محمد العوفي

اكتمال مقومات النجاح الاقتصادي نظريا

الاثنين - 15 أغسطس 2016

Mon - 15 Aug 2016

نظريا يمكن القول إن مقومات النجاح الاقتصادي وحلحلة المشاكل الاقتصادية القائمة توافرت، فإنشاء عدد من الهيئات الجديدة (كهيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، وهيئة المدن الصناعية، وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة)، وتأسيس عدد من الصناديق (صندوق الصناديق، صندوق الموارد البشرية «هدف»)، وإعادة هيكلة عدد آخر من الصناديق (صندوق الاستثمارات العامة ليصبح الصندوق السيادي، صندوق الادخار والتسليف، الصندوق الخيري، والحديث عن إعادة هيكلة الصندوق العقاري)، وغيرها من الصناديق التي تهدف أولا وأخيرا إلى دعم النمو الاقتصادي، وتنويع الموارد الاقتصادية، وتخفيض البطالة، وتوظيف المواطنين، ورفع الدخل الفردي، وتوفير السكن الملائم، أسس نظريا لاقتصاد ما بعد النفط.



هذه الهيئات والصناديق كان إنشاؤها، وإعادة هيكلة القائم منها محور نقاشات الاقتصاديين والأكاديميين والكتاب في السنوات الماضية كضرورة ملحة لإخراج الاقتصاد من قبضة أسعار النفط، لتعمل كمنظومة إدارية متكاملة لحلحلة مشاكل الاقتصاد القائمة، وليست كجهات فردية لكل منها توجهات ورؤية منفصلة عن التصور الشامل للاقتصاد المنشود ومعوقاته ومشاكله، ونجاح هذه الهيئات والصناديق في عملها يتطلب التكامل والتنسيق المشترك فيما بينهما لأن ما سيقوم به واحد منها سيؤثر بشكل مباشر على عمل باقي الهيئات والمنظومات.



فما ستقوم بها هيئة المدن الصناعية من توفير مدن صناعية بأسعار مناسبة سيؤثر على عمل هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي هي الأخرى ستؤثر على عمل هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، وما ستقدمه الصناديق كصندوق الصناديق، وصندوق الادخار والتسليف، وصندوق التنمية الصناعية، ما سيقدمه من قروض وأموال سيؤثر على عمل باقي المنظمة. وهذا يعني أن هذه الجهات تعمل كمنظومة واحدة من أجل تنويع الموارد الاقتصادية، وتخفيض البطالة، وإن اختلفت المسميات والأهداف الخاصة بكل هيئة أو صندوق.



وبالتالي، فإن تحقيق كل هيئة أو صندوق للأهداف التي أنشئ من أجلها جزء من النجاح، وليس كل النجاح، لأن تحقيق هيئة ما أو صندوق ما لأهدافهما، في ظل تموضع وعجز الهيئات الأخرى لن يحقق الهدف الأشمل والأعم، وهذا يعني أن العلاقة التكاملية بين تلك الهيئات والجهات شرط أساسي لتحقيق تنويع الموارد الاقتصادية، وتخفيض البطالة.



لعل وجود مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية كمنظومة تعمل تحتها كافة الجهات المعنية بالاقتصاد والتنمية يساهم بتكامل عمل هذه الهيئات والصناديق الحكومية، والعمل في إطار تنظيمي لتحقيق النجاح الاقتصادي المنشود.



والجانب الآخر في التكامل الذي كان مفقودا في سنوات سابقة، هو إشراك المستثمر والمواطن باستطلاع آرائهم فيما ستقدمه هذه الجهات من خدمات أو ما ستطرحه من منتجات أو ما تسنه من تشريعات جديدة، وقد تم تجاوزه من بعض الوزارات والهيئات، فبدأت في إشراك المواطنين في ذلك من خلال استطلاع آرائهم ومقترحاتهم حيال ما ستطرحه من لوائح كوزارة التجارة والاستثمار، وهيئة السوق المالية، وهيئة الاتصالات وغيرها، وبعض منها يطلب من المهتمين والمتخصصين تزويده برؤيتهم ومقترحاتهم لتطوير عملها كهيئة المنشآت المتوسطة والصغيرة.



الشاهد مما سبق، أن الاقتصاد نظريا تغلب على معوقات نقص الكيانات التنظيمية الأساسية المتمثلة في الهيئات الراعية تنظيما، ونقص الصناديق الداعمة ماليا، وبقيت تحديات التكامل بين هذه الكيانات التنظيمية بما يمكن النجاح التطبيقي لها، لأن نجاح هذه الكيانات يكمن في قدرتها على التكامل فيما بينها يعني نموا اقتصاديا مستقلا عن أسعار النفط، وموارد اقتصادية متنوعة، وفرصا وظيفية ذات عوائد مجزية، ودخلا فرديا مرتفعا، كما أنه يعني أن رؤية السعودية 2030 ومبادراتها اكتملت أحد أركانها التنظيمية، وهيئت لها كافة سبل النجاح، فالمعوقات التنظيمية أزيلت، والسُبل مهدت للتكامل والتعاون الاقتصادي المبني على رؤية واضحة وشاملة لاقتصاد متكامل.



[email protected]