محمد المنجد

الأمن الغذائي والاستدامة البيئية.. آفاق التميز بجامعة KFU

السبت - 12 مارس 2022

Sat - 12 Mar 2022

عقدت جامعة الملك فيصل King Faisal University (KFU) بالأحساء خلال اليومين الماضيين المؤتمر الدولي الأول للأمن الغذائي والاستدامة البيئية بشراكة محلية أصيلة مع وزارة البيئة والمياه والزراعة، وأخرى دولية ممثلة بالمكتب الإقليمي للشرق الأدنى لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو» والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألسكو». افتتح المؤتمر وزير التعليم وحضره عدد من رؤساء الجامعات المحلية وعدد من القيادات بالجهات ذات العلاقة.

إن انعقاد هذا المؤتمر جاء منسجما ومتناغما في رسالته كإعلان دولي مستشرفا آفاق المستقبل وتطلعاته بمحوري الغذاء والبيئة كركنين أساسيين لا حياة بدونهما، كما أن هذا المؤتمر ترجم بأبعاده واهتماماته المبادرات التي أطلقها سمو ولي العهد -حفظه الله- عن الشرق الأوسط الأخضر والسعودية الخضراء.

إن الشارع الكريم الذي يعلم من خلق جعل الحياة في الماء وبث منه الزرع والحرث والنسل أقام بهذه المكونات مقومات الحياة التي لا تكون بدونها، قد عظم استخلاف الأرض وإعمارها وهو الأصل الذي تعاقب عليه البشر. إن الزيادة السكانية الطبيعية القادمة والمتوقعة وفقا للتنبؤات المعلنة من الباحثين توحي أن التعداد العالمي بحلول 2050م سيتجاوز 11 مليار نسمة على كوكبنا الذي لن تزيد مساحته، وسيظل الاعتماد في أعلى طاقاته على الموارد الطبيعية المتاحة، وهو ما يوجب التخطيط الرصين والتنفيذ المتقن لتحقيق الاستدامة البيئية ووفرة الغذاء وسلامته عبر سلاسل إمداد آمنه وصحية. ومن هذا المنطلق تبرز الأهمية العلمية والبحثية لكل ما من شأنه المحافظة على استدامة وسلامة الموارد الحيوية حفظا للزرع والنسل.

إن ما قامت به جامعة الملك فيصل من تبنيها لهذا المؤتمر لم يكن ليتحقق لو لم تختط الجامعة رؤية واضحة مستندة على مكامن قوتها رسمت من خلالها هويتها العلمية البحثية الرصينة.

إن موقع الجامعة الجغرافي في محافظة الأحساء الغالية، والتي سجلت مؤخرا ضمن موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأحد أكبر الواحات دوليا محتضنة 2.5 مليون نخلة، إلى جانب طول باعها في تخصصات العلوم الزراعية والتغذوية، منذ أن كانت نواة التعليم العالي لدينا في المملكة قائمة على سبع جامعات، أكسبها قوة علمية ورسوخا رصينا في جانبي البيئة والغذاء، كما أن الجامعة لم تغفل دورها حيال التخصصات الأخرى. كان واضحا خلال جلسات المؤتمر وورش عمله التمثيل والمشاركة الفاعلة من قطاعات الدولة المختلفة المعنية بالغذاء والبيئة إدراكها للدور المناط بها حيال ذلك، فلقد كانت وزارة البيئة والمياه والزراعة بمراكزها وهيئاتها الوطنية وإدارتها المختلفة الحاضر الأبرز إلى جانب عدد من القطاعات كالمؤسسة العامة للحبوب والهيئة العامة للغذاء والدواء وأرامكو السعودية. وهنا لا يغفل الدور الأكاديمي للباحثين والعلماء المشاركين بخلاصة بحوثهم ونتاج فكرهم العلمي في المؤتمر.

إن هذا التمازج والانسجام الحميد بين الأكاديميين وصناع القرار هو اندماج صحي محمود يحسب لجامعة الملك فيصل تحقيقه وللجهات المشاركة معها تمكينها والوثوق بقدراتها وامكاناتها. فلقد درج القول أن الجامعات بأكاديميها التنظيريين متقوقعين داخل أسوارها لا علاقة لهم بالحراك والضجيج الدائر خارج أسوار جامعتهم.

إن الجامعة قد ترجمت عبر هذا المؤتمر الحيوي والهام الدور المؤمل من مؤسسات التعليم العالي في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، كما أنه رسم خارطة استقلال الجامعات طبقا لممكناتها ومكتسباتها وفقا لما نص عليه نظام الجامعات الجديد، كما أن رعاية وزير التعليم لهذا المؤتمر هي رسالة للجامعات كافة بالانخراط في محيطها المجتمعي المحلي والمساهمة في حل المشكلات بأساليب علمية فعالة وابتكارات محسنة لجودة الحياة. كما أن الشراكة المجتمعية والبحثية كانت وسما حاضرا شهده المؤتمرون بتوقيع الجامعة 14 اتفاقية تفاهم ودعم وزمالة

مع جهات عدة وداعمين.

إننا في الجامعات أمام مسؤوليات تنموية وطنية كبرى، فالدولة بقيادتها سباقة الخطى متسارعة الوثب نحو العلى، طموحها عنان السماء، ولا سبيل للمواكبة إلا بتعليم متميز، وبحث رصين وابتكارات مواكبة للواقع، محاكية لما نعيش في كنفه من الثورة التقنية. يرجى لواحة الأحساء للابتكار في جامعة الملك فيصل والتي دشنها وزير التعليم خلال المؤتمر، والتي كما راق للجامعة نعتها بواحة في قلب الواحة، الريادة في خدمة مجالات هويتها وأن تتفيأ منجزاتها الصدارة نحتفل بها في نسخة المؤتمر القادمة.

معلوم أن للجامعة، كغيرها، تحديات تشغيلية وتمويلية وغيرها، لكن القدرة على التغلب والتكيف مع المعطيات متوجة بالإنجازات هي الفارق بين الأداء القيادي المميز وذاك التقليدي العتيق. حظيظة هي جامعة الملك فيصل برئيسها الحالي ووكيلها للدراسات العليا والبحث العلمي وطواقمها الأكاديمية والإدارية في قيادة دفة الجامعة نحو الريادة والتقدم. رئيس محفز داعم مخضرم في التعليم العالي لعقد ونيف في قيادة شؤونه التعليمية، يعي حرفيا القيادة بروح الزمالة بين النظراء أو ما تعرف بالـ collegiality التي تدار بها الجامعات.

علمت رئاسة الجامعة القيمة الحقيقية لرأس مالها البشري من كفاءات أكاديمية رصينة وطاقم إداري مساند، فوثقت ودعمت وانتقت ومكنت، فحق لمعالي الدكتور محمد العوهلي الفخر بتجدد ثقة القيادة فيه لقيادة الجامعة لمدة أخرى، وحق لكم منسوبي جامعة الملك فيصل الفخر والزهو برئيسكم وعراقتكم العلمية.

@MK_ALMonjed