إيمان أشقر

لفتة وفاء.. تزين رحلة الحب والعطاء

السبت - 12 مارس 2022

Sat - 12 Mar 2022

عندما يأتي التكريم من أهل العرفان، عندما تهديك الأيام خلاصة عمرك في لقاء تأكد أنك نلت شرفا عظيما.

مبادرة رائعة جميلة من سيدات طبيبات اعتنقن الوفاء وأجدن التعبير عن الحب، كان يوم أمس السبت 12 مارس تكريمي في الندوة الأولى لجمعية المرأة السعودية في طب القلب والتي تتبع جمعية القلب السعودي، في انعقادها الأول آثرت الطبيبات السعوديات تكريمي على أني أول طبيبة قلب سعودية، يا له من شرف ويا له من وفاء.

اختصار مسيرتي جعلني أرى أيامي جميعها تمر بين يدي وأمام عيني، سعادة لا يعادلها إلا قول (اللهم اجعلنا من جندك فإن جندك هم الغالبون).

ظننت أني وقفت هناك كثيرا، ليأتي تتويجهم لي درة عقد تزين تاريخي ومسيرتي.

في سنة الامتياز عام 1983/1982 كنا ننقل الحالات التي تحتاج لتدخل جراحي أو قسطرة قلبية من المستشفى العسكري إلى مركز القلب السعودي في مستشفى الملك فهد (لم يكن هناك مركز لأمراض القلب حينها إلا هو في المنطقة الغربية). بدأت العمل في مركز القلب السعودي والذي كان يرأسه جراح القلب البروفيسور حسان رفه في فبراير 1405/1985 بعد عام ونصف في قسم العناية المركزة وشهرين طوارئ.

كنت الطبيب السعودي الوحيد، ومنذ ذلك اليوم أصبح تخطيط القلب جريدتي الصباحية، وسيدة الإنعاش القلبي الرئوي في مستشفى الملك فهد بجدة. قمت حينها بتدريب جنود الدفاع الجوي، تحد غير مسبوق لم يقف أمامه إلا التفكير في طب القسطرة القلبية للسيدات الذي كان ضربا من خيال.

في عام 1988 كان لي نصيب الابتعاث إلى جامعة لندن لمدة 11 شهرا (وقتها بعثات السيدات بدون محرم كانت لا تستمر لأكثر من عام). سجلت بعدها شهادة الدبلوم على أنها ماجستير أمراض قلب، عملت بعدها لمدة 6 أشهر مع الأوائل بروفيسور جين سمر فيل وبروفيسور ساتون و د. سيليا أوكلي، وكان لي شرف المرور الصباحي مع بروفيسور فونتان وبروفيسور مجدي يعقوب على المرضى، حين عدت كان تخصصي الدقيق الاختلافات الخلقية عند البالغين والقصور القلبي. كما كنت المسؤولة عن أمراض القلب عند السيدات الحوامل وعند الولادة، كان هاجسي نداء من مستشفى الولادة.

تجربة أن تكون مع الأوائل مثل د. حسان رفه، د. محمد الفقيه، د. زهير الهليس، د. منصور النزهة، د. عبدالرحمن خياط، د. وائل فتيح، د محمد أنور عبدالسلام (من مصر) كانت هي الوقود الذي يشعل مصباح التحدي للاستمرار والعطاء.

الجميع في المستشفى كان يشير إلى د. إيمان أنها طبيبة القلب وسيدة CPR، ويبحث عن رأيها في تخطيط القلب وكأني كنت عرافة ليت قراءتها لا تكون، قيل من أراد بعث رسالة لإيمان فليكتبها على ورق تخطيط قلب؛ لأنها ستقرأها بحرص شديد، و من أراد لقاءها فليبحث عنها في مكان الإنعاش.

في عام 1990 أراد الله أن تكون عاصفة الصحراء وحرب الخليج وكان لي نصيب أن أكون رئيسة الفريق التطوعي لتدريب النساء السعوديات والأخوات من دولة الكويت على الإنعاش القلبي والحرب الكيماوية والإسعافات الأولية لمدة 8 أشهر.

منذ أول سنواتي كان شغلي الشاغل وشغفي تدريس تخطيط القلب وحالات القلب لطلبة الطب ومن ثم أصبح لأطباء الزمالة وأكملت شغفي بأن أصبحت أستاذا مشاركا في جامعة الملك عبدالعزيز فرع رابغ لمدة 6 سنوات.

رحلة طويلة بين أداء طبي وأداء إداري.

عن العطاء كان أجمله في خدمة الحجيج والحرص على سلامة قلوبهم من فرح الوصول، لمدة 23 عاما في المشاعر المقدسة وباقي المواسم كنت أعمل في مستشفيات جدة.

رحلات حكومية لخارج المملكة للتعاقد مع أطباء أمراض القلب والعناية المركزة كانت تجسيدا لحبي أن يكون طبيب القلب الأكثر تحملا وعطاء دون انتظار المقابل.

بدأت الكتابة منذ أول أيامي وحين قررت البدء في إصداراتي الأدبية، بدأت بكتاب لمرضى القلب «كيف تحصل على قلب سليم» وبعدها توالت الكتابة الأدبية.

كان تحديا توج بالكثير من الأوسمة ولله الحمد، توجت في عام 1426هـ بالطبيبة المثالية على مدى عشرين عاما من وزارة الصحة، في عام 1440هـ كان التتويج الأكبر بأن كلفت كأول طبيبة سيدة مكلفة بالإدارة الطبية في المشاعر المقدسة على الرغم بأني كلفت بمثل ذلك المنصب في جدة قبلها، ويأتي تكريمهم الأجمل ومسك الختام، في أول دورة لأداء المرأة في طب القلب (ذلك الاجتماع الذي كنت أحرص على حضوره في كل عام دوليا).

يأتي حرفي عاجزا أمام رقي طبيبات يملكن حق العرفان والتكريم لمن سبقهم ولو بعام.

ونحن في هذه القرية العالمية، وفي تحقيق لرؤية 2030 التي أعطت لواء التقدم والازدهار للمرأة والرجل في مملكتنا على حد سواء، أجد الصف الأول لهن، طبيبات سعوديات مبدعات في طب أمراض القلب، لم يعد هناك علم مستتر عنهن ولا ممنوع ولا حصري، أشعر بسعادة وأنا أرى استشارية القلب التداخلية واستشارية فسيولوجية القلب للبالغين والأطفال، وقبلهن كانت جراحة القلب الأولى عالميا د. هويدا القثامي (والتي كانت من الرعيل الذي أتى بعدنا).

ما زال التحدي علما وراية، وما زال التفوق غاية، والوصول للعالمية ليس بحلم.

أحببت وجودي بينهم واكتمل عقد تتويجي وأنا أمامهم.

بعدد نبض قلوب مرت بي وبهم، أدعو لوالدي بالرحمة لما قدماه لي، ولزوجي الغالي الذي أضاء حياتي كما أتقدم بالشكر وصادق الود للجنة المنظمة:

  • د. حنان البكر

  • د. فخر الأيوبي

  • د. حنان أبوحسان

  • د. ريما بدر

  • د. فهد النوري

  • د. تركي البكر

  • د. عبير بخش


ولكل طبيبة قدمت وستقدم كل ما تستطيع من أجل إحياء نفس أراد الله لها الحياة. (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا).

رسالتي الأخيرة لا تجعلوا بينكم وبين المريض موعدا بعيدا هو في أمس الحاجة لرأيكم الآن وليس غدا (الإحسان أن تعطي من أمامك ما يحتاج إليه وليس ما يفيض لديك).

تكريم أتبعه تقديم هدية مميزة من الجمعية لتاريخي.

وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين سيدنا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.

@DrEmanMA