مانع اليامي

الحنين إلى الماضي.. ضغوط الحياة وأصدقاء الحاجة

الاثنين - 15 أغسطس 2016

Mon - 15 Aug 2016

تغيرت الصورة الجميلة للتقارب والتواصل بين الناس - أقارب، جيران، أصدقاء، زملاء عمل، كم من رواية تداولها الناس كعنوان للصداقة بمعناها السامي، قصص كثيرة دارت في مجالس العوام وتناقلها الناس فيما بينهم، كل قصة تنافس الأخرى على النقاء والفطرة السليمة، قصص كثيرة عن عفوية العلاقات الإنسانية ومتانتها وطهارتها، وتتنوع روايات التسامح وتتصاعد تساميا، مواقف الإحسان إلى الجار لا تنتهي حتى تبتدئ بمواقف أكثر جمالا وصدقا، مد يد العون والتمسك بثوابت الصداقة وتبادل المعروف تسيطر على مفاصل علاقات المجتمع السعودي بعضه ببعض، وتجمل واقعه في عيون الآخرين، هذا يأتي من الشمال إلى الجنوب لزيارة صديقه، وهذا من الجنوب يشد الرحال إلى نجد للسلام على صديقه وتفقد أحواله أو لزيارة زميل عمل أو جار سابق، وأحيانا للمشاركة في الأفراح أو تقديم الواجب في أمر ما، وهذا هو الحال في شرق البلاد وغربها لا فرق.

لا شك أن في حاضرنا خيرا وخيرين إلا أن الظاهر في مسار العلاقات الإنسانية يثبت حقيقة الاتجاه مع بوصلة ضغوط الحياة وما تفرزه بحكم الطبيعة من قلق يمكن وصفه بالبالغ في الكثير من المجالات وفي المقدمة الاقتصادية والسياسية، إلى ذلك تقدمت المبادئ المادية واستحلت التعاملات، وبالقرب من هذه الأبواب خرج علينا «أصدقاء الحاجة».

الأكثر باعثا على الحزن أن الصداقات البعيدة من المصالح تقلصت والأكثر إيلاما وقسوة أن البعض علاوة على ذلك مدوا الأيادي إلى ضغوط الحياة وساندوها لتوسيع أسباب التباعد.

الحديث هنا يطول ومنه باختصار أن منا من انشغل بالغوص في قاع الفوارق المذهبية والعمل على توريمها وبالنيابة سوقها آخرون ربما عن حسن نية وتسامر عليها البسطاء هنا وهناك وأثرت في قناعات الكثير مع تصاعد وتيرة الجدال المدجج بالجهوية والمذهبية، والمحصلة النهائية ماثلة في تمدد الريبة والحذر بين معظم الناس في تعاملاتهم، كل ذلك على حساب الثقة المتبادلة والتسامح وحسن الجانب، ومما لا شك فيه أن مثل هذا التمدد يحمل من التعقيدات الفكرية ما يكفي لتأزيم العلاقات الإنسانية إلى أقصى الدرجات.

قناعتي في ختام ما تقدم، أن في دواخل العقلاء منا نزعة حنين إلى الماضي للخروج من هموم الحاضر ومواجعه الخانقة.. وبكم يتجدد اللقاء.

[email protected]