مرضى نفسيون في كرسي الحكم
الأحد - 17 أبريل 2022
Sun - 17 Apr 2022
علم النفس السياسي، هو علم يختص بتحليل شخصيات الزعماء السياسيين، بناء على عوامل كثيرة، منها نشأتهم، خطاباتهم، قراراتهم السياسية، ردات فعلهم والتفاعل بينهم وبين شعوبهم ومن يتبعهم من مؤيدين والأحزاب التي ينتمون لها. سأتطرق هنا إلى الأمراض النفسية التي عانى منها بعض القادة والزعماء السياسيين.
التاريخ حافل بقادة وحكام «ديكتاتوريين» أشعلوا الحروب وقتلوا الملايين من شعوبهم، وأذكر منهم الإمبراطور «نيرون» الذي عرف بأنه هو من أحرق روما، وقتل أمه ومعلمه وزوجته وأخاه، وعذب شعبه لدرجة أنه لم يترك وسيلة تعذيب إلا استخدمها.
وفي العصر الحديث هناك «أدولف هتلر»، زعيم ألمانيا النازية، حيث توصل المحلل النفسى «والتر لانجلر» إلى أن «هتلر» كان يعاني من الشخصية «السيكوباثية»، فهو أشهر من مارس الخطب النارية التي دلت على قلة إدراكه لهذا المرض، وزادت أعراض هذه الشخصية وسلوكه العدواني كلما فشلت خططه وتعرضت ألمانيا لهزائم عسكرية متوقعة.
وينضم للقائمة جوزيف ستالين، فقد وصف الأطباء معاناته من مرض نفسي وهو الذهان، ومن أعراضه الوسوسة والشك، فكان ستالين يعيش هاجس وجود معارضين يتربصون بنظامه طوال الوقت، وكان يصدر قرارات فردية بإعدام الملايين لمجرد الشك والتخمين، ويقال إنه في ليلة واحدة (في الثامن من ديسمبر 1938) وقع قائمة بإعدام ثلاثين ألف رجل، ثم قام بمشاهدة فيلم «الرجال السعداء»! وأعدم ستالين مليون شخص بين أعوام 1935 و1938 وأيضا بين أعوام 1945 و1950 ويقال إنه أعدم طوال حياته ما مجموعه نحو 50 مليون شخص، بالإضافة إلى أنه تسبب في تهجير عشرات الملايين عن بلادهم.
كما يعتقد عدد من المؤرخين النفسيين أن الدكتاتور الإيطالي «بينيتو موسوليني» يأتي في مقدمة طابور الحكام السيكوباثيين، وقد بدأت ملامح عدوانيته منذ الصغر عندما طعن زميلا له في المدرسة بالسكين إثر شجار عابر.
ويعاني كثير من السياسيين والحكام من أعراض جنون العظمة، وهو مرض شائع لدى بعض الحكام العرب، وينتج عن الاستمرار في الحكم لفترات طويلة تؤدي إلى التوحد مع المنصب، ومن أعراض المرض الاهتمام المبالغ بصورته وطريقة كلامه، وكيفية تعامل الشعب معه، وتوحد الذات مع الوطن، بالإضافة إلى الاستعمال المفرط لكلمة نحن أي -صورة الجمع- عند الحديث عن نفسه، الثقة بالنفس المبالغ فيها واحتقار آراء الآخرين، واعتبار أن حق مساءلته هو من اختصاص الله أو التاريخ وليس من حق الشعب، مع الاعتقاد الراسخ ببراءته أمام الله والتاريخ من كل جريمة قد ارتكبها في حق الغير.
ومن أشهر المرضى النفسيين في الحكم؛ القذافي وصدام حسين، فالشعوب العربية وبدون الحاجة للطب النفسي تعرفت على القذافي، كونه «قائدا مختلا» من خلال سلوكياته، ملابسه الغريبة وخطاباته التي أثارت السخرية على مدى العقود وكانت موضوعا لبرامج كوميدية في الغرب. وإذا طبقنا أعراض كتب التشخيص النفسي على شخصية القذافي، ستشير إلى أنه مصاب باضطراب الشخصية النرجسية، فهو يعتقد أنه الوحيد صاحب الرؤية الصائبة في العالم والوحيد القادر على حكم ليس فقط أفريقيا بل العالم كله.
وذهب بعض الأطباء النفسيين إلى تشخيص القذافي باضطراب المزاج ثنائي القطبين، فهو يتسم بكثير من الأعراض التي تدعم هذا التشخيص مثل؛ جنون العظمة، تبديد أموال الدولة على أمور تافهة، الاندفاعية، كثرة مغامراته النسوية، والعنف تجاه أي شخص يبدي له أي نوع من المعارضة. كما أن أعراض وسلوكيات صدام حسين تشير إلى الشخصية النرجسية أيضا، فينطبق عليه الكثير من الصفات المذكورة سابقا، بالإضافة إلى السادية أي -حب تعذيب الآخرين والسيطرة والتحكم- وذلك حسب تشخيص بعض الباحثين الأمريكيين، كما اتسم بأعراض التهور والسلوك المدمر، والذي أدى في النهاية إلى تدمير العراق.
وتتفوق أمريكا في عدد الرؤساء الذين عانوا من المرض النفسي، ويرجع ذلك إلى أنها من الدول القليلة التي تنشر حقائق هذا الموضوع. ففي تقرير نشرته مجلة الأمراض العصبية والعقلية الأمريكية أشار إلى أن 49% من رؤساء أمريكا عانوا من المرض النفسي. فقد عانى 18 رئيسا أمريكيا من مرض عقلي ما، وكان الاكتئاب والاضطراب الأكثر انتشارا بينهم.
فإبراهام لنكولن عانى من أعراض الاكتئاب، وأيضا لندون جونسون، الذي أصيب بالاكتئاب ثم اضطراب الهوس الاكتئابي ثنائي القطب، وأصيب جون كوينسي آدامز بحالة اكتئاب مزمن، كما أن جورج بوش الابن عانى من الاكتئاب وإدمان الكحول والكوكايين في فترة من حياته، كما ظهرت تقارير التحليل النفسي التي أشارت إلى عجزه عن تخطي ظل أبيه وفشله في تخطي سطوة هذا الأب لبناء هوية مستقلة عنه. وشخص الرئيس رونالد ريجان بأعراض الزهايمر أثناء فترة رئاسته الثانية وهو نفس المرض الذي سبب له مضاعفات أدت في النهاية إلى وفاته.
@almaiahmad2
التاريخ حافل بقادة وحكام «ديكتاتوريين» أشعلوا الحروب وقتلوا الملايين من شعوبهم، وأذكر منهم الإمبراطور «نيرون» الذي عرف بأنه هو من أحرق روما، وقتل أمه ومعلمه وزوجته وأخاه، وعذب شعبه لدرجة أنه لم يترك وسيلة تعذيب إلا استخدمها.
وفي العصر الحديث هناك «أدولف هتلر»، زعيم ألمانيا النازية، حيث توصل المحلل النفسى «والتر لانجلر» إلى أن «هتلر» كان يعاني من الشخصية «السيكوباثية»، فهو أشهر من مارس الخطب النارية التي دلت على قلة إدراكه لهذا المرض، وزادت أعراض هذه الشخصية وسلوكه العدواني كلما فشلت خططه وتعرضت ألمانيا لهزائم عسكرية متوقعة.
وينضم للقائمة جوزيف ستالين، فقد وصف الأطباء معاناته من مرض نفسي وهو الذهان، ومن أعراضه الوسوسة والشك، فكان ستالين يعيش هاجس وجود معارضين يتربصون بنظامه طوال الوقت، وكان يصدر قرارات فردية بإعدام الملايين لمجرد الشك والتخمين، ويقال إنه في ليلة واحدة (في الثامن من ديسمبر 1938) وقع قائمة بإعدام ثلاثين ألف رجل، ثم قام بمشاهدة فيلم «الرجال السعداء»! وأعدم ستالين مليون شخص بين أعوام 1935 و1938 وأيضا بين أعوام 1945 و1950 ويقال إنه أعدم طوال حياته ما مجموعه نحو 50 مليون شخص، بالإضافة إلى أنه تسبب في تهجير عشرات الملايين عن بلادهم.
كما يعتقد عدد من المؤرخين النفسيين أن الدكتاتور الإيطالي «بينيتو موسوليني» يأتي في مقدمة طابور الحكام السيكوباثيين، وقد بدأت ملامح عدوانيته منذ الصغر عندما طعن زميلا له في المدرسة بالسكين إثر شجار عابر.
ويعاني كثير من السياسيين والحكام من أعراض جنون العظمة، وهو مرض شائع لدى بعض الحكام العرب، وينتج عن الاستمرار في الحكم لفترات طويلة تؤدي إلى التوحد مع المنصب، ومن أعراض المرض الاهتمام المبالغ بصورته وطريقة كلامه، وكيفية تعامل الشعب معه، وتوحد الذات مع الوطن، بالإضافة إلى الاستعمال المفرط لكلمة نحن أي -صورة الجمع- عند الحديث عن نفسه، الثقة بالنفس المبالغ فيها واحتقار آراء الآخرين، واعتبار أن حق مساءلته هو من اختصاص الله أو التاريخ وليس من حق الشعب، مع الاعتقاد الراسخ ببراءته أمام الله والتاريخ من كل جريمة قد ارتكبها في حق الغير.
ومن أشهر المرضى النفسيين في الحكم؛ القذافي وصدام حسين، فالشعوب العربية وبدون الحاجة للطب النفسي تعرفت على القذافي، كونه «قائدا مختلا» من خلال سلوكياته، ملابسه الغريبة وخطاباته التي أثارت السخرية على مدى العقود وكانت موضوعا لبرامج كوميدية في الغرب. وإذا طبقنا أعراض كتب التشخيص النفسي على شخصية القذافي، ستشير إلى أنه مصاب باضطراب الشخصية النرجسية، فهو يعتقد أنه الوحيد صاحب الرؤية الصائبة في العالم والوحيد القادر على حكم ليس فقط أفريقيا بل العالم كله.
وذهب بعض الأطباء النفسيين إلى تشخيص القذافي باضطراب المزاج ثنائي القطبين، فهو يتسم بكثير من الأعراض التي تدعم هذا التشخيص مثل؛ جنون العظمة، تبديد أموال الدولة على أمور تافهة، الاندفاعية، كثرة مغامراته النسوية، والعنف تجاه أي شخص يبدي له أي نوع من المعارضة. كما أن أعراض وسلوكيات صدام حسين تشير إلى الشخصية النرجسية أيضا، فينطبق عليه الكثير من الصفات المذكورة سابقا، بالإضافة إلى السادية أي -حب تعذيب الآخرين والسيطرة والتحكم- وذلك حسب تشخيص بعض الباحثين الأمريكيين، كما اتسم بأعراض التهور والسلوك المدمر، والذي أدى في النهاية إلى تدمير العراق.
وتتفوق أمريكا في عدد الرؤساء الذين عانوا من المرض النفسي، ويرجع ذلك إلى أنها من الدول القليلة التي تنشر حقائق هذا الموضوع. ففي تقرير نشرته مجلة الأمراض العصبية والعقلية الأمريكية أشار إلى أن 49% من رؤساء أمريكا عانوا من المرض النفسي. فقد عانى 18 رئيسا أمريكيا من مرض عقلي ما، وكان الاكتئاب والاضطراب الأكثر انتشارا بينهم.
فإبراهام لنكولن عانى من أعراض الاكتئاب، وأيضا لندون جونسون، الذي أصيب بالاكتئاب ثم اضطراب الهوس الاكتئابي ثنائي القطب، وأصيب جون كوينسي آدامز بحالة اكتئاب مزمن، كما أن جورج بوش الابن عانى من الاكتئاب وإدمان الكحول والكوكايين في فترة من حياته، كما ظهرت تقارير التحليل النفسي التي أشارت إلى عجزه عن تخطي ظل أبيه وفشله في تخطي سطوة هذا الأب لبناء هوية مستقلة عنه. وشخص الرئيس رونالد ريجان بأعراض الزهايمر أثناء فترة رئاسته الثانية وهو نفس المرض الذي سبب له مضاعفات أدت في النهاية إلى وفاته.
@almaiahmad2