الاغتراب ولا الاستضعاف في بلادنا
الأحد - 08 مايو 2022
Sun - 08 May 2022
شاهدت الحوار الرمضاني للمديفر مع البروفيسورة غادة المطيري، ولأن (العلم رحم بين أهله) فقد بحثت عن أي قاسم مشترك يربط بيني وبينها فلم أجد؛ لا في (التخصص العلمي) ولا في ظروف الدراسات العليا ونوعها وبيئتها، إلا أن في (المسيرة العلمية) وجدت أن هناك قاسما مشتركا واحدا ربما يربط بيني وبينها، وهو: بدء معترك (الدراسات العليا) ما بين عامي 2000م و2005م.
هذا القاسم المشترك في سنوات بداية التحصيل العلمي العالي جعلني أتأمل في المسيرة العلمية للدكتورة غادة المطيري التي رفضتها بعض (جامعات المملكة)؛ ليظهر نبوغها العلمي في جامعة كاليفورنيا في ساندييغو الأمريكية؛ لتشق طريقها بسرعة البرق في مجتمع علمي محفز، وتصل إلى درجة الأستاذية خلال سنوات قليلة من بدء دراستها العليا، بينما بقيت أنا وخلال أكثر من خمسة عشر عاما من بدء دراستي العليا حتى اليوم في صراع مستمر مع (إقصاء جائر) لا مبرر له سوى تعطيل (عقل مواطن مؤهل علميا) من ممارسة (البحث العلمي) في محاضنه الوطنية، ومؤسساته المتخصصة.
إن غادة المطيري حين جاءت للولايات المتحدة الأمريكية لإكمال دراستها العليا لم تأت من كوكب آخر، بل جاءت كمهاجرة وطالبة علم، ذات عقل يتوهج ذكاء، فوجدت من رحب بها وشجعها وتبناها ودعمها وفتح الجامعة لها، ولم يكن (اختلاف الدين) سببا أو مبررا لهذه البيئة العلمية الأمريكية المحفزة كي تقصي هذا العقل الإنساني الطموح، وتحرمه من الإبداع والتحليق في فضاءات العلم الواسعة.. كما حصل من بعض المؤدلجين من بني جلدتنا الذين قتلوا كل جميل في حياتي وحياة الكثيرين من أبناء وبنات الوطن بما حصل منهم من إقصاء ممنهج يخدم الفكر الدخيل الذي يتبنونه؛ وذلك يهدف إلى
إقصاء الكفاءات الوطنية في الداخل ليسهل لهم التحكم بالمجتمع.
ولهذا فإن هجرة العقول في الأرض هي من الواجبات التي يصان فيها العقل، وتحفظ بها كرامة الإنسان إذا تعرض للإقصاء المتعمد المقصود به تعطيل عقله، وصرفه عن العلم الموصل لمعرفة الخالق، وأسرار ملكوته، وحكمته في الكون، التي لا يمكن الوصول لها إلا بالعلم.
وإن من ظلم النفس الرضا بالاستضعاف والخنوع والخضوع في أرض لا يستطيع فيها الإنسان (إقامة الدين)؛ وأجزم أن من إقامة الدين (طلب العلم)، وبذلك فمن أقصي عن طلب العلم سواء كان (عالما أو متعلما)، ولم يستطع مقاومة المقصي فهو ظالم لنفسه إذ رضي أن يستضعف، ولم يهاجر، فلا يعذر إن كان قادرا على الهجرة في أرض الله الواسعة، وفي ذلك قال الله عز وجل (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها). قال ابن كثير: «هذه الآية عامة..» أي أنها تشمل الوعيد لمن ظلم نفسه مبررا ذلك أنه كان
مستضعفا في أرض لم يستطع فيها (إقامة الدين) وهو قادر على الهجرة أو لم يستطع فيها أداء ما أمره الله به لصيانة عقله كالعلم.
وختاما.. فإن من الواجب على العاقل الذي عرف قيمة العلم ألا يظلم نفسه ويرضى أن يكون مستضعفا في الأرض؛ فأولى به أن يهاجر في أرض الله، كما فعل الكثير من العلماء الذين أسهموا في إعمار الأرض وإسعاد البشرية بدراساتهم وأبحاثهم؛ كأمثال غادة المطيري وأحمد زويل وغيرهما من العلماء والمفكرين الذين هاجروا من بلدانهم لأجل العلم؛ فرفع الله منزلتهم، وخذل من أقصاهم، واستضعفهم من بني جلدتهم في بداية مسيراتهم العلمية.
ورحم الله الإمام الشافعي الذي حث على الاغتراب أو (الهجرة) لذوي العقل والأدب خلاصا من الاستضعاف؛ فقال:
ما في المقام لذي عقل وذي أدب
من راحة فدع الأوطان واغترب
سافر تجد عوضا عمن تفارقه
وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
alsuhaimi_ksa@
هذا القاسم المشترك في سنوات بداية التحصيل العلمي العالي جعلني أتأمل في المسيرة العلمية للدكتورة غادة المطيري التي رفضتها بعض (جامعات المملكة)؛ ليظهر نبوغها العلمي في جامعة كاليفورنيا في ساندييغو الأمريكية؛ لتشق طريقها بسرعة البرق في مجتمع علمي محفز، وتصل إلى درجة الأستاذية خلال سنوات قليلة من بدء دراستها العليا، بينما بقيت أنا وخلال أكثر من خمسة عشر عاما من بدء دراستي العليا حتى اليوم في صراع مستمر مع (إقصاء جائر) لا مبرر له سوى تعطيل (عقل مواطن مؤهل علميا) من ممارسة (البحث العلمي) في محاضنه الوطنية، ومؤسساته المتخصصة.
إن غادة المطيري حين جاءت للولايات المتحدة الأمريكية لإكمال دراستها العليا لم تأت من كوكب آخر، بل جاءت كمهاجرة وطالبة علم، ذات عقل يتوهج ذكاء، فوجدت من رحب بها وشجعها وتبناها ودعمها وفتح الجامعة لها، ولم يكن (اختلاف الدين) سببا أو مبررا لهذه البيئة العلمية الأمريكية المحفزة كي تقصي هذا العقل الإنساني الطموح، وتحرمه من الإبداع والتحليق في فضاءات العلم الواسعة.. كما حصل من بعض المؤدلجين من بني جلدتنا الذين قتلوا كل جميل في حياتي وحياة الكثيرين من أبناء وبنات الوطن بما حصل منهم من إقصاء ممنهج يخدم الفكر الدخيل الذي يتبنونه؛ وذلك يهدف إلى
إقصاء الكفاءات الوطنية في الداخل ليسهل لهم التحكم بالمجتمع.
ولهذا فإن هجرة العقول في الأرض هي من الواجبات التي يصان فيها العقل، وتحفظ بها كرامة الإنسان إذا تعرض للإقصاء المتعمد المقصود به تعطيل عقله، وصرفه عن العلم الموصل لمعرفة الخالق، وأسرار ملكوته، وحكمته في الكون، التي لا يمكن الوصول لها إلا بالعلم.
وإن من ظلم النفس الرضا بالاستضعاف والخنوع والخضوع في أرض لا يستطيع فيها الإنسان (إقامة الدين)؛ وأجزم أن من إقامة الدين (طلب العلم)، وبذلك فمن أقصي عن طلب العلم سواء كان (عالما أو متعلما)، ولم يستطع مقاومة المقصي فهو ظالم لنفسه إذ رضي أن يستضعف، ولم يهاجر، فلا يعذر إن كان قادرا على الهجرة في أرض الله الواسعة، وفي ذلك قال الله عز وجل (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها). قال ابن كثير: «هذه الآية عامة..» أي أنها تشمل الوعيد لمن ظلم نفسه مبررا ذلك أنه كان
مستضعفا في أرض لم يستطع فيها (إقامة الدين) وهو قادر على الهجرة أو لم يستطع فيها أداء ما أمره الله به لصيانة عقله كالعلم.
وختاما.. فإن من الواجب على العاقل الذي عرف قيمة العلم ألا يظلم نفسه ويرضى أن يكون مستضعفا في الأرض؛ فأولى به أن يهاجر في أرض الله، كما فعل الكثير من العلماء الذين أسهموا في إعمار الأرض وإسعاد البشرية بدراساتهم وأبحاثهم؛ كأمثال غادة المطيري وأحمد زويل وغيرهما من العلماء والمفكرين الذين هاجروا من بلدانهم لأجل العلم؛ فرفع الله منزلتهم، وخذل من أقصاهم، واستضعفهم من بني جلدتهم في بداية مسيراتهم العلمية.
ورحم الله الإمام الشافعي الذي حث على الاغتراب أو (الهجرة) لذوي العقل والأدب خلاصا من الاستضعاف؛ فقال:
ما في المقام لذي عقل وذي أدب
من راحة فدع الأوطان واغترب
سافر تجد عوضا عمن تفارقه
وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
alsuhaimi_ksa@