أحمد الهلالي

مصلح يواجه التركيبات العطرية البدائية!

الأربعاء - 06 أبريل 2022

Wed - 06 Apr 2022

جلبة عالية، ظننتها جلبة ملاهي الأطفال في المول، لكن ركض حارس الأمن في الممر أوحى بغير ذلك، فاتبعت حبل فضولي لأقف بين المتجمهرين، على منظر أمام متجر العطور الشرقية، وقد كتب على واجهاته «عطوركم تصنع بأيد وطنية ماهرة» لا أستطيع الدخول إلى المتجر، لكن حين جاء حارس أمن آخر، وشق طريقه تبعته حتى دخلت قلب الحدث، أسمع أحدهم يقول بصوت مألوف: «هذه بضاعة فاسدة، ومواد كيميائية سامة تبيعونها لنا، والله لن أترككم حتى أغلق هذا المتجر» وعبارات التهدئة تقطع الكلام.

اقتاد ثلاثة من رجال أمن السوق الشاب السبعيني مصلح، وأخرجوه من المتجر وتوجهوا به إلى إدارة المول، وهو يرفع يده بورقة طويلة، هذا تحليل مخبري تظهر فيه المواد الكيميائية السامة بنسب عالية، أنصحكم لا تشترون من هذه الماركات الضارة، لا توجد رقابة على منتجاتهم، وأنتم تستنشقونها صباح مساء ....» حتى غاب صوته في مبنى الإدارة، وما تزال الحركة مائرة أمام المتجر، والناس بين مؤيد لقول مصلح، ومتهم له بالجنون، ورامين له باللقافة!

حاولت دخول مبنى الإدارة لكن لم يسمح لي حارس الأمن، فذهبت في شأني، ثم شاهدت مصلح يخرج من إحدى البوابات وحوله عدد من الشبان، فلحقت به، وسألته: ما الذي جعلك تتهم صانعي العطور المحليين بهذه التهمة، ثم تلجأ إلى المختبرات لإثباتها؟ فابتسم، ورفع يديه إلى أعلى إشارة إلى قوته وهو يشد عضلاته الهزيلة، ثم قال: أعرف نوعياتك، تبغى تطلع مني بخبر صحفي أو مقالة؟ وضحك بهيئة مستفزة، هززت رأسي بالنفي، فقال: الأمر بسيط جدا، تعطر بالعطور الشرقية ثم تحسس الحرارة التي تسري في أنفك، ثم عد عطساتك، وتحسس بشرتك، وستدرك أن الأمر ليس طبيعيا، هذا ما قادني إلى كل هذا الجهد، فقلت له: ربما لديك التهاب في الجيوب الأنفية، فضحك وقال: الآن مسوي لي نفسك صحفي استقصائي؟ أنت لم تكتب عن هذا الأمر سابقا، وأعرض عني!

طلب منه الشبان المتحلقون أن يصوروا نتيجة المختبر، فاشترط أن يكتب اسمه في المنتصف كيلا يستطيعوا قص الاسم ونشر الصورة دون حقوقه، فأخفى اسمه وحسابه في تويتر الكثير من المعلومات المخبرية، لكنني رأيت في الصورة ارتفاع نسبة «الفثاليت والاسيتالدهايد» والكحول وبعض المثبتات والملونات، التي تسبب العديد من الأضرار للجلد والرئتين والجهاز التنفسي.

حاولت التحدث مع مصلح، لكنه أعرض عني، ثم حين ركبت سيارتي لحق بي، ووقف قائلا: تعمدت أن ألقنك درسا، فما دمت تحمل قلما وتستحوذ على مساحة في صفحة صحيفة وطنية مرموقة، فعليك أن تبث الوعي، وتحذر الناس من العطور المغشوشة، والعطور التي تنتج في معامل بدائية بدعوى (تركيبات عطرية)، والبخور أشد وأنكأ، ثم أخرج عطر الورد الطائفي من جيبه وحين مددت يدي، قال: المسحة بعشرة ريال مع الضريبة، وضحك وأدبر!!

@ahmad_helali