فارس الماضي

دور النخلة الحقيقي في الاقتصاد السعودي

الثلاثاء - 17 مايو 2022

Tue - 17 May 2022

عندما تذكر السعودية لا بد أن تذكر النخلة، وعندما تذكر النخلة لا بد أن تذكر المملكة العربية السعودية. النخلة شعارنا الذي نعتز به، ارتبطت النخلة بالخير والنماء والصبر في ثقافتنا وتاريخنا، لها قيمتها الاعتبارية في حياتنا، فثمارها من الرطب والتمر هي أول طعام يقدم للضيف عنوانا للترحيب والكرم الذي تتميز به بيوتنا. هذه الشجرة تتمتع بدرجة عالية من التكيف والصمود في المناخ الشديد الحرارة، والتربة الرملية الجافة، تقف مرتفعة شامخة تعانق عنان السماء لتعبر عن مدى الفخر الذي نشعر به حينما نراها. هذه النخلة وبما تمثله من تاريخ مليء بالكفاح والصبر أيام الجدب والفقر، من الطبيعي أن نهتم بها ونحرص على تنميتها وتطويرها.

وعندما نشاهد مهرجانات التمور في أنحاء المملكة نعرف مدى كمية الإنتاج الضخم الذي تتمتع به المملكة، حيث تحتل المملكة المركز الثاني عالميا بإنتاج التمور، ويتوفر في المملكة ثروة زراعية ضخمة من أشجار النخيل يفوق عددها 31 مليون نخلة تنتج أكثر من 1,5 مليون طن من أصناف التمور المتنوعة.

ومع هذا الإنتاج الضخم، إلا أن كثيرا من المزارعين لم يفكروا في الاستفادة من الكميات الكبيرة التي تنتجها النخيل في التصنيع، فتكون النتيجة أن تضيع آلاف الأطنان من إنتاجهم بعد انتهاء موسم التمور القصير، حيث إن من أهم الصعوبات التي يعانيها مزارعو التمور هو كيفية تحصيلها، فتبقى في أشجارها ويتلف معظمها، مما أضر بالكثير من المزارعين، مع أن التمور يمكن أن تكون مادة أولية حيوية في الكثير من الصناعات، فالتمور تعادل وإن كانت بدرجة أقل البترول لو استطعنا استغلال الإنتاج الوفير منها.

تتميز التمور في المملكة بتعدد أنواعها، واختلاف مذاقها، فلماذا لا نفكر في ابتكار وسائل حديثة لتحصيل وقطف التمور حرصا على عدم ضياعها؟ ولماذا لا نفكر في إدخالها في صناعات جديدة خلاف ما تعودنا عليه من الصناعات التقليدية مثل كبس التمر، أو حفظه، أو صناعة الشوكولاتة، أو تصنيع معمول ودبس التمر منها؟

التمور ثمرة ذات قيمة عالية، لما تحويه من عناصر غذائية مفيدة للجسم وعالية المحتوى من السعرات الحرارية مقارنة بأنواع الفواكه الأخرى، كما أنها مصدر جيد للمعادن كالحديد والبوتاسيوم والكالسيوم، وقليلة المحتوى من الصوديوم، والسكريات الموجودة فيها سكريات أحادية (الجلوكوز والفركتوز) ولذلك فهي سهلة الهضم والامتصاص، إضافة إلى محتواها الجيد من الألياف الغذائية، هذا خلاف احتوائها على فيتامينات (ب و أ) والبروتينات. ولهذا يمكن أن تدخل في صناعات غذائية مختلفة، فهي مادة غذائية متكاملة، فلو أضفنا إليها بعض المواد الأخرى لتفوقت على كثير من المنتجات الغذائية التي

نقرأ عنها كثيرا بأنها مواد صحية، فقد تساعد في إنقاص الوزن والمحافظة على الصحة.

كل هذه المعطيات تستلزم الاهتمام بالنخلة وتنويع منتجاتها من التمور أو مكونات النخلة خاصة مع تقدم تقنية الصناعات الغذائية، فمن الممكن مثلا أن يصنع منها مادة بديلة للسكر، وصناعة زيت النخيل، ومسحوق التمر، كما يمكن إدخالها في الكثير من الصناعات الغذائية والكيميائية كصناعة الخل، والكحول الطبي، وخميرة الخبز، والبروتين المركز، وحامض الليمون، وصناعة الألبان، وزيوت النوى، وأغذية الأطفال، فضلا عن الأعلاف الحيوانية، هذا خلاف العديد من الحرف والصناعات التراثية التي تستخدم فيها أجزاء من النخلة.

ولا ننسى أخيرا أهمية التمور في تحقيق الأمن الغذائي الذي نتحدث عنه كثيرا، ويعد أحد الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030، فلا شك أن النخلة وإنتاجها يعدان من وسائل تحقيق الأمن الغذائي في بلادنا.. عاشت أمنا النخلة.

@FarisKMadi