وئام العويسي

قبل الانفصال

الجمعة - 29 أبريل 2022

Fri - 29 Apr 2022

يبدأ التطوير والتنمية من الإنسان وينتهي به؛ فهو القائم بعملية التنمية والمستفيد منها، ونحتاج لتطور الإنسان وتقدمه أن يكون في بيئة اجتماعية ونفسية مريحة تساعده على الإنتاج والإبداع.

وكما نعلم السعودية تسير في خطط تنمية وتطوير على كافة الأصعدة والمجالات، وأرى أن من المشكلات التي نعاني منها ويجب وضع حلول لها للتقليل منها ومن آثارها قدر المستطاع مشكلة الطلاق والانفصال بأشكاله والتي لا ينحصر أثرها على المنفصلين فقط، بل زيادة عدد حالات الانفصال وتحولها إلى ظاهرة من الممكن أن تسبب مشاكل ومعوقات في التنمية والعملية التطويرية التي تسير نحوها المملكة.

وهو ما يجبرنا أن نقف وقفة جادة لتخفيف هذه النسبة وخاصة أنها مشكلة تضرب في أساس المجتمع واللبنة الأولى له وهي الأسرة، وكما أسلفنا تأثيره يمتد لأفراده سواء الزوجين أو الأطفال والتي من الممكن أن تستمر آثارها حتى بعد أن يكبروا.

وأود أن أدرج في مقالي بعض الاقتراحات التي يمكن أن تنفذ على مستوى حكومي، وهي بالتالي ستؤثر إيجابا في تقليل النسبة أو على الأقل تخفيف تأثير الطلاق على الأسر التي تعاني من هذه المشكلة.

بداية أن يعمل المقبلون على الزواج برنامجا إجباريا عبارة عن تأهيل سلوكي لمرحلة الزواج وما بعده، وتكون مكونة من عدة دورات تحتوي تطبيقات عملية ونظرية تؤهل المقبلين وتوضح حقوق وواجبات كلا الطرفين، والاختلاف بين الجنسين وطريقة تفكيرهما، وأدوارهم الوالدية المقبلة، وهو ما يساعدهم في التعامل مع تحدياتهم المستقبلية وتأسيس الأسر على مبدأ الرحمة والألفة والمشاركة.

فالوعي المجتمعي يرفع من مستوى السلوك ويحد من آثار بعض المشكلات وأفضل وسيلة لرفع الوعي بجانب الدورات هو التعليم بنوعيه العام والعالي، وهو ما يدفعنا إلى إيجاد مواد مخصصة عن الأسرة والزواج تتناول العلاقة الزوجية بشكل متعمق وتأصل مبدأ الحوار والتفاهم وتقبل الاختلاف، وتدرس من قبل معلمين متخصصين وتكون هذه الدروس متماشية مع الأوضاع الراهنة وتأسيس المناهج بناء على دراسات وأبحاث معمولة على المجتمع السعودي بحيث تكون فعالة أكثر وليست مجرد مادة نظرية تنتهي بانتهاء السنة الدراسية.

ومن الاقتراحات التي من الممكن أن تخفف من معدلات هذه الظاهرة هو وجود لجنة أو أخصائيين اجتماعيين ونفسيين يقابلون كلا من الزوج والزوجة قبل الانفصال ويكون جزءا من الإجراءات الحكومية، وتكون هذه المقابلة محاولة لتخفيف حدة الاختلافات بين الزوجين، وتقريب وجهات النظر بينهم ويكون هناك فترة للتفكير، خاصة وغالبا أننا نسمع أن الخلع أو الطلاق تم بشكل متسرع وأن هناك ندما من أحد الطرفين.

وأيضا هناك دور إعلامي وكبير حتى من خلال مواقع التواصل الاجتماعي للتوعية بمشكلات الانفصال، ومحاولة تقريب وجهات النظر بين الطرفين ومكافحة الصورة المشوهة للعلاقة الزوجية والأسرية والتي أصبحت في منابر التواصل الاجتماعي، فلابد من وجود موجة مضادة ومكافحة لما يحدث من تشويه الصورة الحقيقية والواقعية للحياة الزوجية.

وخطوة أخيرة يتوجب أن تكون هناك هيئة أو جهة حكومية تتولى تأهيل الزوجين وأبنائهم لمرحلة الانفصال في حال كان هو الخيار الوحيد، وتعمل على التخفيف من حدته على أفراد العائلة، والتوعية بحدود العلاقة بين الزوج والزوجة بعد الانفصال بحيث لا يدخل الأبناء طرفا في النزاع، ويؤهل الأبناء لهذه المرحلة ويتعهد كلا الطرفين بالالتزام بحقوقهم وواجباتهم تجاه الطرف الآخر والأبناء.

وفي الختام نعود ونقول الإصلاح والتطور والتقدم يبدأ من الأسرة، لذلك كلنا شركاء في هذا المجتمع وكلنا مسؤولون فيجب أن نعي حقوقنا وواجباتنا، ونبدأ بتوعية أنفسنا ومن حولنا للنهوض بالمجتمع ككل ونبني جيلا أكثر وعيا وقادرا على التعامل مع مشكلاته.

weamso1225@