فهد عبدالله

أعظم المخاطر المؤسسية

الاحد - 13 مارس 2022

Sun - 13 Mar 2022

عند صناعة القرار في أي شأن كثيرا ما تكون النظرة البانورامية لمعطيات ومقدمات هذا القرار طريقا لتجويده وكأنك تضع جميع السيناريوهات الإيجابية والسلبية التي ستتكون جراء هذا القرار ومن ثم يتم محاكمتها بطريقة علمية متزنة وعلى أساسها تعرف الوزن النوعي لهذه الاحتمالات، فضلا عن قوة سير هذا القرار في احتمال معين وعلى إثر هذه النظرة البانورامية سيتشكل الوعي تجاه هذا القرار والمضي قدما تجاه تنفيذه أو التراجع عنه.

هذه المعادلة في الحقيقة متكررة بشكل يومي في دواخلنا وقد نعملها بكل تلقائية ويختلف بعضنا عن الآخر في اتساع هذه النظرة البانورامية وكثرة الاحتمالات وجودة النظر إليها؛ لذلك كانت النقاشات والاستشارات بمثابة الركن الحصين في زيادة هذه الاحتمالات وإيجاد مناظير أخرى لربما لم تخطر على الحسبان في نفس صاحبها.

مغالطة المنحدر الزلق (slippery slope argument) قد يقع فيها الإنسان وتخلخل معادلة النظرة البانورامية والاتزان في النظر لجميع السيناريوهات المحتملة ومفادها أن يذهب العقل بطريقة دراماتيكية إلى خيارات متعاقبة ذات أثر سلبي وعلى أساسها يبني التصور والقرار ولو التفت يمينا ويسارا في القرارات التي تشاهدها ستجد شيئا من هذه المغالطة بشكل متكرر لطبيعة القصور البشري والحذر المبالغ فيه والتكوينات الذهنية المختلفة.

في بيئات الأعمال مثلا وفي هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال عشرات القرارات التي يمر عرضها المرئي لدي ذهبت إلى الرفض أو التخزين في تلك الأدراج المحكمة الأغلاق والسبب الجذري تجاه النأي عنها أن عمليات التفكير لدى صاحب القرار تعرض لموجة مغالطة منحدر زلق جعلته لا يرى إلا تلك الأحداث المتعاقبة ذات الأثر السيئ.

كمثال للتوضيح فقط وجود مثلجات باردة في بيئة العمل قد تسبب بعض المشاكل الصحية لدى الموظفين وبعد ذلك ستكثر الإجازات المرضية وتتعدد الخسائر المالية وتتأخر الإنجازات فضلا عن أن هذه المثلجات الباردة قد تؤدي بأحدهم إلى حالة وفاة تتكبد الشركة أثر ذلك عشرات القضايا القانونية والتعويضات المالية لذلك وجود مثلج بارد في بيئة العمل قد يؤدي إلى حالة وفاة، والقرار إذن إلغاء قرار وجود تلك المثلجات في جميع مرافق الشركة، وهكذا يتم حرمان المنظمة من تلك المثلجات الباردة بسبب مغالطة منحدر زلق تهافتت في عقل صاحب القرار.

على المستوى الفردي عندما تقع هذه المغالطة سيكون أثرها محدودا على نطاق الأثر والتأثير في محيط ذلك الشخص أم على مستوى المنظمات والشركات والأعمال الجماعية؟ سيكون الأثر غائرا في توجهات تلك المنظمات وفضلا عن الأثر المتعدي على الآخرين الذين يكونون تحت سلطة تلك القرارات ذات المغالطات المنحدرة.

أعتقد أن المعايير الشخصية والذهنية لمنصب صاحب قرار يجب لها أن تقع في رأس قائمة معايير الموارد البشرية التي على أساسها يتم وضع الشخص المؤهل في ذلك المنصب وتجاوزا نستطيع أن نقول إن نصف الطريق قد قطع في مسألة وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، لذلك أتفهم تماما عندما تراودني تلك الخواطر البانورامية التي مفادها أن الموارد البشرية تقع فيها أعظم المخاطر المؤسسية فإذا صلحت صلح الجسد كله للمنظمة.

@fahdabdullahz