محمد علي الحسيني

ملتقى الرياض الروحي رسالة ودلالة

الاحد - 15 مايو 2022

Sun - 15 May 2022

حدث تاريخي استثنائي بامتياز ونجاح باهر تكلل به ملتقى القيم المشتركة بين أتباع الأديان في الرياض، فالملتقى العالمي استطاع أن يجمع عددا كبيرا من القادة الدينيين الأكثر تأثيرا في العالم، ليقولوا كلمتهم التي أجمعت على أهمية الاعتراف بالآخر واحترام ثقافة الشعوب المختلفة وأديانهم وقومياتهم في إطار التنوع الحضاري، واعتبار التنوع سنة الله في خلقه، فالاختلاف آية ورحمة للبشرية، والبشر كلهم من نفس واحدة، والهدف هو الحفاظ على هذا التراث بفسيفسائه الملونة بمجموع هذه الثقافات التي تشكل كنزا للبشرية قاطبة، وفي المقابل توحدت الرؤية حول ضرورة مواجهة التطرف والإقصاء بكل صوره وأشكاله باعتباره يشكل تهديدا وخطرا على المجتمعات الإنسانية.

ملتقى القيم المشتركة بين أتباع الأديان رسالة راسخة تدعو إلى التسامح والانفتاح

لم يأت ملتقى القيم المشتركة بين أتباع الأديان الذي انعقد في الرياض بتاريخ 11 مايو من فراغ، وهذا ما أكده القادة الدينيون والعلماء والمفكرون، بل جاء من جهة بفضل منهج الوسطية والاعتدال والانفتاح الذي تسير عليه المملكة العربية السعودية منذ إطلاق رؤية 2030 بفضل قادتها وحكمتهم، فقد أثبتوا بالدليل والبرهان أنهم دعاة سلم وأمن مصداقا لقوله تعالى: (والله يدعو إلى دار السلام). كما أنه من جهة ثانية ثمرة وثيقة مكة المكرمة التي أينعت بفضل توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ورعاية واهتمام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وجهود الشيخ د. محمد بن عبدالكريم

العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي، ومبادراته من أجل تفعيل مخرجات الوثيقة التي لم تترك صغيرة ولا كبيرة في سبيل تحقيق التعايش السلمي بين جميع الشعوب إلا وتطرقت إليها منطلقة من معادلة إنسانية شاملة، المسلمون جزء منها والاختلاف سنة كونية.

إن ما توصل إليه المجتمعون في هذا الملتقى المبارك سيكون خطوة إيجابية ومبادرة سلام وصمام أمان لحفظ الاستقرار العالمي والتصدي لكل ممارسات العنف والتطرف، ووضع حد لخطاب الكراهية والصدام الحضاري.

الملتقى يؤكد على أهمية المبادرة الفعلية لتحقيق أهدافه

إن الملتقى أكد من خلال مشاركات فاعلة من القادة الدينيين والمؤثرين من كل الأديان والمذاهب والثقافات بداية المرحلة الملموسة لتطبيق وثيقة مكة المكرمة، واتخاذ خطوات عملية مسؤولة بتفعيل آليات التنسيق والتعاون المشترك لإرساء قيم الإنسانية والتسامح بين الشعوب وتعزيز نهج الاعتدال والوسطية، خصوصا في ظل ما عاناه العالم كله من الإرهاب والتطرف والعنصرية الذي يتنكر ويتغلغل باسم الأديان لتنفيذ أجندات مشبوهة ليست لصالح البشرية، بل إن جوهر كل الأديان يرفضها ويحاربها.

إن المجتمعين أدركوا أهمية رسالة هذا الملتقى الاستثنائي في الرياض والذي سيعبر بهم إلى مرحلة جديدة يكون لهم فيها الدور الأكبر وتحمل المسؤولية لرفع مستوى الوعي والتنوير لدى مجتمعاتهم وبيئتهم، وإرشاد الشباب وإنقاذهم من الوقوع في شباك المتطرفين الذين يستغلون عواطفهم وظروفهم ليرموا بهم في الهاوية، ويدفعوا بهم لقتل الأبرياء وضرب الأمن والسلم العالميين.

رسالة ملتقى الرياض ودلالاته تفعيل القيم الإنسانية المشتركة، وتوحيد الجهود لتحقيق أهداف الملتقى بطي صفحات الماضي وهدم الهوة بيننا وبناء جسور التعارف والتواصل، وفتح صفحة جديدة روحها التسامح وفكرها الانفتاح وغايتها عمارة الأرض في منفعة الإنسانية.

@sayidelhusseini