة.

ويعمل هؤلاء الناس بناء على النظام الداخلي الرسمي وغير الرسمي. (البيئة) لتنفيذ الاستراتيجيات وللقيام بالمهام على جميع أشكالها.

ثالث الركائز هي التقنية، ودورها هو ربط الناس بالنظام، وبالتالي تسهيل التشغيل داخل المؤسسة بشكل فاعل ومؤثر.

استطردت بالقول إن ما تعلمته هو أن الناس يمثلون نقطة القوة أو الضعف في الوقت نفسه داخل هذه المنظومة، لسبب بسيط جدا وهو أنه لا توجد قوانين أو معادلات علمية تضبط هذه الركيزة وتتحكم في نتائجها وردود أفعالها بسبب طغيان الذاتية وعدم الموضوعية عند العنصر البشري في هذه المعادلة.

لهذا السبب أرى أنك إن تمكنت من تخفيف حدة عدم الموضوعية لديك فهذا يعد أهم خطواتك لتحقيق المستقبل العملي المأمول ومن ثم يزيد فرص نجاحك.

برأيي يتم ذلك بإتقان ممارستين اكتشفتهما متأخرا بعض الشيء في مساري المهني ولكن أثبتت فعالية كبيرة.

أولى هاتين الممارستين «السلوك» وتعريفه في علم النفس هو «الاستجابة الكلية التي يبديها كائن حي إزاء أي موقف يواجهه»، إن سلوكك هو الشيء الثابت في بيئة العمل، فأنت المتحكم فيه بصرف النظر عن المتغيرات والمشتتات الكثيرة حولك، وكلما استطعت التحكم فيه وإدارته باحترافية، زادت فرص استمتاعك بما يجري حولك بصرف النظر عن النجاح أو الفشل في تحقيق الأهداف؛ لأن عواقب اختلال السلوك عادة تكون أسوأ وأكثر استدامة من تحقيق نجاح أو فشل في هدف أو مهمة أو موقف معين.

وأفضل طريقة لتطوير سلوكك على المدى البعيد هو التعلم باستمرار والاجتهاد والاستعداد للمفاجآت في بيئة العمل.

أذكر في مرة كنت في اجتماع مراجعة مشروع للتو أسند إلي ولم أكن ملما بكل التفاصيل الدقيقة التي تفاجأت بأحدهم يسألني عنها مما أربكني شخصيا.

الأمر الثاني هو خفض التوقعات، وهذا يجعلك تعيش في شعور دائم بالاستمتاع بعملك وكذلك بالنجاحات الصغيرة، وعدم الوقوع في بؤرة خيبات الأمل الكبيرة تجاه كل ما يحدث من حولك سواء أكان مصدره الأشخاص أم البيئة أم التقنية.

عدم ربط توقعاتك العالية بمن حولك يمنحنك الحرية والتمكين الشخصي، لتركز على رفع سقف طموحاتك الشخصية والمهنية، التي ستقودك أيضا لمزيد من النجاح والإنجازات على المدى الطويل.

تذكر في النهاية أن الغرض من تقليل توقعاتك للآخرين ليس بالضرورة التقليل من شأن الآخرين أو مما يحدث حولك، الهدف بأكمله هو مساعدتك كفرد على التوقف عن الشعور بالإحباط والغضب وخيبة الأمل مما يحدث حولك في المجتمع الوظيفي.

في النهاية لكل باحث عن وصفات النجاح؛ انظر حولك ولا تذهب بعيدا فالتجارب الشخصية من حولنا كثيرة؛ ما أجمل أن نغترف منها ما يطفئ ظمأنا للتعلم والاستنارة من تجارب من سبقونا، وكما يقول بعض السلف: «ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار».

@msnabq