مرزوق بن تنباك

راحة للموظفين وتعب للمراجعين

الثلاثاء - 12 أبريل 2022

Tue - 12 Apr 2022

الاتصال من بعد الذي فرضه مرض كورونا منذ سنتين حوّل الواقع الذي يعيشه الناس إلى واقع افتراضي عمدت إليه الدول عند حلول الوباء الداهم وكان لا بد من ذلك ولا خيار غيره لتجنب الخطر الذي أجبر الناس على التباعد والانفصال، وهو أمر غير طبيعي ولا مناسب، فالطبيعي بين الناس هو الاتصال لقضاء الحاجات واستمرار المنافع التي يحتاجها المجتمع وما كان غيره؛ فهي ضرورة حدثت وانتهت ولله الحمد.

وقد أبلى المسؤولون فيها بلاء حسنا وكل يشهد على الأعمال الجليلة التي قاموا بها وجنبت المملكة وسكانها الضربات الموجعة للمرض عند بدئه، وبفضل جهودهم واستشرافهم لخطورة ما قد يحدث كانت المملكة أقل الدول تضررا وأكثرها حيطة وحذرا، ولم يؤثر التباعد والانفصال على مصالح الناس التي تتم عادة بالتواصل المباشر، وقد كان الاختيار موفقا للبدائل المناسبة التي مكنت المؤسسات الرسمية والناس كافة من ممارسة حياتهم بشكل معقول، حيث سخرت وسائل التواصل التكنولوجي للقيام بالحد الأدنى الذي استمرت به العلاقات والمصالح حتى زال الوباء وتم الشفاء وعادت الأمور إلى طبيعتها والحال إلى ما كان عليه قبل حلول الكارثة التي استمرت أكثر من عامين وعمت العالم كله.

لكن يبدو أن المؤسسات العامة والخاصة التي تخدمهم استساغت التباعد واعتادت عليه ولا زال بعضها مصممة على أن يكون التواصل معها عن بعد وهذا عمل يفوت كثيرا من المصالح التي لا يتم عادة حلها إلا عن طريق الاتصال المباشر بين الناس سواء المسؤولين في تلك الدوائر الرسمية أو أصحاب الحاجات، وإذا كان في التباعد راحة وجدها الموظفون مناسبة لهم خففت عليهم مواجهة المراجعين وأصحاب المصالح التي تتعلق في مسؤولياتهم فإن في ذلك ضياع لكثير من الوقت وتعثر في إنجاز الأعمال الموكولة إليهم وتعب على المراجعين وشقاء لهم، وهي واجب عليهم أعني -الموظفين- وليس تبرعا منهم والواجب على المسؤولين عن تلك المؤسسات المسارعة إلى فتح أبواب دوائرهم واستقبال المراجعين وأصحاب الحاجات المتعلقة بأعمالهم ومسؤولياتهم فهم وجدوا لهذه المهمة وليس للعمل من وراء حجاب كما يريدون.

ومن له صلة وحاجات عند الدوائر الرسمية العامة والقطاع الخاص المسؤول عن شؤون الناس وحاجاتهم يعرف ذلك ويعرف ما يواجه المراجعون لتلك الدوائر من مشكلات كثيرة لا يحلها التواصل عن بعد الذي يبدو أن بعض الموظفين ركنوا إليه حتى يرتاحوا من مقابلة المراجعين وما يسببونه من إلحاح لإنجاز أعمالهم، ولهذا يحاول بعض الموظفين استمرار التواصل عن بعد التي ما كان العمل بها إلا عن ضرورة اقتضتها ظروف خاصة وزالت تلك الظروف ولم يزل العمل بما كان ضرورة قائما بعد زوالها.

الواجب أن يعلن المسؤولون فتح أبواب الدوائر العامة والخاصة للمراجعين والعودة الكاملة للعمل المباشر مع الناس ومع المجتمع؛ فحاجتنا اليوم لإنجاز ما يحتاجه العمل للمستقبل ولإنجاز تلك المشروعات الضخمة التي تحدث في كل يوم وتحتاج الانفتاح التام بين العاملين من كل الجهات مع كل الذين يستطيعون تقديم الخدمة العامة على أحسن ما يكون، تلك فضيلة العمل وخدمة الناس وتحقيق الغاية القصوى والفائدة المرجوة من الإنجاز، والمطلوب من رأس كل دائرة عامة أو خاصة إعلان العمل المباشر لدائرته وموظفيه وليس التستر والعمل من وراء حجاب ذلك عمل ناقص والله يحب منكم إذا عملتم عملا أن تحسنوه وتقوموا به على الوجه الأكمل، فاعملوا ما يريده الله منكم وما وصاكم به نبيكم (من عمل عملا فليحسنه)، وما تريدون من خير لأنفسكم ولوطنكم وأمتكم رعاكم الله.

Mtenback@