رمضان جانا وفرحنا به.. إعلاميا وإعلانيا أيضا!
الثلاثاء - 22 مارس 2022
Tue - 22 Mar 2022
قد يبدو مقالي مستفزا للبعض فعذرا مقدما، ولكن أتعمد الحديث عن الواقع بمزيد من الوضوح والصدق والشفافية، المواسم التجارية مواسم يزداد فيها الرواج التجاري لبيع المنتجات (سلع وخدمات وأفكار) بشكل مطرد وغير تقليدي كبقية أوقات ومواسم العام الأخرى.
وبالرغم من دقات طبول الحرب العالمية الثالثة أو على الأقل بين روسيا وأوكرانيا من جهة، أو روسيا والغرب من جهة أخرى، وبالرغم من أن طبول حرب ارتفاع الأسعار في العالم كله صوتها ربما أعلى، إلا أن المواسم التجارية العتيدة تظل عتيدة.. وقد تتعدد المواسم التجارية وتختلف باختلاف الثقافات والمنتجات والأماكن والأزمنة لدى الغرب وتحديدا أمريكا تعتبر الجمعة السوداء Black Friday في نهاية إجازة عيد الشكر Thanksgiving في شهر نوفمبر من كل عام، حيث تعد المقياس أو المؤشر لمبيعات العام بأكمله، وقد تجاوزت مبيعاته في عام 2021م 8 مليارات دولار أمريكي في داخل أمريكا وحدها وربما 10 أضعاف تقديريا حول العالم بنسخ مختلفة. أما شرقا في 7 نوفمبر من كل عام يوجد يوم العزاب والذي يعد مقياسا آخرا لمبيعات في الصين من كل عام، وبلغت مبيعاته في عام 2021م في حدود 4 مليارات دولار داخل الصين فقط وربما 4 أضعاف خارج الصين. أما في وسط العالم وتحديدا في بريطانيا؛ فهناك يوم الملاكمة Boxing Day والذي عادة ما يكون في شهر ديسمبر من كل عام، وقد بلغت مبيعاته في حدود ملياري دولار في عام 2021م.
أما في عالمنا العربي من شرق أوسط وشمال أفريقيا (MENA) لقد بيضنا وخضرنا ولوننا الجمعة السوداء وتم تمديدها لأسبوع كامل أو ربما أكثر، والحمد لله لم تصل لنا بعد مواسم أيام العزاب أو الملاكمة بالشكل الذي تحظى به أيام الجمعة بكافة ألوانها وأطيافها، وبالتأكيد هناك مواسم أخرى عديدة وربما تخص كل بلد في العالم العربي على حدة.. منها اليوم الوطني ويوم التأسيس ويوم الأم ويوم الأب ومواسم المناطق المختلفة وغيرها.
إلا أن شهر رمضان المعظم يعد القاسم المشترك في العالم العربي، حيث يعد هذا الشهر الفضيل رغم قدسيته وأغراضه من أكثر المواسم رواجا ليس في العالم العربي فحسب ولكن ربما في العالم الإسلامي بأسره، حيث يحتفي به أكثر من مليار ونصف مليار نسمة حول العالم في شتى بقاع الأرض، ورغم أن الغرض من شهر الصيام الإحساس بشعور المحتاج مراعاة لتطهير النفس والجسد والروح وربما المجتمع من الكثير من مشاكله الصحية والاجتماعية وأزماته الاقتصادية، وبالرغم من كونه شهر عبادة وصوم وتقوى ولكن اسمحوا لي بأن أضيف على مسامعكم أنه أيضا شهر رواج تجاري كبير.. رواج للخير في الشراء والبيع الاستهلاكي وكذلك في الصدقة والزكاة والإحسان وسائر الأعمال الطيبة طبعا، وقد لا يخفى على البعض أن أغلب المتاجر التجارية الكبرى خصوصا للمواد الغذائية الاستهلاكية تزداد مبيعاتها في حدود من 4 إلى 6 أضعاف بقية الأشهر الأخرى، بمعني أن مبيعات قطاع التجزئة الغذائية تصل مبيعاته في هذا الشهر الكريم إلى نصف مبيعات العام بكامله تقريبا.
وتبدأ إرهاصات الموسم التجاري الرمضاني من شهر شعبان وربما من رجب أيضا في بعض القطاعات وخصوصا الخدمات للسفر والسياحة والعمرة وبعض السلع والأفكار الأخرى، ويأتي موسم هذا العام في وقت أزمة سياسية كبرى بين روسيا وأوكرانيا والتي تلقي بظلالها على الأسعار وبعض المنتجات من القمح وغيرها وأسعار النفط والإمدادات المكلفة للشحن وسلاسل الإمدادات الاستهلاكية، ولكن تظل لرمضان خصوصيته الاستهلاكية علاوة بالطبع على الخصوصية الإعلامية والإعلانية، حيث تزيد أوقات المشاهدة اليومية للتلفزيون في حدود من 25% إلى 33% تقريبا، مما يتطلب جهدا إنتاجيا مضاعفا يصل إلى 50% مما تنفقه سائر القنوات الفضائية من ميزانيات الإنتاج للبرامج والمسلسلات في هذا الشهر الفضيل، وبالطبع تستخدم سائر القنوات التلفزيونية هذا الإنتاج بقية العام إلا فيما ندر.
ويظل التلفزيون يحصد في حدود ثلث الإنفاق الإعلاني العالمي بواقع يزيد على 200 مليار دولار في عام 2021م، وبواقع من 2-3 مليارات دولار أمريكي في المنطقة العربية وحدها، وبالرغم من أنه في عالمنا العربي 95% من هذا الإنفاق تحصده فقط 5% من القنوات التلفزيونية العربية والتي تزيد عن 2000 قناة غير مشفرة دون قواعد اقتصادية واضحة، ويتبقى من الإنتاج الإعلاني ما قيمته 5% تتنازع عليه بقية الـ95% من القنوات التلفزيونية، وللأسف الشديد هذه بعض المسلمات المتوارثة في سوق الإعلان العربي بشكل عام، والتلفزيوني بشكل خاص، حيث تبقى أو تعيش بقية القنوات العربية الأخرى عادة على الفتات أو ما تبقى من كعكة الإعلان العربي السنوية، وتتنازع إعلانات الطرق والإعلانات الرقمية بالرغم مما تحمله من محتويات تلفزيونية، المرتبة الثانية في حدود 20% لكل منهما تقريبا.
ولعل هذا العام يعد مختلف نسبيا، خصوصا في السوق الإعلاني السعودي الذي يعد السوق الأكبر عربيا ومحليا معا بالنسبة للمنطقة العربية، واختلاف هذا العام يأتي من وجود شركة متخصصة عالمية لقياس المشاهدة التلفزيونية ثانية بثانية، مما ينظم ترتيب قنوات المشاهدة الأعلى جماهيريا بشكل علمي صحيح وعملي دقيق، وبالتالي تقييم البرامج الأكثر مشاهدة فالأقل، ليتم توزيع الحصة الإعلانية لهذا العالم بشكل أكثر عدلا وأفضل دقة إعلانيا.
إن وجود شركة التصنيف الإعلامية MRC في المملكة العربية السعودية ومقرها في الرياض، وإصدار أول نتائج تقاريرها للمشاهدة الفعلية لجميع مناطق المملكة لعام 2022م، وذلك لتنظيم الإنتاج الإعلامي أولا قبل التوزيع العادل للدخل الإعلاني لمنظومة القنوات التلفزيونية العربية، والتي للأسف الشديد وكما ذكرت سابقا لا تتميز أغلبها بقواعد اقتصادية راسخة وتسويقية عتيدة، ويظل البقاء للأعلى مشاهدة إعلاميا والمستحق للأعلى دخلا إعلانيا.. وإن تنازعت الوسائل غير التقليدية أو الرقمية وكذلك إعلانات الطرق أو الإعلانات الخارجية جزءا لا بأس به من حصة الإعلان العربي لتصل إلى حدود 20%من الإنفاق الإعلاني في عام 2021م.
ولكن يبقى المحتوى التلفزيوني يمثل النصيب الأكبر الجاذب للإنفاق الإعلاني، وكذلك النصيب الأكبر من المحتوى البرامجي التلفزيوني الذي تبثه الوسائل غير التقليدية الرقمية أو حتى الهجين التي تمزج بين الوسائل التقليدية وغير التقليدية في مشاهدات تراكمية غير آنية موقتة فترة العرض الأول للأعمال الفنية من برامج ومسلسلات.
ويبقى شهر رمضان المبارك ببداياته سواء في رجب أو شعبان وحتى العشرين الأولى من أيامه أكثر أشهر العام رواجا عربيا وإسلاميا سواء إعلاميا أو إعلانيا، رغم الظروف الدولية والأزمات العالمية ورغم كل شيء، ورمضان كريم إعلاميا وإعلانيا أيضا.. وكل عام والجميع بكل الخير يا رب العالمين.
@aabankhar
وبالرغم من دقات طبول الحرب العالمية الثالثة أو على الأقل بين روسيا وأوكرانيا من جهة، أو روسيا والغرب من جهة أخرى، وبالرغم من أن طبول حرب ارتفاع الأسعار في العالم كله صوتها ربما أعلى، إلا أن المواسم التجارية العتيدة تظل عتيدة.. وقد تتعدد المواسم التجارية وتختلف باختلاف الثقافات والمنتجات والأماكن والأزمنة لدى الغرب وتحديدا أمريكا تعتبر الجمعة السوداء Black Friday في نهاية إجازة عيد الشكر Thanksgiving في شهر نوفمبر من كل عام، حيث تعد المقياس أو المؤشر لمبيعات العام بأكمله، وقد تجاوزت مبيعاته في عام 2021م 8 مليارات دولار أمريكي في داخل أمريكا وحدها وربما 10 أضعاف تقديريا حول العالم بنسخ مختلفة. أما شرقا في 7 نوفمبر من كل عام يوجد يوم العزاب والذي يعد مقياسا آخرا لمبيعات في الصين من كل عام، وبلغت مبيعاته في عام 2021م في حدود 4 مليارات دولار داخل الصين فقط وربما 4 أضعاف خارج الصين. أما في وسط العالم وتحديدا في بريطانيا؛ فهناك يوم الملاكمة Boxing Day والذي عادة ما يكون في شهر ديسمبر من كل عام، وقد بلغت مبيعاته في حدود ملياري دولار في عام 2021م.
أما في عالمنا العربي من شرق أوسط وشمال أفريقيا (MENA) لقد بيضنا وخضرنا ولوننا الجمعة السوداء وتم تمديدها لأسبوع كامل أو ربما أكثر، والحمد لله لم تصل لنا بعد مواسم أيام العزاب أو الملاكمة بالشكل الذي تحظى به أيام الجمعة بكافة ألوانها وأطيافها، وبالتأكيد هناك مواسم أخرى عديدة وربما تخص كل بلد في العالم العربي على حدة.. منها اليوم الوطني ويوم التأسيس ويوم الأم ويوم الأب ومواسم المناطق المختلفة وغيرها.
إلا أن شهر رمضان المعظم يعد القاسم المشترك في العالم العربي، حيث يعد هذا الشهر الفضيل رغم قدسيته وأغراضه من أكثر المواسم رواجا ليس في العالم العربي فحسب ولكن ربما في العالم الإسلامي بأسره، حيث يحتفي به أكثر من مليار ونصف مليار نسمة حول العالم في شتى بقاع الأرض، ورغم أن الغرض من شهر الصيام الإحساس بشعور المحتاج مراعاة لتطهير النفس والجسد والروح وربما المجتمع من الكثير من مشاكله الصحية والاجتماعية وأزماته الاقتصادية، وبالرغم من كونه شهر عبادة وصوم وتقوى ولكن اسمحوا لي بأن أضيف على مسامعكم أنه أيضا شهر رواج تجاري كبير.. رواج للخير في الشراء والبيع الاستهلاكي وكذلك في الصدقة والزكاة والإحسان وسائر الأعمال الطيبة طبعا، وقد لا يخفى على البعض أن أغلب المتاجر التجارية الكبرى خصوصا للمواد الغذائية الاستهلاكية تزداد مبيعاتها في حدود من 4 إلى 6 أضعاف بقية الأشهر الأخرى، بمعني أن مبيعات قطاع التجزئة الغذائية تصل مبيعاته في هذا الشهر الكريم إلى نصف مبيعات العام بكامله تقريبا.
وتبدأ إرهاصات الموسم التجاري الرمضاني من شهر شعبان وربما من رجب أيضا في بعض القطاعات وخصوصا الخدمات للسفر والسياحة والعمرة وبعض السلع والأفكار الأخرى، ويأتي موسم هذا العام في وقت أزمة سياسية كبرى بين روسيا وأوكرانيا والتي تلقي بظلالها على الأسعار وبعض المنتجات من القمح وغيرها وأسعار النفط والإمدادات المكلفة للشحن وسلاسل الإمدادات الاستهلاكية، ولكن تظل لرمضان خصوصيته الاستهلاكية علاوة بالطبع على الخصوصية الإعلامية والإعلانية، حيث تزيد أوقات المشاهدة اليومية للتلفزيون في حدود من 25% إلى 33% تقريبا، مما يتطلب جهدا إنتاجيا مضاعفا يصل إلى 50% مما تنفقه سائر القنوات الفضائية من ميزانيات الإنتاج للبرامج والمسلسلات في هذا الشهر الفضيل، وبالطبع تستخدم سائر القنوات التلفزيونية هذا الإنتاج بقية العام إلا فيما ندر.
ويظل التلفزيون يحصد في حدود ثلث الإنفاق الإعلاني العالمي بواقع يزيد على 200 مليار دولار في عام 2021م، وبواقع من 2-3 مليارات دولار أمريكي في المنطقة العربية وحدها، وبالرغم من أنه في عالمنا العربي 95% من هذا الإنفاق تحصده فقط 5% من القنوات التلفزيونية العربية والتي تزيد عن 2000 قناة غير مشفرة دون قواعد اقتصادية واضحة، ويتبقى من الإنتاج الإعلاني ما قيمته 5% تتنازع عليه بقية الـ95% من القنوات التلفزيونية، وللأسف الشديد هذه بعض المسلمات المتوارثة في سوق الإعلان العربي بشكل عام، والتلفزيوني بشكل خاص، حيث تبقى أو تعيش بقية القنوات العربية الأخرى عادة على الفتات أو ما تبقى من كعكة الإعلان العربي السنوية، وتتنازع إعلانات الطرق والإعلانات الرقمية بالرغم مما تحمله من محتويات تلفزيونية، المرتبة الثانية في حدود 20% لكل منهما تقريبا.
ولعل هذا العام يعد مختلف نسبيا، خصوصا في السوق الإعلاني السعودي الذي يعد السوق الأكبر عربيا ومحليا معا بالنسبة للمنطقة العربية، واختلاف هذا العام يأتي من وجود شركة متخصصة عالمية لقياس المشاهدة التلفزيونية ثانية بثانية، مما ينظم ترتيب قنوات المشاهدة الأعلى جماهيريا بشكل علمي صحيح وعملي دقيق، وبالتالي تقييم البرامج الأكثر مشاهدة فالأقل، ليتم توزيع الحصة الإعلانية لهذا العالم بشكل أكثر عدلا وأفضل دقة إعلانيا.
إن وجود شركة التصنيف الإعلامية MRC في المملكة العربية السعودية ومقرها في الرياض، وإصدار أول نتائج تقاريرها للمشاهدة الفعلية لجميع مناطق المملكة لعام 2022م، وذلك لتنظيم الإنتاج الإعلامي أولا قبل التوزيع العادل للدخل الإعلاني لمنظومة القنوات التلفزيونية العربية، والتي للأسف الشديد وكما ذكرت سابقا لا تتميز أغلبها بقواعد اقتصادية راسخة وتسويقية عتيدة، ويظل البقاء للأعلى مشاهدة إعلاميا والمستحق للأعلى دخلا إعلانيا.. وإن تنازعت الوسائل غير التقليدية أو الرقمية وكذلك إعلانات الطرق أو الإعلانات الخارجية جزءا لا بأس به من حصة الإعلان العربي لتصل إلى حدود 20%من الإنفاق الإعلاني في عام 2021م.
ولكن يبقى المحتوى التلفزيوني يمثل النصيب الأكبر الجاذب للإنفاق الإعلاني، وكذلك النصيب الأكبر من المحتوى البرامجي التلفزيوني الذي تبثه الوسائل غير التقليدية الرقمية أو حتى الهجين التي تمزج بين الوسائل التقليدية وغير التقليدية في مشاهدات تراكمية غير آنية موقتة فترة العرض الأول للأعمال الفنية من برامج ومسلسلات.
ويبقى شهر رمضان المبارك ببداياته سواء في رجب أو شعبان وحتى العشرين الأولى من أيامه أكثر أشهر العام رواجا عربيا وإسلاميا سواء إعلاميا أو إعلانيا، رغم الظروف الدولية والأزمات العالمية ورغم كل شيء، ورمضان كريم إعلاميا وإعلانيا أيضا.. وكل عام والجميع بكل الخير يا رب العالمين.
@aabankhar