إبراهيم الأنصاري

الورم الإيراني على أعتاب صحراء الطوارق

الاثنين - 15 أغسطس 2016

Mon - 15 Aug 2016

لا يعرف على وجه التحديد متى دخل التشيع بصورته الحديثة التي تزاوج بين المذهبية الطائفية والتبعية السياسية ومتى طرق أبواب القارة الأفريقية، ومن المرجح أن بواكير ذلك كانت سابقة لنجاح الخميني في ثورته على الشاه والتي أنتجت حكم الملالي في طهران وتوسعه في عدة بلدان، إذ يذكر عبدالمنعم الزين وهو من طلائع التشيع الحديث في أفريقيا أنه كان رسولا من موسى الصدر ومحمد باقر الصدر في ستينات القرن الماضي إلى أفريقيا لرعاية أوضاع المسلمين فيها ليكون نواة صلبة لمشروع ستكون إيران ما بعد الثورة الأب الروحي والممول الرئيس له. ولا شك أن قيام ثورة الخميني بالإسلامية أعطاها زخما وتعاطفا عند بعض المسلمين مدفوعين بالأوضاع المزرية التي يعيشها العالم الإسلامي والتي لم تزدها الثورة الإيرانية إلا تعقيدا وتأزيما.



وعند الحديث عن التشيع الأفريقي لا يمكن تجاهل المنظمة الإسلامية في نيجيريا أو ما يعرف بحزب الله النيجيري والتي أسسها آية الله الأفريقي إبراهيم الزكزكي وأشرف عليه وجعل منها قاعدة لنشر المذهب الشيعي الجعفري في نيجيريا ومحيطها الأفريقي، بل تجاوز ذلك من خلال الدعم المالي والمعنوي الإيراني القوي إلى أوروبا وأمريكا الشمالية. وكما هي طبيعة التشيع الإيراني لا بد من الارتباط الوثيق بين الطائفة والميليشيا وهو ما قام به الزكزكي وجماعته من حيث تكون ميليشيا مسلحة تحاول من خلال تلقي الدعم والتأهيل الإيراني إلى تكون دولة داخل الدولة داخل الدولة وهو ما تسبب في مواجهات مسلحة متكررة مع السلطات في نيجيريا، بل إن السنغال أيضا كان لها موقف دبلوماسي، حيث كان جنود سنغاليون ضحية لأسلحة أرسلتها إيران إلى حزبها في داكار.



إن الجهود الإيرانية الحثيثة لاختراق القارة الأفريقية السنية وخلخلة النسيج المذهبي فيها بغية استغلالها كأوراق ضغط أو جيوب توتر قد أثمر وبحسب تقارير متطابقة إلى وصول تعداد الشيعة في القارة الأفريقية إلى سبعة ملايين نسمة في عام 2010 وهو ما يعني زيادة هذا العدد بعد مرور كل هذه المدة بكل تأكيد.



وحيث إن صحراء الطوارق اليوم تعتبر مسرحا لكثير من المشاريع الدولية، كما أنها منطقة تحاول الكثير من الدول جعلها منطقة نفوذ لها وهذا الأمر لا يمكن أن يفوت على نظام توسعي ميليشياوي مثل إيران، حيث الحدود المفتوحة وتوفر السلاح وانتشار عصابات التهريب والإرهاب وتعرض منطقة الصحراء لكل أنواع الإهمال والتهميش وهذه العوامل، إلى جانب انحسار الدور البارز الذي كانت تضطلع به الدول السنية الذي كان يتميز بالاعتدال والوسطية تحت سطوة مكافحة الإرهاب كل ذلك يجعل مناخا مثل هذه وبيئة كهذه مثالية لاستنبات المشاريع الإيرانية وإيجاد أسواق جديدة لمنتجات الطائفية والثأر للمظلوميات المختلقة.



وسعيا وراء ذلك جعل زيارة محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني من العاصمة المالية باماكو ختاما لزيارته لعدد من الدول الأفريقية، حيث حل بها في التاسع والعشرين من شهر يوليو المنصرم مصطحبا وفدا كبيرا من التجار الإيرانيين، متوجا تلك الزيارة بتوقيع عدد من الاتفاقات مع الجانب المالي عارضا على رئيس الوزراء المالي التعاون في مكافحة الإرهاب والاتجار بالمخدرات!



ولعله من اللافت في زيارة الوزير الإيراني إلى باماكو حرصه على الالتقاء بوزير الدفاع المالي وهذا النوع من اللقاءات له دلالاته.



ولا بد هنا من النظر بكثير من الإعجاب والتقدير لرد الفعل السعودي وذلك بقيام وزير الخارجية عادل الجبير بزيارة إلى باماكو في رسالة واضحة تؤكد رسوخ الدور السعودي في القارة وأن الساحة ليست مرتعا خاليا للألاعيب الإيرانية وعبثها الذي لا حدود له، غير أننا أمام خصم يصعب مجاراته في ممارساته، حيث إن السفارات الإيرانية وقنصلياته وممثلياته بل والجامعات والمعاهد التابعة له ليست أكثر من أوكار للتجسس ووسائل لزعزعة أمن الدول والتدخل في شؤونها الداخلية تحت ذريعة حماية من تسميهم طهران أتباع أهل البيت.



ختاما: الصحراء حتى اليوم يسكنها مسلمون سنة، لكن الفقر والجهل والإهمال قد يعجل بإنشاء حسينية بجوار مسجد سنكري هذا إن بقي المسجد على حاله.