عادل الحميدان

عالم بلا عقوبات

الثلاثاء - 15 مارس 2022

Tue - 15 Mar 2022

اتخذت العقوبات الغربية على روسيا مسارا تصاعديا غير مسبوق، لتشمل تقريبا كافة مجالات الحياة، وفي سبيل تحقيقها تم لي عنق القانون والتغلب على كافة العوائق الفنية التي تكون غالبا أداة تتنصل من خلالها الدول من التزاماتها الأخلاقية بأي عقوبات.

ففي دولة مثل بريطانيا المعروفة بمدرسة الصبر والحبال الطويلة لم يستغرق إصدار قرار بمصادرة أملاك وأصول ملياردير روسي يمتلك ناديا إنجليزيا سوى بضعة أيام، وليذهب عشاق النادي ومشجعوه إلى الجحيم.

وفي حالة غير الحالة الروسية، فإن الموضوع في بريطانيا التي نعرف يتطلب معارك قضائية طويلة وجدلا يمتد إلى البرلمان ومظاهرات للمشجعين ولافتات تحمل وشعارات توضع، وتدخل القضية في أجندة الانتخابات المحلية وتخرج منها، حتى ينسى العالم القضية برمتها.

والحال كذلك بالنسبة لمعظم الدول الغربية باستثناء أمريكا الجديدة، فعقوبات واشنطن أسرع من قدرة الرئيس على قراءتها، أما عن فاعليتها فحدث ولا حرج، فمع كل عقوبة تتغير كافة مؤشرات أسواق العالم.

المعركة الحالية معركة كسر عظم تستخدم فيها موسكو قواتها المسلحة، ويستخدم فيها الغرب عقوباته، وكلاهما مؤثر فلمن تكون الغلبة.. الله وحده أعلم.

العقوبات الغربية هذه المرة وهذا مبدأ حديثنا لا تهدف إلى الضغط بل إلى العزل التام، فالضغط يكون مع الطرف الذي لا يملك بدائل أو حتى القدرة على صنع بدائل.

ولهذا فالرهان على التأثير المستقبلي للعقوبات سيكون في صالح روسيا، كما أن الحديث عن عالم دون روسيا يعتبر ضربا من ضروب الخيال إن لم يكن الجنون.

تخوض أمريكا حربا تجارية ضد الصين باستخدام سلاح العقوبات، فلا يكاد يمر شهر إلا وتضاف قائمة جديدة من الشركات والكيانات الصينية على قائمة العقوبات الأمريكية، لترد الصين بالمثل.. وهكذا.

ورغم أسلوب حرب العقوبات فإن شيئا لم يتغير، الشركات الصينية تواصل اكتساح العالم، ومعها صعود ملحوظ للاعبين جدد يجعلون من استمرار الهيمنة الاقتصادية الأمريكية لوقت أطول موضع شك.

مع توسع الغرب في دائرة العقوبات على روسيا وعلى الصين وغيرهما.. يطرح سؤال مهم وهو ألا يمكن لهذه الدول خلق عالم خاص بهم بعيدا عن العقوبات الغربية والأمريكية تحديدا؟

فدولتان مثل روسيا والصين تشكلان خمسا الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وتمتلكان من مقومات اقتصادية وتكنولوجية ومنظومات ثقافية واجتماعية قادرتان على تكوين عالم مستقل لا يمكن فيه حجب وسيلة تواصل أو تعطيل نظام مصرفي أو مصادرة نادِ رياضي.

@Unitedadel