واحد صفر 1-0

الجمعة - 12 أغسطس 2016

Fri - 12 Aug 2016

أتحدث هنا عن نتيجة مغايرة تماما لما في مخيلة الجميع! واحد صفر هي قيمة بسيطة، ولكنها تعني الكثير عندما نأخذها بطريقة حسابية مختلفة تماما عما اعتدنا عليه. واحد صفر. هي قيمتك أيها الإنسان في كل شيء في هذه الحياة بكل ما فيها من خير وشر. واحد صفر، تشكل القيمة الحقيقية أو القيمة المعطاة لكل شخص في كل مكان في هذه الدنيا. فمثلا، دعني أخبرك عنها بالتفصيل علني أجد مثالا سهلا يتمتع بالبساطة، أو دعني أخبرك بأمثلة من واقع حياتنا اليومية. هي القيمة الوحيدة التي يفهمها حتى الجماد، أقصد «الكمبيوتر» الذي نعتمد عليه بشكل كبير في حياتنا اليومية. هي أنت أيها الإنسان بخيرك الواحد وبشرك الصفر، فكل عمل جيد يحسب لك أجرا عند الله قبل أن يحسبه بنو آدم وبتذمر أحيانا، كونك تغلبت على صفر الشر وأعطيت واحد الخير.



واحد صفر، شاب في مقتبل العمر تجده دائما في الصف الأول في كل الفروض ما عدا صلاة الظهر فهو يسجل الواحد في مصلى عمله عندما أتى وقت الصلاة وهو هناك. في بر الوالدين كم من شخص لم يتعد الصفر منذ أن عرف الفرق بين الصفر والواحد. وكم من واحد كرس حياته كل يوم في رضى والديه وبرهما ورغم كل ما هو عليه إلا أنه فعلا يشعر بالتقصير، فهنيئا لهذا الواحد.



بين الحب والخذلان، الحب واحد إن كان صحيحا ومشتعلا من الجهتين وبه كامل عناصر الاشتعال لتضمن حياة مضيئة لتلك الشعلة ولكي لا تنطفئ، وأما الخذلان فهو الصفر وأحيانا أقل بكثير، فكم من عاشق وعاشقة عاشوا الحب تحت الصفر بكثير ولم يتوقفوا عن الحب، ولكن «الحب العقيم لا يولد إلا التعب من رحم العشق»، فهو لم يتعد الصفر منذ أن وجد، وإلى أن ينتهي وبين الصفر والواحد ضاعت كثير من السنين مع الكثير من الخذلان.



في الحياة الاجتماعية واحد هو الشخص الاجتماعي بلا تكلف، فتجد حياته الاجتماعية ارتبطت بالجميع، ليس وفقا لتضاريس جيوبهم ولكن وفقا لعطاء قلوبهم، فالفقير عنده هو فقير الأخلاق وفقير المودة والأشد فقرا ذلك الذي فقد غنى الابتسامة! تجد حياته متنوعة، ففي أول يومه تجده مع أغنى رجل في المدينة يتحدث عن المشاريع المستقبلية والنهضة العمرانية التي تشهدها المنطقة، وفي المساء تجده مادا قدميه يستمع إلى حديث رفيقه الستيني الذي قضى عمره في تربية الماشية إلى أن وصل لمرحلة اخترع فيها «لغة» لا يفهمها إلا هو والمواشي التي لا تفهم لغة الضاد.



وأما صفر الحياة الاجتماعية فهو يتكون في مراحل وهو صفر كبير الحجم، فيبدأ بالطبقية والحالة الاجتماعية، والبعض منهم لم يسعفه النصيب في الوضع المالي فتجده يتحدث عن أشخاص كانوا في حكاية «ألف ليلة وليلة» مخبرا الجميع بأنه ينتمي لذلك الفارس المقدام والذي فتح المدن وهزم كل خصومه في ذلك الزمان. فهنا تجده يتمحور في داخل الصفر كون حياته الاجتماعية انتمائية وليست طبيعية، يحبه بعض الناس من حوله، لأنه ذو منصب أو مال أو قدر لانتمائه للفارس السابق أحيانا.



واحد صفر، قيمة صغيرة رياضيا كبيرة فكريا، تحدد الحياة والممات، فالأخيرة صفر والأولى واحد. وأنت بعد كل الأصفار وكل الآحاد، فماذا أنت غاد إليه؟ اختر مكانك واصنع قيمتك ولا ترض بالقليل.

الحياة لعبة حسابية تتكون من رقمين، واحد لا يقبل القسمة على اثنين، اصنع لنفسك قيمة تكتسبها بسببك لا بسبب الأشياء التي جئت أنت من بعدها. كن أنت وكن ذلك الواحد الذي وإن غادر الحياة، إلا أن الناس تذكره كلما جاء ذكر، لحساب الآحاد المنتمية لكل فعل ينتمي للخير. ابتعد عن الصفر لأنه حتى في الدول المتقدمة يخافون من الصفر كون العواصف الثلجية قد تسبب لهم ذعرا شديدا، لكي لا ننسى فدرجة تجمد الماء هي «صفر» مئوية.