شاكر أبوطالب

مستقبل أمننا السيبراني والتقني!

السبت - 19 مارس 2022

Sat - 19 Mar 2022

لا يزال العالم يشهد اتساع رقعة العقوبات التي تتخذها دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية ضد روسيا، ردا على الأحداث التي تعيشها أوكرانيا.

وتنوعت حزمة العقوبات لتشمل مجالات سياسية واقتصادية ومصرفية، وبعض العقوبات تم اتخاذها لأول مرة في التاريخ، كإغلاق متاجر للوجبات السريعة، وإيقاف خدمات الدفع الالكتروني، وحجب خدمات الخرائط الرقمية، وحظر استخدام بعض وسائل التواصل الاجتماعية، وغيرها.

هذه الإجراءات المتخذة ضد روسيا، وتحديدا العقوبات التقنية، هي بمثابة جرس الإنذار لبقية دول العالم، خاصة الدول ذات الاقتصاديات العظمى، التي تستخدم أنظمة تشغيل تقنية ومنصات الكترونية وتطبيقات رقمية تعود ملكيتها في الغالب إلى شركات أمريكية، ومن المحتمل مستقبلا أن تواجه أي دولة عقوبات شبيهة عند حدوث أي نزاع سياسي أو عسكري.

وقد أظهرت الحرب الروسية الأوكرانية الانحياز التام للعديد من المنظمات والشركات والمؤسسات التي لطالما رفعت شعارات الحياد والنأي عن الشؤون السياسية، وأكثر الأمثلة وضوحا هو دخول الاتحادات الرياضية إلى الملعب السياسي؛ باتخاذ مواقف رسمية لمعاقبة روسيا، وإطلاق حملات إعلامية وإعلانية لتوجيه الرأي العام العالمي بالوقوف إلى جانب أوكرانيا.

وبالمثل أعلنت العديد من شركات التقنية الأمريكية موقفها السياسي الواضح من الحرب الروسية الأوكرانية، والسماح باستخدام خدماتها وتقنياتها كأسلحة وأدوات في الصراع القائم بين أوروبا الغربية وروسيا.

ولأن المملكة العربية السعودية دولة عضو في مجموعة العشرين، وضمن أكبر الاقتصاديات في العالم، ينبغي أن تفكر جديا في قضية أمنها التقني والمعلوماتي، والتخطيط الاستراتيجي لتصبح دولة متحكمة بمجالاتها الالكترونية والرقمية، لتجنب أية تحديات مستقبلية على المديين القريب والبعيد.

وقد مهّدت جائحة فيروس كورونا الطريق لتسريع التحول الرقمي في السعودية، ونجحت المملكة بامتياز ليس فقط في المجال الصحي، بل في المجالات الأمنية واللوجستية والتجارية وغيرها من المجالات.

وأفرزت الأزمة الصحية الماضية بروز عدد من التطبيقات الرقمية السعودية بكل كفاءة وفاعلية، وفي مقدمتها (توكلنا)، و (بروق)، و(تباعد)، و(إحسان). هذه التطبيقات تقف خلفها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، وهي امتداد لتجارب سابقة ناجحة، مثل تطبيق (أبشر)، الذي أحدث نقلة نوعية في مستوى الخدمات التي تقدمها وزارة الداخلية.

وكما قال ولي العهد: «نحن نعيش في زمن الابتكارات العلمية والتقنيات غير المسبوقة وآفاق نمو غير محدودة، ويمكن لهذه التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في حال تم استخدامها على النحو الأمثل أن تجنّب العالم الكثير من المضار وتجلب للعالم الكثير من الفوائد الضخمة».

فإن هذه الرؤية الاستراتيجية لأهمية التقنية والابتكار تضع مزيدا من المسؤولية على عاتق الجهات الحكومية المعنية بالتقنيات وأمن المعلومات والبيانات والذكاء الاصطناعي، للعمل معا وبانسجام لابتكار أنظمة تشغيل وخدمات تقنية تسهم في ضمان الأمن السيبراني للمملكة، وتعزيز مكانتها العالمية، والارتقاء بها إلى الريادة ضمن الاقتصادات القائمة على الابتكارات والتقنيات.

وهذا الأمر يتطلب تطوير بنية رقمية وطنية مبتكرة، وإطلاق الطاقة الكامنة للكفاءات السعودية المؤهلة، وتعزيز البيئة التنظيمية، وبناء منظومة بيئة أعمال محفزة للشركات الناشئة في المجال، واستقطاب الاستثمارات المستدامة والمساهمة الفاعلة في البحث العلمي والابتكار التقني، لنصبح روادا في هذه المجالات.

shakerabutaleb@