وئام العويسي

لا تشوهوا الصفات الجميلة

الخميس - 19 مايو 2022

Thu - 19 May 2022

الإنسان ما هو إلا مزيج ما بين سيئ وحميد، وتجارب ترسبت داخله منها ما أشعل روحا وآخر أطفأ شغفا. فالإنسان ليس بحسن كامل ولا فساد خالص، فنحن نتاج لمواقف إيجابية وسلبية أثرت علينا، والأجدر أن نختار ما يضيف لنا ونبتعد عن ما يثقلنا.

الواقع مختلف وليس بسهولة ويسر كتابة هذه الكلمات، ولكن بالرغم من صعوبة الأمر إلا أنه لا بد أن نمتلك مهارات تساعدنا على الاتزان، ومعرفة متى نقف ومتى يستحق الموضوع أن نستمر هل هو يسعدنا، ويقدم لنا أم أننا نبذل جهدا ونستنزف أرواحنا وننهك أنفسنا فيما يأخذ من صحتنا وأجسادنا وتفكيرنا أكثر مما يعطينا.

فعلى سبيل المثال وليس الحصر.. الإصرار صفة رائعة، وميزة الناجحين في عدة مجالات منها التخطيط وتحقيق الأهداف الدراسية أو العملية، وأيضا إذا تناولنا الإصرار من الجانب الاجتماعي هو شكل من أشكال البر عندما يتعلق بتحسين علاقتك بوالديك، وإيجاد باب لزيادة الوصل والانسجام بينكم، وغيرها من العلاقات الضرورية التي تتطلب البحث والمحاولة لإبصار جوانب الاتفاق والمواقف الحسنة التي تذكرنا بجمال من هم حولنا وتجعلنا نغض البصر عن الاختلافات، وتذكر أنها سمة البشر.

وهناك من يصر على علاقات منتهية ومستهلكة للروح؛ فيتحول الإصرار من سمة إيجابية إلى سبب للألم والحزن عندما نتعلق وننسى مبدأ الوفرة في الكون، فنغلق أعيننا عن الخيارات المفتوحة وتنحصر أهدافنا ونختصر الحياة بشخص، وهو ما يجعلنا نسلم أنفسنا للاضطرابات النفسية كالقلق والاكتئاب، وتعمى بصيرتنا على رؤية الأمور بحقيقتها وواقعها الأفضل لأنفسنا.

والإصرار يصبح إلزاما مرهقا وتكليفا يتعبنا أكثر من أن يفيدنا عندما نحترق لننجز أعمالنا دون رحمة ومتنفس للاستمتاع بحياتنا وعلاقاتنا، والأمر يمتد إلى أن ينسينا واجباتنا نحو أسرنا وأهالينا، هنا يتبدل هدف الإصرار ويتشوه مفهومه.

لا أقصد بكلماتي أن تعيش على هامش الحياة بلا أهداف تسعى لها ولا طموح يكسب لأيامك طعم ولون بل على العكس، ما أقصده هو أن تختار ما يناسبك ويقدم لك بقدر ما تعطيه، لا أن تلحق خلف سراب وأحلام مستحيلة التحقيق، فبعض الصفات التي تأخذ معنى إيجابيا من الممكن أن تتحول إلى واجبات تجعلنا نسعى في طرق لا تسعى لنا، وهو ما يوجب علينا أن نعرف متى نستمر ومتى نتوقف، وكيف أن نجعل كل صفة هي إضافة لحياتنا ولا تكون مجرد احتراق داخلي.

weamso1225@