عائشة العتيبي

تهذيب النفس باستراتيجية إلهية

الجمعة - 08 أبريل 2022

Fri - 08 Apr 2022

قد نمارس رياضة معينة؛ حتى نتخلص من نمط حياتي ممل أو نحجز تذكرة سفر؛ لكي نبحث عن نقاء النفس واستجمام ومناظر طبيعية، قد نسعى في إيجاد حلول بكل الطرق؛ لأجل أن نغير روتينا يوميا، وموقفا صعبا، وهروبا من واقع ممل، نضيف كل شيء؛ لكي نصبح بحال أفضل ولأجل أن نتنفس هواء الحياة من جديد بعقل أكثر استيعابا وإدراكا ووعيا؛ ولكي نعيد إلى أنفسنا روح العفوية والمرح والتحمل. نفعل كل ما بوسعنا حتى نحصل على السيطرة والتحكم بأنفسنا بشكل معتدل وثابت، بل قادرون على تخطي ما قد نراه لاحقا من ضغوطات عمل وخيبة أمل وسوء تعامل وفشل متكرر.

ماذا لو أن هناك شيئا آخر مختلفا يعيد ذاته في كل عام ويأتي لنا حتى يمنحنا الحياة الفعلية ويخبرنا أن لا زال في الحياة حياة أخرى أكثر إيجابية وتفاؤلا وأملا ورحمة، يشع لنا في كل عام لأجل يغير ما بداخلنا من هموم ومصاعب وذنوب وتهذيب لأنفسنا بطريقة استراتيجية تعطي لنا فرصة جديدة، وتسنح لنا بأخذ أنفسنا على محمل الجدية والوعي وأن هناك حياة أخرى تنتظر منا الأفضل، والعمل لها هو أمر واجب حتى نجد ذلك النعيم فيما بعد.

تهذيب النفس لا يعلم به أحد، ولا حتى ذات الشخص يعرف أن يجدها بنفسه؛ فالله يعلم ونحن لا نعلم؛ لذا كان من حكمة الله أن أوجد لنا أشهر بمثابة الاحتواء والطمأنينة واللجوء والتقرب حتى نصبح سواسية نجتمع لكي نقترب منه، فتلك الأشهر التي تصف نفسها لنا بأنها محطات لبداية جديدة أكثر اتساعا ورحمة ولطفا وامتنانا وتقديرا، ولابد من استشعارها وبذل أقصى ما يمكن حتى نصل لمرحلة ما بعد الراحة والتوفيق والرضا بسبب فعل الخير والإحسان فيها، وعمل كل ما نستطيع امتنانا لمن أوجدها لنا، أصبح رمضان أبرز مثال لتلك الأشهر وأطول أيام للعبادة به وإلى الآن لا زال ينثر بصيص النور في كل يوم من أيامه الثلاثين، وهو الذي بداخلنا يحظى على التقدير الكبير والانتظار الطويل، الذي أتى لنا حتى يمنحنا فرصة جديدة بقدومه، فكان أبرز تلك الأشهر التي عرفت باسم شهر الرحمة والغفران.

دائما نعلم وندرك أن الله لا يضع لنا شيئا بهذه الحياة إلا يعلم مدى تحملنا وقدر احتياجنا إليه، إلا أنه يعلم بأننا لا ندرك طريقا منيرا إلا طريقه هو وحده، فأصبح رمضان مسارا لأيام معدودة ولابد أن نسارع في اغتنام الفرص وإعادة التهذيب بطريقة أفضل تساعدنا في أخذ الأمور على محمل الجدية، وأن التفكر في الحياة أمر مهم وعلينا التفكير فيها بشكل متوازن وصحيح، وندع ما يسيء لأنفسنا من سلوك وتصرف وابتذال، ونجاهد أنفسنا بترك ما يسوء بأخلاقنا بعيدا، وننظر نظرة صادقة تجاه أنفسنا، وتجاه سلوكنا، ونجاهد ذلك بالعمل، ونجتهد لكي نصل للغاية التي وضعها الله لنا، فماذا نريد ونعيد؟! وكيف يمكننا أن نستفيد من هذا الشهر الكريم؟!

علينا أن ننظر لأنفسنا بنظرة صادقة وأكثر تهذيبا ونسلك طريقا يعيد لنا ترف الحياة الفعلية وكرم الأخلاق وجود العطاء والوعي بأن الحياة لا زال فيها الكثير من النعيم حتى الآن، هكذا سوف نستفيد من رمضان صاحب العطاء والامتنان والمساواة، هو لا يفرق بين الغني والفقير بل سيشكل الفارق لمن استغل التغيير في عودته من جديد.

3ny_dh@