ياسر عمر سندي

رأس المال وثروة لبنى العليان

الأربعاء - 20 أبريل 2022

Wed - 20 Apr 2022

من الطبيعي أن تستمع أو تشاهد من هم ضمن دائرة المال والأعمال من رجال أو سيدات وهم يتحدثون عن إنجازاتهم، وتجارتهم، ومؤسساتهم، وشركاتهم، وما هي نظرتهم الاقتصادية، وخططهم المستقبلية.

في مطلع شهر رمضان المبارك لهذا العام استضافت إحدى القنوات الفضائية الخاصة سيدة الأعمال الأستاذة لبنى العليان، وهو أول ظهور تلفزيوني لها. استمر الحوار قرابة الساعتين، وفي رأيي أعتبره حوار الساعة، لمحاضرة متكاملة في مختلف المجالات: الأخلاقية، والإنسانية، والتربوية، والاقتصادية، والمجتمعية.

سألها الإعلامي المخضرم الأستاذ عبدالله المديفر: «كم تقدر ثروة العليان؟» ردة الفعل الذكية من إنسانة أعتبرها من سيدات الأعمال المخضرمات في واقعنا المعاصر، والتي أصنفها منجما للحكمة العملية المقترنة بالقيمة البشرية في معترك هذه الساحة التنافسية التي تحتم على من هم في هذه الدائرة إبراز الجانب النفعي، وتقديمه على الجانب الإنساني؛ فكانت إجابتها على عكس التوقعات من ذلك بأن «ثروتي الكبيرة هم الموظفون والسمعة».

تابعت اللقاء، وكنت حريصا على تلقي، واستيعاب كل كلمة، وجملة لتحليلها، وتفسيرها من الجانب السلوكي والمعرفي خصوصا مع شخصيات لها قيمتها، وقامتها من البارزين، والمؤثرين مجتمعيا، أشارت الأستاذة لبنى في حديثها إلى أن لوالدها الشيخ سليمان العليان -رحمه الله- تأثيرا بالغا في رسم خارطة طريقها المهني ومسارها العملي، وكذلك تشكيل إحساسها المعنوي؛ كان موظفا بسيطا لكنه معتزا بحمل الرقم 40 في شارة التعريف الشخصي ضمن موظفي شركة أرامكو آنذاك؛ لم ينس أنه كان موظفا عانى هموم الوظيفة وتبعاتها من تشريعات وتعاملات في تلك المرحلة التي شكلت شخصية الأب،

وانعكست بالتالي على شخصية ابنته.

في بدايات القرن الماضي.. تحديدا العصر الصناعي ظهرت مدرسة العلاقات الإنسانية، التي ركزت على حقوق الموظفين المسلوبة من تسلط أصحاب الأعمال، وتنفيذيو المنظمات بالتركيز على المال، والإنتاجية؛ وإهمال الموظف، وحالته النفسية، وعدم مراعاة مشاعره الإنسانية؛ في علم النفس؛ في مسار السلوك التنظيمي، والإداري جاء الكثير من الباحثين والعلماء من أمريكا، وألمانيا، وبريطانيا؛ الذين ركزوا في دراساتهم النظرية والتطبيقية لتشريع القوانين، ورعاية حقوق الموظفين؛ لذلك برزت النقابات العمالية استجابة لتلك المعاناة الأزلية.

الموظفون.. هم رأس المال البشري الحقيقيون، وهم الثروة، والرصيد التمكيني لبقاء أي منظمة سواء كانت شركة، أو مؤسسة عامة لتقديم الخدمات، أو خاصة لبيع المنتجات.

الاعتراف بالموظفين، يعني النجاح للمنظمة، وهو السبب في نشوء العقد النفسي بين صاحب العمل، وبين الموظف الذي ينشد استقرار الروح المعنوية، والأمان، والاحترام؛ الذي يتحول إلى قوة الولاء والارتباط المؤسسي.

قمة الوفاء، والرقي الإنساني ألا يتناسى من هم في رأس الهرم بأنهم كانوا يوما ما في قاعدته، ولولا هذه القاعدة ما استقر أعلى الهرم.

فلسفة الثروة الإنسانية؛ لا يعرفها سوى الأغنياء حقا.

@Yos123Omar