نور عادل حكيم

راليات السيدات

الاحد - 27 مارس 2022

Sun - 27 Mar 2022

تعد القيادة والسيارات مصدر سعادة وشغف بالنسبة لي، ودائما ما أتفهم نظرة الأشخاص من مجتمعي من تعجبهم من اهتمامي بالسيارات والقيادة؛ فنظرتهم تقتصر على كون اهتمامات السيدات محدودة ومقصورة بمجالات معينة دون غيرها، كالمنزل والأسرة والأطفال والمكياج...، وأن عالم السيارات والقيادة موضوع جديد لهن وبعيد عن اهتماماتهن.

لا شك أنه يوجد العديد من السيدات والفتيات اللاتي يشاركنني اهتماماتي، خاصة من كانت لديهن الفرصة للابتعاث أو المعيشة خارج الوطن، وتمكن من الاطلاع على عالم القيادة والسيارات منذ فترة طويلة. بالإضافة لوجود شريحة أخرى من السيدات تعلمن القيادة وأعجبن بعالم السيارات في وقت قصير بعد قرار السماح بالقيادة.

كانت مشاركتي في رالي جميل الذي يعد أول سباق خاص بالسيدات في الشرق الأوسط، الأسبوع الماضي لمدة ثلاثة أيام، والذي يتطلب قيادة مسافة ألف كيلو منها في الطرق الوعرة، ومنافسة سيدات خبيرات في الرالي، بالإضافة إلى نجاح فريقي بالمركز الأول على فئة الدفع الكلي (8 سلندر) تثبت أن السيدات عامة والسعوديات خاصة قادرات على منافسة الرجال، وأن هذه الرياضة ليست مقتصرة لفئة معينة أو جنس معين.

ومن تجربتي في رالي جميل، يبدو أن السيدات والفتيات لديهن روح المنافسة والتحدي العالية وهذا على حسب توقعي يتفوقن فيه على الرجال. وإن كان عالم السيارات والقيادة جديد على السيدات والفتيات في مملكتنا إلا أن حبهم للتعلم والاكتشاف والإصرار هو سبب نجاحهن وتميزهن.

بعد السماح بقيادة المرأة في مملكتنا، كان توقعي في بادئ الأمر أن عدد السيدات اللاتي سيغامرن بالقيادة سيكون محدودا، وأن من تقود سيارتها في بادئ الأمر بعد القرار ربما تكون لديها الخلفية الكاملة عن القيادة، لكن الواقع كان عكس توقعاتي تماما، حيث ما نراه اليوم يثبت ملاحظتي بأن المرأة السعودية قادرة وصبورة وروح التحدي لديها عالية، حيث إن عدد السيدات اللاتي يقدن سياراتهن عال بشكل ملحوظ، خاصة في المدن الكبيرة كمدينة الرياض وجدة..، فنظرتي للسيدات والفتيات اللاتي يتعلمن القيادة مليئة بالفخر والقوة والتمكن لأنني أعي تماما أنهن يواجهن صعوبات تعلم القيادة بكل تفاصيلها، مثل مواجهة بعض الفئات من المجتمع الذين ينظرون للسيدات بعدم القدرة.

فبالرغم من وجود هذه الفئة وهذه النظرات إلا أنني واجهت العديد من الشخصيات الواعية والداعمة؛ فلقد التمسنا الدعم من خلال تجربة رالي للسيدات من حكومتنا الرشيدة بتوفير الأمن والدعم واستقبال أمير مدينة حائل، وكرم محافظ المذنب وأهل القصيم، كما أننا شعرنا بالأمن والاحتواء بتواجد فرق الأمن على مدى طريق الرالي، إضافة إلى تتبع رالي جميل لجميع المشاركات عبر الأقمار الصناعية والأجهزة المتطورة لضمان السلامة.

إن مشاركتي في الرالي تركت في نفسي أثرا كبيرا، منها خوض تجربة جديدة من القيادة في الطرق الوعرة والملاحة، إلى التعرف على العديد من السيدات من بلدان مختلفة يشاركن نفس الاهتمام والهواية، حيث كان رالي جميل مقصد بعض الفرق من الدول الأخرى مثل عمان، مصر، إسبانيا، السويد، وأمريكا حيث أن مجال رالي متخصص للسيدات توجهه جديد عالميا بدأ خلال السنوات الأخيرة، والذي يضيف للسيدات فرصة الانتماء لمجال عالم رياضة السيارات.

وجدت في السيدات المشاركات في الرالي روح المغامرة والتعاون والتحدي، فمنهن من كانت تجربة الرالي لهن أول مرة فلم يقتصرن على تدريب الرالي نفسه؛ فالكثير منهن خضعن لتوجيه من أقربائهن خاصة في تغيير إطار السيارات، وتنسيم ضغط الإطارات للسير على الكثبان الرملية، كما أن روح التعاون والمساعدة كانت عالية جدا غرستها فينا قوانين الرالي نفسه، وإن تكوين الصداقات خلال أيام الرالي خلقت فينا شعور ضرورة المساعدة والتعاون مع الزميلات الزائرات من خارج مملكتنا من باب الشهامة والأخوة.

وأخيرا المشاركة نفسها في الرالي من لحظة القبول والتسجيل خلقت روح التحدي، تحدي أننا قادرات ومتمكنات وأننا على قدر المسؤولية من اختيارنا وانضمامنا لهذا الحدث التاريخي المميز، هذا ما التمسته في نفسي وفي الزميلات المشاركات.

@DrNoorHakim