هل نقدر قيمة الأشياء والنعم؟
الأربعاء - 06 أبريل 2022
Wed - 06 Apr 2022
برمضان يزدهر كل ما له علاقة بالاستهلاك بشكل متزايد. يعشق الكثير التسوق حتى لو بمشاهدة البضائع والتمتع بها، القدرة الشرائية ومقدرتنا عليها نعمة، على عكس الكساد لا سمح الله. لكن ما بين الاستهلاك المعتدل وما بين السرف فرق كبير.
بين ثنايا أسطر المقال سأشير لبعض جوانب الاستهلاك.
ما هي أبعاد الاستهلاك؟ متى وأين وكيف ولماذا نشتري؟ الإجابة عن هذه الأسئلة تسهم في التحول إلى استهلاك أكثر توازنا.
كم يؤثر سلوكنا الاستهلاكي على نمط حياتنا؟ هل يؤثر الاستهلاك على العالم بشكل سلبي؟
هل نحن مستهدفون من قبل الإعلانات؟ وسائل التواصل الاجتماعي المجانية مصممة لاستهدافنا بطريقة ظهور الإعلان وتكراره وخلافه، وكما ينشط بها الوسطاء وهم بارعون بالتسويق لما لا يمتلكون فعلا ودورهم ينحصر بعملية نقل البضائع الرخيصة من المصدر إلى المستهلك دون امتلاك المخازن..إلخ.
ولو فتحت التلفاز والراديو أو تصفحت الإنترنت أو تابعت بعض المختصين في مجالات معينة ستحاصرك الإعلانات فواحد يروج لمكملات غذائية وأخرى لعلامات تجارية لمستحضرات التجميل وثالث لشركات منتجات غذائية ورابع لطلبات توصيل الطعام، وملابس وأجهزة...إلخ.
حتى أن يوتيوب ومواقع التلفاز المدفوع، ترغبك بالهرب من سيل الإعلانات بالاشتراك بخدمات المشاهدة بدون إعلان!
المفارقة أن تجد الاستهلاك النهم للأمريكيين مثلا سبب في انتعاش الاقتصاد الصيني.
دون أن نغفل دور المعلنين بأمريكا ربط ثقافة الاستهلاك بالحياة السعيدة والامتلاك أكثر! هذا ليس محض خيال هذا جزء من سيكولوجيا التسويق.
زبدة الزبدة (نحن مستهدفون) للحصول على أكبر قدر من أموالنا لتعاظم ثروات الشركات والجهات المعلنة، وإدمان التسوق للأسف ليس هناك ما يمنع أو يوقف انتشاره، إلا بالوعي بأبعاد الاستهلاك غير المستدام والذي يفوق الحاجة وعدم الانسياق للكثير من أنماط الأفكار السائدة.
تجد مثلا الملياردير مارك رئيس ومؤسس فيس بوك أو ميتا حاليا، لا يتباهى بملابسه إنما يعتمد البساطة! وكذلك الراحل ستيف جوبز مؤسس أبل.
بطبيعة الحال هناك من الأغنياء من يتباهى بجنون الاستهلاك والامتلاك في المقابل هناك من هو منتوف الريش ومديون للبنوك ويتفاخر ويستهلك فوق احتياجه وقدراته. طبعا كلاهما خطأ فلا تنحصر أبعاد الاستهلاك في جانب القدرة الشرائية فقط.
قبل أن تخضع لأي منتج أو إعلان سواء كان سلعة أو جهازا أو غيره، اسأل نفسك أولا هل أحتاجه فعلا؟ ما العائد منه؟ ما مستوى جودته؟ وكيف أتحقق من ذلك؟ ما هي المواد المصنوعة منه، هل تضر البيئة؟
حتى في الدورات ما مصدر الشهادة ودرجة موثوقيتها وما هو العائد والهدف من أخذها؟ فالهدف التثقيفي يختلف تماما عن شهادة للوظيفة.
تأكد من البحث عن المنتج في مواقع مختلفة لتتحقق من مناسبة سعره، الخيارات المحدودة تجعلك تخطئ في تقدير قيمة السلعة، أما الخيارات المتعددة فتفتح مجالا للمقارنة.
لا تنساق للتلاعب التسويقي والثقة بالمشاهير أو بفكرة انتهاء السلعة ومحدوديتها...إلخ، وتأكد من مصدرها.
قبل مدة دخلت أحد المحلات كانت الأسعار مرتفعة الثمن بشكل كبير وقد شدني نعومة فراء فسألت عنه فكان للأسف فراء أرنب.
هل نحن اليوم بحاجة لنحصل على الدفء من فراء الحيوانات أم الترف هو السبب!
كم من أجل حمل الحقائب والسير بأحذية من جلود طبيعية خسر العالم من حيوانات؟ كم قتلت مفترسات كالنمور والثعالب وقتلت ثعابين...إلخ وشارفت حيوانات على الانقراض بسبب صيدها. أشد ما يواجه العالم خطر الانقراض وفقد التنوع الأحيائي وكثير من الأحيان يكون الترف والتباهي والاستهلاك أحد الأسباب!
طبعا يوم ما كان المروجون لهذه التجارة يدعون صداقتهم للبيئة بحجة أنها طبيعية!
ولا نتحدث عن الجدل بين المقارنة ولا مجال هنا بين استدامة الفراء الطبيعي والصناعي التي تكون مصنوعة من ألياف مركبة من مشتقات نفطية تسهم بزيادة نسبة الانبعاثات...إلخ.
لكن التمتع بالجلود والفراء الطبيعية للحيوانات في الأزياء يعد كارثة على صعيد الرحمة بالحيوانات التي يتم القضاء عليها وصيدها واستغلالها لتتفاخر فئة بملمسها الناعم ومظهرها! ابحث في شبكات الإنترنت عن وسائل استغلال الحيوانات حية بما يتنافى عن مبادئ ديننا، هل تعرف الثمن الحقيقي لوسادة من ريش؟ كيف يتم نتف ريش الطيور وهي حية وبدون أي مخدر مرات عدة وكيف تقلم منقارها لكي لا تؤذي جلدها المتقرح بعد النتف!
الأمر الآخر بعد شراء العديد من المشتريات هل نقوم بالتبرع بكل مالا نحتاجه أو الزائد والفائض سواء لإعادة استخدامه أو إعادة تدويره، أم يكون حبيسا للخزائن والتباهي بامتلاك العشرات والمئات، أم يرمى في القمامة!
أما استهلاك المواد الغذائية فحدث بلا انتهاء عن قضية الفقد والهدر التي تؤثر على الأمن الغذائي والبيئة وتضر بالاقتصاد، سواء بخسارة المنتجات وتلفها في المتاجر والمطاعم وخلافه، أو بشراء فوق ما نحتاجه وسوء التخزين وهدره بأشكال عدة، ومخالفة مقاصد الدين والصيام، وقوله تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).
ثلث الغذاء يفقد سنويا بالمملكة، للأسف أكثر المنتجات هدرا هي منتجات أساسية كالخبز يهدر بنسبة 25%.
هل نقدر قيمة الأشياء والنعم والموارد التي صرفت في سبيل إنتاجها؟
قاعدة لن تغير الكوكب وكل له مسؤوليته، لكنك تستطيع البدء بنفسك، لا تشتر إلا ما تحتاجه فعلا، ستحافظ على مالك وتصرفه وفق أفضل الخيارات وتحد من الثقافة الاستهلاكية النهمة وتحافظ على البيئة وتقلل من هدر الطاقة والمواد الخام والموارد الطبيعية وهدر الطعام وتقلل من ضياع كل ما دخل في العمليات الإنتاجية، وتسهم في الحد من الهدر الاقتصادي، وتحفظ النعم من الزوال وتقيم الشكر بالفعل والعمل كما تنطقه بلسانك.
AlaLabani_1@
بين ثنايا أسطر المقال سأشير لبعض جوانب الاستهلاك.
ما هي أبعاد الاستهلاك؟ متى وأين وكيف ولماذا نشتري؟ الإجابة عن هذه الأسئلة تسهم في التحول إلى استهلاك أكثر توازنا.
كم يؤثر سلوكنا الاستهلاكي على نمط حياتنا؟ هل يؤثر الاستهلاك على العالم بشكل سلبي؟
هل نحن مستهدفون من قبل الإعلانات؟ وسائل التواصل الاجتماعي المجانية مصممة لاستهدافنا بطريقة ظهور الإعلان وتكراره وخلافه، وكما ينشط بها الوسطاء وهم بارعون بالتسويق لما لا يمتلكون فعلا ودورهم ينحصر بعملية نقل البضائع الرخيصة من المصدر إلى المستهلك دون امتلاك المخازن..إلخ.
ولو فتحت التلفاز والراديو أو تصفحت الإنترنت أو تابعت بعض المختصين في مجالات معينة ستحاصرك الإعلانات فواحد يروج لمكملات غذائية وأخرى لعلامات تجارية لمستحضرات التجميل وثالث لشركات منتجات غذائية ورابع لطلبات توصيل الطعام، وملابس وأجهزة...إلخ.
حتى أن يوتيوب ومواقع التلفاز المدفوع، ترغبك بالهرب من سيل الإعلانات بالاشتراك بخدمات المشاهدة بدون إعلان!
المفارقة أن تجد الاستهلاك النهم للأمريكيين مثلا سبب في انتعاش الاقتصاد الصيني.
دون أن نغفل دور المعلنين بأمريكا ربط ثقافة الاستهلاك بالحياة السعيدة والامتلاك أكثر! هذا ليس محض خيال هذا جزء من سيكولوجيا التسويق.
زبدة الزبدة (نحن مستهدفون) للحصول على أكبر قدر من أموالنا لتعاظم ثروات الشركات والجهات المعلنة، وإدمان التسوق للأسف ليس هناك ما يمنع أو يوقف انتشاره، إلا بالوعي بأبعاد الاستهلاك غير المستدام والذي يفوق الحاجة وعدم الانسياق للكثير من أنماط الأفكار السائدة.
تجد مثلا الملياردير مارك رئيس ومؤسس فيس بوك أو ميتا حاليا، لا يتباهى بملابسه إنما يعتمد البساطة! وكذلك الراحل ستيف جوبز مؤسس أبل.
بطبيعة الحال هناك من الأغنياء من يتباهى بجنون الاستهلاك والامتلاك في المقابل هناك من هو منتوف الريش ومديون للبنوك ويتفاخر ويستهلك فوق احتياجه وقدراته. طبعا كلاهما خطأ فلا تنحصر أبعاد الاستهلاك في جانب القدرة الشرائية فقط.
قبل أن تخضع لأي منتج أو إعلان سواء كان سلعة أو جهازا أو غيره، اسأل نفسك أولا هل أحتاجه فعلا؟ ما العائد منه؟ ما مستوى جودته؟ وكيف أتحقق من ذلك؟ ما هي المواد المصنوعة منه، هل تضر البيئة؟
حتى في الدورات ما مصدر الشهادة ودرجة موثوقيتها وما هو العائد والهدف من أخذها؟ فالهدف التثقيفي يختلف تماما عن شهادة للوظيفة.
تأكد من البحث عن المنتج في مواقع مختلفة لتتحقق من مناسبة سعره، الخيارات المحدودة تجعلك تخطئ في تقدير قيمة السلعة، أما الخيارات المتعددة فتفتح مجالا للمقارنة.
لا تنساق للتلاعب التسويقي والثقة بالمشاهير أو بفكرة انتهاء السلعة ومحدوديتها...إلخ، وتأكد من مصدرها.
قبل مدة دخلت أحد المحلات كانت الأسعار مرتفعة الثمن بشكل كبير وقد شدني نعومة فراء فسألت عنه فكان للأسف فراء أرنب.
هل نحن اليوم بحاجة لنحصل على الدفء من فراء الحيوانات أم الترف هو السبب!
كم من أجل حمل الحقائب والسير بأحذية من جلود طبيعية خسر العالم من حيوانات؟ كم قتلت مفترسات كالنمور والثعالب وقتلت ثعابين...إلخ وشارفت حيوانات على الانقراض بسبب صيدها. أشد ما يواجه العالم خطر الانقراض وفقد التنوع الأحيائي وكثير من الأحيان يكون الترف والتباهي والاستهلاك أحد الأسباب!
طبعا يوم ما كان المروجون لهذه التجارة يدعون صداقتهم للبيئة بحجة أنها طبيعية!
ولا نتحدث عن الجدل بين المقارنة ولا مجال هنا بين استدامة الفراء الطبيعي والصناعي التي تكون مصنوعة من ألياف مركبة من مشتقات نفطية تسهم بزيادة نسبة الانبعاثات...إلخ.
لكن التمتع بالجلود والفراء الطبيعية للحيوانات في الأزياء يعد كارثة على صعيد الرحمة بالحيوانات التي يتم القضاء عليها وصيدها واستغلالها لتتفاخر فئة بملمسها الناعم ومظهرها! ابحث في شبكات الإنترنت عن وسائل استغلال الحيوانات حية بما يتنافى عن مبادئ ديننا، هل تعرف الثمن الحقيقي لوسادة من ريش؟ كيف يتم نتف ريش الطيور وهي حية وبدون أي مخدر مرات عدة وكيف تقلم منقارها لكي لا تؤذي جلدها المتقرح بعد النتف!
الأمر الآخر بعد شراء العديد من المشتريات هل نقوم بالتبرع بكل مالا نحتاجه أو الزائد والفائض سواء لإعادة استخدامه أو إعادة تدويره، أم يكون حبيسا للخزائن والتباهي بامتلاك العشرات والمئات، أم يرمى في القمامة!
أما استهلاك المواد الغذائية فحدث بلا انتهاء عن قضية الفقد والهدر التي تؤثر على الأمن الغذائي والبيئة وتضر بالاقتصاد، سواء بخسارة المنتجات وتلفها في المتاجر والمطاعم وخلافه، أو بشراء فوق ما نحتاجه وسوء التخزين وهدره بأشكال عدة، ومخالفة مقاصد الدين والصيام، وقوله تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).
ثلث الغذاء يفقد سنويا بالمملكة، للأسف أكثر المنتجات هدرا هي منتجات أساسية كالخبز يهدر بنسبة 25%.
هل نقدر قيمة الأشياء والنعم والموارد التي صرفت في سبيل إنتاجها؟
قاعدة لن تغير الكوكب وكل له مسؤوليته، لكنك تستطيع البدء بنفسك، لا تشتر إلا ما تحتاجه فعلا، ستحافظ على مالك وتصرفه وفق أفضل الخيارات وتحد من الثقافة الاستهلاكية النهمة وتحافظ على البيئة وتقلل من هدر الطاقة والمواد الخام والموارد الطبيعية وهدر الطعام وتقلل من ضياع كل ما دخل في العمليات الإنتاجية، وتسهم في الحد من الهدر الاقتصادي، وتحفظ النعم من الزوال وتقيم الشكر بالفعل والعمل كما تنطقه بلسانك.
AlaLabani_1@