سارا الضراب

الدراما السعودية الرمضانية بين التكرار والعزوف الجماهيري

الأربعاء - 27 أبريل 2022

Wed - 27 Apr 2022

بلغت الأعمال الدرامية السعودية لرمضان هذا العام ما يقارب من (9) أعمال مختلفة وقد تنوعت ما بين الكوميدي والتراجيدي، وقد دار حولها النقاش والجدال بين أفراد للجمهور من الجنسين، وكانت ردود الأفعال عليها متباينة من حيث القبول والرفض. فبالرغم من زيادة الإنتاج الدرامي التلفزيوني السعودي إلا أنه في «الكم» فقط وليس الكيف من حيث الجودة والموضوعات التي تمس حياة المواطن السعودي.

الدراما السعودية برمضان هذا العام تكرر نفسها وتتحدث عن نفس المشاكل والقضايا كالإرهاب بالرغم من أن هناك قضايا مجتمعية أخرى متعددة يمكن عرضها وتناولها ويعاني منها المجتمع السعودي، وهذا يحدث بالفعل في مسلسل مثل العاصوف في الجزء الثالث والذي لم يتغير في موضوعه أبدا مثل ما حدث في الجزءين الأول والثاني على وتيرة واحدة، وكأن المجتمع السعودي على مدار عقود لم يكن به إلا قضية الإرهاب، فهو يكرر عرض المشكلة بطريقة واحدة وبأسلوب درامي مباشر دون التطرق لجوانب أخرى من مشاكل المجتمع، فربما تكون هي السبب غير المباشر للإرهاب، ولكن القائمين

على المسلسل يتخذون مسارا واحدا لعرض القضية ولا يحيدون عنه، مما يجعل المشاهد يتوقع الأحداث قبل وقوعها في أحداث المسلسل؛ فينتج عن ذلك حدوث الملل من مشاهدة نفس الأحداث المكررة ويجعله يهرب لنوعية أخرى من المسلسلات حتى ولو كانت غير سعودية.

وبالطبع ينتج عن ذلك عزوف المشاهد عن الإنتاج السعودي مما يمثل خطرا كبيرا على إنتاج الأعمال المحلية، ويتجه لدراما أخرى أكثر تشويقا وتتناول قضايا مثيرة مثل الدراما الكويتية كمسلسل «من شارع الهرم إلى» الذي نجح وتصدر المركز الأول والترند في منصة شاهد ومواقع التواصل الاجتماعي ونجح في طرحه لموضوع جديد وجريء وواقعي ومثير للجدل، حوار الجديد على السوق الدرامي.

بالرغم من أن مخرج العاصوف و«من شارع الهرم إلى» واحد وهو المخرج السوري «المثنى صبح» إلا أن الفرق شاسع بين العملين، وأتساءل لماذا لم تظهر بصمات المخرج في العمل السعودي مثلما حدث في العمل الكويتي؟

فهل ذلك ناتج من أن العمل الكويتي واقعي ومثير للجدل ويمس حياة المشاهد بصورة متعمقة ويعرض المشكلات الفعلية التي يحتاجها المشاهد وتثير فضوله بعيدا عن الموضوعات والقضايا المكررة؟ إذن الفرق بين العملين في وجهة نظري هو القصة والسيناريو والحوار، لأن العملين مدججان بمجموعة كبيرة من النجوم والإمكانيات المادية والإنتاج، متشابهان لحد كبير، فأرى أن مؤلف القصة وكاتب السيناريو والحوار بالعاصوف لم يكلف نفسه في البحث عن موضوعات وقضايا جديدة يناقشها بالمسلسل، وإنما اختار الطريق السهل فنتج عن ذلك هذا العمل النمطي المكرر، هذا بالإضافة لضعف اللهجة

والحوار بالمسلسل، مما جعله غريبا وبعيدا عن الواقع السعودي.

أما العمل الثاني الذي أجده مضمحل المستوي «ستوديو22» في الموسم الثاني وهناك خطأ متكرر، ألا وهو تقليد الشخصيات، وهذا يعتبر سقطة كبيرة كما أنه يفتعل بعض المفارقات الكوميدية ليصبغ مشاهده بالكوميديا السمجة الركيكة، وأصبحت مشاهد المسلسل أشبه بالاستكتشات الكوميدية أو ما يسمى بالستاند أب كوميدي لكن بطريقة تتسم بالتهريج والارتجال غير المنضبط في المضمون المقدم، وكأن المسلسل يعرض تقليد الفنانين ليضحك الناس فينتج عن ذلك أداء مبتذل لا يضحك ولا يمتع أحدا.

لكن ومع كل هذا الغيم بالدراما السعودية فهناك طاقة نور يمكن أن يبنى عليها أساس قوي إذا قمنا بتطويرها ومساندتها، ألا وهو المسلسل الكوميدي السعودي «منهو ولدنا» ففكرة المسلسل جديدة على الدراما التلفزيونية الخليجية بقالب كوميدي شيق، ويدور الموضوع على فكرة الخطأ الناتج عن استبدال الأطفال داخل إحدى المستشفيات ثم ينكشف الخطأ وتنقلب حياة الأطفال والأسر بعدها رأسا على عقب، ويعود كل شاب منهما إلى عائلته الأصلية دون أن يتحمل أحدهما حياة الآخر.

ختاما.. أرى أن للدراما السعودية مقومات قوية جدا، لكن إذا تم التركيز على النقاط سالفة الذكر ستكون الأولى عربيا خاصة في وجود الدعم الكبير لها من الدولة، وأثره على تنوع موضوعات الأعمال الفنية، بالإضافة لوجود منصات العرض التجارية والقنوات التلفزيونية بكثرة، فالأمر يحتاج إلى مسارعة في علاج هذه الأزمة الدرامية، لأن نتائجها تأتي بالتدريج دون أن يشعر أحد، سوى أناس عندهم حساسية عالية للمشكلات الفنية، فيجب على القائمين على الأعمال الدرامية السعودية الاهتمام بالمضمون المقدم، وألا تكون هناك قوالب درامية مكررة ومحفوظة، والتي لا ينتج عنها أي إبداع أو تطوير أو

جذب للمشاهد، والنفور منها بطبيعة الحال.

@S_Darrab