عبدالله السعوي

مد رجليك قد لحافك

الجمعة - 25 مارس 2022

Fri - 25 Mar 2022

ما منا من أحد إلا وقد وقع في يوم من الأيام ضحية لهذه الدعاية أو تلك وربما البعض يستدين، ويثقل كاهله بالديون ويحمل نفسه أقساطا شهرية من أجل شراء هذا المنتج أو اقتناء تلك السلعة التي هي ربما ليست من ضمن احتياجاته الأساسية لكنه وقع أسيرا لها لا نتيجة لحاجة ملحة وماسة لها وإنما نتيجة للتأثر بهذا الأسلوب الإعلاني الذي يجري طرحه بطريقة تشويقية تحفز على اقتناء المنتج، وتندفع باتجاه استهلاكه!

في واقعنا المعاصر تحفنا الدعايات والوسائل الإعلانية من كل جانب، وتحيط بنا إحاطة السوار بالمعصم بل وتعمل على صياغة وعينا الاستهلاكي وكم من الأفراد الذين التهمتهم الدعاية، وأربكت ترتيب مصروفهم الشهري وخلطت عليهم الأوراق نتيجة لانسياقهم غير المدروس لجاذبية الدعاية الإعلانية والانصياع لإملاءاتها التي تدغدغ المشاعر، وتخاطب الغرائز وتلعب على وتر العواطف التي تتأجج في كل لحظة بفعل كثافة الدعاية وتراكم صورها، وأشكالها التي تتلون باستمرار!

كثير منا لا يتمالك نفسه حينما يرى دعاية من أحد المشاهير، أو في وسائل التواصل، أو حتى في اللوحات الإعلانية عند الإشارات، وعلى الطرق فما أن يشاهد هذه الدعاية أو تلك إلا ويسارع إليها متحسسا جيبه باحثا عن بطاقة الصراف غافلا أو متغافلا عما ينتظره من التزامات، وأعباء إضافية كل هذا من أجل إشباع هذا النهم الاستهلاكي الذي سيدفع ثمنه باهظا مع أنه كان بإمكانه لو وقف، وفكر مع نفسه قليلا أن يتنازل عن فكرة الشراء إلى وقت تزول أو تنخفض ديونه، وتتحسن –ولو نسبيا– أحواله المادية! كان بإمكانه أن يؤجل اقتناء هذا المنتج حتى إشعار آخر حينما تنخفض الأسعار أو يكون هناك عروض تزيد من الخيارات أمامه وبشكل أفضل!

كان بإمكانه أن يبحث عن منتج آخر يؤدي نفس الوظيفة وربما كنت تكلفته المادية أقل! البعض يغره هذا المشهور أو ذاك ولا يدرك أن هذا المشهور أو ذاك في كثير من الأحيان هو شخصيا غير مقتنع بما يروج له وإنما هو يؤدي دورا مصطنعا مقابل مبلغ وقدره من المال ولذلك هو يتحمس لإقناعنا بأن هذ المنتج هو منتج نوعي ولا يمكن الاستغناء عنه بحال من الأحوال وأن مجرد اقتنائك له سيحدث تحولا كبيرا في حياتك وسيجعلك تتمتع بسعادة لا توصف!

إن الحصيف العاقل "يمد رجليه قد لحافه" فيتأنى ويتمهل ويحسب خطواته بدقة حتى لا ترهقه الديون أويدخل في أزمات مالية طاحنة!

الأكثر قراءة