عبدالحليم البراك

لأبي وآبائكم الجنة!

يمين الماء
يمين الماء

الاثنين - 15 أغسطس 2016

Mon - 15 Aug 2016

تغيب عنا سنوات من أعمارنا لا نعرف كم بالضبط، ما بين السنة الأولى والسنة الثانية عشرة من حياتنا، لا نعرف فضل آبائنا علينا إلا عندما نحمل أبناءنا بين أيدينا أطفالا في نفس أعمارنا السابقة إلى طبيب خوفا عليهم من مرض، أو إلى مدرسة فرحا بهم أنهم كبروا..



لأبي وآبائكم الجنة..



آباؤنا يطعموننا الحب مع الخبز الذي يشترونه بريالاتهم لنا، ويسقوننا الحب أيضا مع الماء المسكوب في خزان ماء البيت من ريالاتهم أيضا، يعرقون ليدفعوا لنا ثمن الثوب والجاكيت والحذاء، ويظهرون الحزم لنا لنتأدب ونقابل الناس بأخلاقهم التي ربونا عليها، وفي داخلهم عطف السنين التي ربتهم فربونا عليه ما استطاعوا إليه سبيلا، يقولون لنا كلاما جافا لعلنا نكبر ونصبح رجالا نقاوم صلف الحياة وخشونتها، ويرقون علينا عطفا في مرض أو حاجة أو فقر!



لأبي وآبائكم الجنة..



في دواخلهم الرحمة، وظاهرهم من قبلهم الرجولة التي حملوا على عواتقهم تعليمنا إياها حتى لا يقول أحدنا لم يعلمني أبي الصبر أو لم يربني على التحمل..



لأبي وآبائكم الجنة..



وكأن صمتهم تربية، وكأن صمتهم يقول لنا تحسسوا بأنفسكم ما صنعنا لكم، فالرجال لا تمن ولا تتكلم، والرجال – إن كنتم رجالا – لا تنسى معروفا ولا تنكر يدا تحب البر، وتحفظ صنائع المعروف.



لأبي وآبائكم الجنة..



وفي أعينهم عاطفة الأيام التي لا تنطق، وتحسس حالك حتى في أصعب أحوالك، فالأب يعرف من غير كلامك أوضاعك، فهو معك ولك وبك أبا لا تغيب عنه، ولو كعفو خاطر، بل أنت حاضر لا تغيب ولا تختفي أو تموت!



لأبي وآبائكم الجنة..



يا لكمال الآباء ولطفهم في ظواهرهم ودواخلهم، وطيبهم في صمتهم وكلامهم، ورحمتهم بنا في حياتهم وأعمارهم، لا يموت ذكرهم في حياتهم وبعد مماتهم من فضل أفضالهم على أبنائهم وبناتهم، فهذا أبي وأبيك، فلأبي وأبيك الجنة!



وأخيرا: رزقكم الله يا أصدقاء رضا الآباء وبر الأبناء!



[email protected]