نمر السحيمي

الأيديولوجيات المتطرفة وملف الفساد العلمي

الثلاثاء - 26 أبريل 2022

Tue - 26 Apr 2022

الأيديولوجيا هي علم الأفكار، وبصورة أكثر تحديدا هي نسق من الأفكار يبرر خضوع جماعة أو طبقة ما، لجماعة أو طبقة أخرى أو أفراد، مع إضفاء نوع من الشرعية على هذا الخضوع.

فتصوروا أن توجد هذه الأيديولوجيا بشكلها الشاذ المتطرف المخالف لفكرنا المعتدل المنضبط بتعاليم ديننا الوسطي الحنيف في جامعة من الجامعات؟ وتساءلوا ما هي مخرجات هذه الجامعة أو تلك إن كانت تتحكم بقراراتها جماعات ذات أيديولوجيا شاذة متطرفة؟

وبصورة أوضح تصوروا أن تتمكن (جماعة ما) تؤمن بنسق شاذ متطرف من الأفكار، وتستوطن عناصر هذه الجماعة (جامعة ما) فتسيطر على قرارات هذه الجامعة، ثم تبرر هذه الجماعة لنفسها أن يخضع كل من حولها من أعضاء هيئة التدريس لهذه الأفكار الشاذة المتطرفة، إضافة إلى ذلك تقوم هذه الجماعة بإضفاء نوع من الشرعية لهذا الخضوع، أو الإقصاء لمن يرفض الخضوع من أبناء المجتمع أو الوطن لشرعنة هذا الإخضاع وإعطائه الشكل القانوني للتستر والبقاء.

ولكم أن تتخيلوا حجم الكارثة والضرر لو كانت هذه الجماعة التي تتبنى هذا النسق الشاذ المتطرف من الأفكار هي (جماعة الإخوان المحظورة أو أذنابها من الجامية وغيرها)، ثم تسيدت هذه الجماعة على قرارات جامعة من جامعاتنا؟ كم من الكفاءات سيتم إبعادها وإقصاؤها؟ وكم من المتخصصين سيتم طردهم؟ وكم من الخريجين الذين سيأخذون هذا الفكر الشاذ المتطرف ثم سيعملون في مؤسساتنا وينتشرون في مجتمعنا؟

إن محاربة الأيديولوجيات الشاذة المتطرفة، وتنظيف جامعاتنا منها لهو الطريق الوحيد لتعليم متقدم مثمر؛ يسهم في خدمة الوطن ويتفق مع رؤية المملكة 2030م، بينما سيتسبب بقاء هذه الأيديولوجيات الشاذة المتطرفة في تدمير تعليمنا، وإفساد مخرجاته، والقضاء على كفاءاتنا الوطنية، وتعقيم عقول أجيالنا ليسهل انقيادها إلى الطرق المنحدرة التي رسمها لنا الأعداء.

ولا شك أن تجاهل وجود هذه الأيديولوجيات الشاذة المتطرفة في بعض جامعاتنا من قبل بعض المسؤولين عن منظومة التعليم بالمملكة هو مخالفة صريحة لما نصت عليه بعض مواد النظام الأساس للحكم؛ ومنها المادة الثالثة عشرة التي أكدت على هدف التعليم بالمملكة ونصها (يهدف التعليم إلى غرس العقيدة الإسلامية في نفوس النشء، وإكسابهم المعارف والمهارات، وتهيئتهم ليكونوا أعضاء نافعين في بناء مجتمعهم، محبين لوطنهم، معتزين بتاريخه)، ولا يمكن أن يتحقق هذا الهدف مع وجود أيديولوجيات شاذة متطرفة تصادر الأفكار وتسعى لتعقيم العقول لتخضع النشء لأيديولوجيتها المنحرفة ومن ثم

إخضاع المجتمع بكامله ليسهل انقياده تحت سلطتها.

وفي المادة التاسعة والعشرين من النظام الأساس للحكم أكدت الدولة رعايتها لـ (العلوم والآداب والثقافة، وعنايتها بتشجيع البحث العلمي، وصيانتها للتراث الإسلامي والعربي، وإسهامها في الحضارة العربية والإسلامية والإنسانية)، ولا يتحصل ذلك إلا بتعليم تتلاقح فيه الأفكار النيرة في إطار تعاليم الإسلام الوسطي الذي تلتزم به المملكة، وهذا التعليم لا يمكن أن يكون صانعا للأفكار النيرة وحاضنا لها بوجود أيديولوجيات منحرفة تعمل على إخضاع الآخرين للفكر الشاذ المتطرف الذي تؤمن به، وإقصاء ما سواه.

ختاما.. إن الحاجة قائمة لتقييم مسيرة تعليمنا، وقراءة ما بين السطور في التطبيق الواقعي لهذا المجال الهام في حياتنا، وكشف ما ينطوي عليه من فساد سواء من وجود الأيديولوجيات المنحرفة أو غيرها، وذلك من خلال فتح ملفات الفساد العلمي الذي لا يقل خطورة عن ملفات الفساد المالي والإداري.

alsuhaimi_ksa@