شاهر النهاري

الحج بالطريقة الإيرانية

الجمعة - 12 أغسطس 2016

Fri - 12 Aug 2016

عجبٌ ما تريد السلطات الإيرانية افتعاله في مواسم الحج!.



فمراسم الحج اختلفت لديهم عما شرع من أجله ربانيا، وما ترسخ طوال القرون الماضية، بتجرد الحاج فيها من زيف الدنيا ومتعلقاتها وطموحاتها الزائلة، وبما في ذلك نعومة الملبس، ليختبر زيارة روحانية تقتفي ما فعله الرسول الأعظم، وطبقه آل البيت والصحابة من بعده حتى يعود الحاج لأهله كما ولدته أمه.



ويوضح سبحانه في سورة البقرة المقصود: «الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب. ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين».



والآيات هنا جلية فيما يجب أن يكون في الحج، ولكن إيران انقلب مفهومها عن الحياة بمجملها منذ عهد الخميني وبدء تصدير ثورات العنف لمعظم أنحاء الأرض.



إيران ترى أن يكون الحج مؤتمرا سياسيا للمسلمين يطرحون فيه قضاياهم الدنيوية، ويدعمون ثوراتهم، خارجين عن روح الحج متظاهرين على الشيطان الأكبر أمريكا، والتي غدت الصديق الأعظم بعد معاهدة المفاعل النووي، والهتاف بحياة قائد ثوري، أو رمز معصوم، والدعاء على قادة ورموز مسلمين لا يدخلون في مصبات سياستهم، فيستحيل الوضع الروحاني إلى فوضى وشتات ومشاحنات وعراك بين الحجاج، وبين المذاهب المختلفة، وربما يعطي الحق لكل جماعة خارجة عن المنطق أن تزاول ما تشتهي أثناء الحج الإلهي بطقوس حماسية دموية عنصرية لم يسمع عنها الرسول، صلى الله عليه وسلم، ولم يقرها، كما اللطم والتطبير، والبكاء والاستجارة بعلي والحسين وفاطمة، عليهم السلام، ومناجاة المهدي الغائب!.



السعودية ليست ضد تلك التصرفات الخاصة بفرق الشيعة، طالما أنها تتم في المناطق المقدسة الخاصة بها، ما بين العراق وإيران، وهذا حقهم الذي لا جدل فيه؛ ولكن خلط تلك التصرفات بالحج مرفوض من عموم الطوائف الإسلامية الأخرى، والتي تتجمع فقط لعبادة الخالق سبحانه.



السعودية عانت في جميع مواسم الحج بعد الثورة الإيرانية، وتحملت عبء كوارث متعددة، سقط فيها الضحايا الأبرياء، فكانت تغض الطرف، وتجبر الكسر، كمضيفة كريمة لجميع الحجاج، لا تتمنى أن يحصل مكروه لفرد منهم، على عكس العنف العبثي، الذي تنتهجه إيران، والتي يستجد لها في كل موسم مطالبات عجيبة، وشحن وإثارة للشغب، لا يمكن أن يوافق عليها القائمون على أمن الحج، ولا رابطة العالم الإسلامي، ولا بقية الوفود المسلمة، ممن يرغبون في تأدية المواسم بسلام، كما كان يحدث في عهد البدايات الأولى للإسلام، ودون بدع تعرض الحجاج لمخاطر وفجائية تلك المستجدات، التي تريد إيران إقحامها في الحج، مهما كلف الحجاج، وأهلكهم بتسييس التجمعات، ومعاكسة المسارات، ودهس الضعفاء وكبار السن، وخلق الزحام والاختناقات، وافتعال مظاهرات تخرج الحج عن نمطه الرباني وعن عقلانيته إلى منطق شغب وتهور وخطورة.



والحل لا ينتظر من إيران، ولكنه سؤال يجب أن يطرح على عموم دول العالم الإسلامي، وجواب يسمع منهم ويحترم بقرار موحد حاسم ينظم الحال، ولا يترك المجال لحرية مقترف الاختلاف.