منافذ القوة والعلاقات العامة!
الاثنين - 14 مارس 2022
Mon - 14 Mar 2022
في مسلسل «إمبراطورية برودوولك» يقول «إيلاي» لشقيقه الأكبر «طمسون»: «لا أحد يستولي على القوة/ المنصب، يجب أن يمنحه إياه شخص آخر!»، ولعل هذه الجملة مفتاحية في العمل الإداري، إذ إن العلاقات العامة حجر أساس في اختيار المناصب والقيادات والمهام، والسبب محدودية معرفة الكائن البشري بالأشخاص، فمهما كانت قدرات القائد في اكتشاف القادة، فإنه في النهاية محدود المعرفة، لكن هذا التعبير (العلاقات العامة) قد يكون شيئا إيجابيا للغاية، فلدى القائد علاقات إيجابية مع الآخرين؛ ومن خلالها يختار الكفء والمناسب والأحق والأجدر، وهذه معاييره.
لكن في حالة قائد آخر، لا تكون الكفاءة هي المعيار، بل الولاء والطاعة والخضوع، وأن يأمن الفريق العامل معه، ولو على حساب الكفاءة والجدارة، وأبرز جملة معيارية يمكن اكتشافها في هذه الحالة ما يقوله القائد لنفسه: «فلان ممتاز في عمله لكن طبائعه الشخصية غير جيدة أو ولاءه غير جيد»، ورغم أنها جملة جديرة بالتقدير، إلا أنها تأخذ بعدا شخصيا؛ فالولاء الشخصي بدلا من أن يكون للعمل والمؤسسة يكون معيار القائد، وطبائع الشخص غير جيدة لا تعني أن سلوكه غير جيد، بل سلوكه معي كقائد غير مأمون، وهذا اختلاف كبير، ومن هنا نشأ تساؤل إداري كبير بدأت به هذه المقالة، القوة أو المنصب هل يمنحه شخص لآخر (علاقات عامة / واسطة، تملق، تسلسل إداري) أو أن شخصا ما بكفاءته قد يصل للقوة/ المنصب.
الحقيقة أن القوة أو المناصب القيادية هي منافذ تسد بالعلاقات العامة بشكل كبير، أكثر بكثير من الكفاءات المستحقة، (بدليل عناية المراكز الإدارية باكتشاف القادة، والتمكين، والتدريب والتأهيل لوجود مشكلة في توفرها) ولكن في منافذ أخرى أقل نسبة، يضطلع فيها الكفاءة، وعلى الإدارات العليا أن تقاوم نزعة العلاقات العامة الشخصية في اختياراتها مفسحة المجال للكفاءات أكثر، من خلال معايير تضعها لنفسها أو تتبناها، تقيم أداء الفريق العامل معها، مثل جداول سنوية للإنجازات المقاسة، أو نتائج الأعمال، أو مستويات التطوير والرضا والثقة، أو التغييرات الملموسة.
يدفع القادة ثمنا كبيرا جدا للتعيين بموجب العلاقات العامة وبعضهم ثمنا غاليا جدا، إذ ما إن تسيطر مجموعة العلاقات العامة على الأماكن القيادية حتى يكتشف القادة أنهم مقادون بفعل موظفيهم الذين يقدمون لهم حقائق تسير وفق تفسيراتهم، فيصبح القائد مقادا ويصبح الموظف قائدا خفيا؛ خاصة كلما ارتفعت مستويات المحسوبية والمعايير الشخصية والرؤية الضيقة والقلق على الوظيفة والمكتسبات، وخاصة عندما تصبح أهداف المؤسسة أقل أهمية من الأهداف الشخصية، أو وجود حسابات أخرى غير حسابات الإنجاز الوظيفي من ضمن قائمة الأهداف لأعضاء المؤسسة.
وحتى لا يصاب أصحاب الكفاءات بالإحباط، فإن منافذ القيادات تفتح باستمرار، مع العمل الدؤوب وإنكار الذات، فإن أعمالا شاقة ومرتبطة بالكفاءة والقدرة والذكاء والعمل الصعب، لا يستطيع إنجازها ملوك العلاقة الشخصية والواصلون بقدرات المعارف، وبرغم أنها تحتاج لجهد أكبر وإنكار للذات أكثر، إلا أنها فرصة للبروز وإثبات الذات، بعيدا عن منظومة العلاقات العامة، لكن المؤسف ما إن يصل الكفاءات إلى تلك المنافذ إلا ويقومون بنفس الخطأ باختيار فريق العمل معهم بالعلاقات الشخصية والولاءات الخاصة ليتم إغلاقها مرة أخرى، وعلى الكفاءات الجديدة البحث عن منافذ أخرى، والتي تقل مع الوقت بشكل كبير ما لم تتبن المؤسسات عناصر الإنتاج والإنجاز كعناصر تقييم.
وأخيرا، لا يمكن اعتبار العلاقات العامة محض شر إداري، بل هي صورة طبيعية للبشرية، فهي تثق بما تعرف، وتخاف وتقلق مما لا تعرف، وهذا طبيعي للغاية، لكن المتوقع من أصحاب العقول توجيهها بشكل صحيح!
Halemalbaarrak@
لكن في حالة قائد آخر، لا تكون الكفاءة هي المعيار، بل الولاء والطاعة والخضوع، وأن يأمن الفريق العامل معه، ولو على حساب الكفاءة والجدارة، وأبرز جملة معيارية يمكن اكتشافها في هذه الحالة ما يقوله القائد لنفسه: «فلان ممتاز في عمله لكن طبائعه الشخصية غير جيدة أو ولاءه غير جيد»، ورغم أنها جملة جديرة بالتقدير، إلا أنها تأخذ بعدا شخصيا؛ فالولاء الشخصي بدلا من أن يكون للعمل والمؤسسة يكون معيار القائد، وطبائع الشخص غير جيدة لا تعني أن سلوكه غير جيد، بل سلوكه معي كقائد غير مأمون، وهذا اختلاف كبير، ومن هنا نشأ تساؤل إداري كبير بدأت به هذه المقالة، القوة أو المنصب هل يمنحه شخص لآخر (علاقات عامة / واسطة، تملق، تسلسل إداري) أو أن شخصا ما بكفاءته قد يصل للقوة/ المنصب.
الحقيقة أن القوة أو المناصب القيادية هي منافذ تسد بالعلاقات العامة بشكل كبير، أكثر بكثير من الكفاءات المستحقة، (بدليل عناية المراكز الإدارية باكتشاف القادة، والتمكين، والتدريب والتأهيل لوجود مشكلة في توفرها) ولكن في منافذ أخرى أقل نسبة، يضطلع فيها الكفاءة، وعلى الإدارات العليا أن تقاوم نزعة العلاقات العامة الشخصية في اختياراتها مفسحة المجال للكفاءات أكثر، من خلال معايير تضعها لنفسها أو تتبناها، تقيم أداء الفريق العامل معها، مثل جداول سنوية للإنجازات المقاسة، أو نتائج الأعمال، أو مستويات التطوير والرضا والثقة، أو التغييرات الملموسة.
يدفع القادة ثمنا كبيرا جدا للتعيين بموجب العلاقات العامة وبعضهم ثمنا غاليا جدا، إذ ما إن تسيطر مجموعة العلاقات العامة على الأماكن القيادية حتى يكتشف القادة أنهم مقادون بفعل موظفيهم الذين يقدمون لهم حقائق تسير وفق تفسيراتهم، فيصبح القائد مقادا ويصبح الموظف قائدا خفيا؛ خاصة كلما ارتفعت مستويات المحسوبية والمعايير الشخصية والرؤية الضيقة والقلق على الوظيفة والمكتسبات، وخاصة عندما تصبح أهداف المؤسسة أقل أهمية من الأهداف الشخصية، أو وجود حسابات أخرى غير حسابات الإنجاز الوظيفي من ضمن قائمة الأهداف لأعضاء المؤسسة.
وحتى لا يصاب أصحاب الكفاءات بالإحباط، فإن منافذ القيادات تفتح باستمرار، مع العمل الدؤوب وإنكار الذات، فإن أعمالا شاقة ومرتبطة بالكفاءة والقدرة والذكاء والعمل الصعب، لا يستطيع إنجازها ملوك العلاقة الشخصية والواصلون بقدرات المعارف، وبرغم أنها تحتاج لجهد أكبر وإنكار للذات أكثر، إلا أنها فرصة للبروز وإثبات الذات، بعيدا عن منظومة العلاقات العامة، لكن المؤسف ما إن يصل الكفاءات إلى تلك المنافذ إلا ويقومون بنفس الخطأ باختيار فريق العمل معهم بالعلاقات الشخصية والولاءات الخاصة ليتم إغلاقها مرة أخرى، وعلى الكفاءات الجديدة البحث عن منافذ أخرى، والتي تقل مع الوقت بشكل كبير ما لم تتبن المؤسسات عناصر الإنتاج والإنجاز كعناصر تقييم.
وأخيرا، لا يمكن اعتبار العلاقات العامة محض شر إداري، بل هي صورة طبيعية للبشرية، فهي تثق بما تعرف، وتخاف وتقلق مما لا تعرف، وهذا طبيعي للغاية، لكن المتوقع من أصحاب العقول توجيهها بشكل صحيح!
Halemalbaarrak@