نايف الضيط

غياب الإعلام العلمي

السبت - 12 مارس 2022

Sat - 12 Mar 2022

كشفت جائحة (كوفيد 19) حجم انتشار المعلومات المضللة والشائعات في المجال العلمي الذي يمس حياة الأفراد والمجتمعات خاصة فيما يتعلق بالمرض واستخدامات اللقاح، والقصور الكبير من قبل العلماء والباحثين في نشر الوعي والرد على القضايا المثارة في مواقع التواصل، وقلة المشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي، وتغطيات وسائل الإعلام الجماهيري.

للإعلام العلمي أهمية كبرى لتناوله أكثر القضايا تعقيدا وتأثيرا على المجتمع والسياسة مثل: التغير المناخي، والمحاصيل المعدلة وراثيا، والطب، والطاقة، والانتشار النووي، والكوارث الطبيعية، والاكتشافات العلمية، وللأسف هذا الإعلام لا يزال مغيبا في المؤسسات الإعلامية، في المقابل نجد أن الدول الكبرى تولي اهتماما كبيرا بالصحافة العلمية، وتعقد لها المؤتمرات وتدعم الاتحادات المتخصصة.

ومن واقع تجربتي في مجال الصحافة العلمية، إذ عملت سكرتيرا ثم مديرا للتحرير لمجلة الفيصل العلمية لعدة سنوات لا يوجد اهتمام بالصحافة العلمية وجميع ما ينشر في الصحف والقنوات الفضائية والإذاعات مجرد أخبار للمؤسسات العلمية أو الأكاديمية أو التقارير المترجمة من المجلات العالمية ووكالات الأنباء، ولا يوجد برامج أو مساحات لتناول القضايا العلمية، وتعاني المؤسسات الإعلامية من قلة الصحفيين الذين يملكون مهارة الجمع بين إبداع الكتابة والمجال العلمي.

لا يكتفي الإعلام العلمي بالتوعية بالظواهر والحقائق العلمية بل يتعداها لفهم آثارها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية باستخدام الجانب الاستقصائي بلغة مبسطة ويحولها إلى قصص إخبارية باستخدام مختلف الفنون الصحفية لخلق الإثارة والتشويق بعيدا عن اللغة الأكاديمية التي تهتم بالمصطلحات والمفاهيم كما ينشر في المجلات المحكمة. ويشجع الإعلام العلمي العلماء والخبراء للتفاعل مع وسائل الإعلام لسماع أصواتهم في معالجة القضايا العلمية والصحية والبيئية المعقدة، ليوفر معلومات قائمة على الأدلة لصانعي السياسات والجمهور العام، ويقدمه الصحفيون الذين يملكون مهارات البحث عن المعلومة مع بعض المعرفة العلمية ولا يفترض أن يكونوا متخصصين في العلوم.

ومع تراجع المحتوى المطبوع من الصحف والمجلات التي كانت وعاء مهما في الفترة الماضية؛ يواجه الإعلام العلمي تحديا لتحول القراء إلى صفحات الإنترنت والأجهزة المحمولة والشبكات الاجتماعية، إضافة إلى ندرة الصحفيين العلميين الذي يملكون التعامل مع الوسائط الرقمية وصناعة المحتوى الرقمي، بالإضافة إلى عدم اهتمام المؤسسات الأكاديمية بهذا التخصص، وندرة جمعيات المجتمع المدني التي تعنى بهذا الإعلام. وفي اعتقادي أن التحدي الأهم هو توظيف التقنيات الناشئة لخدمة الإعلام العلمي مثل: الذكاء الاصطناعي والبيانات وتقنية الواقع المعزز، وإنترنت الأشياء التي سيكون لها أثر كبير خلال العشر سنوات المقبلة.

وختاما، نحن بحاجة إلى إعلام علمي مؤسسي لمواكبة التطورات العلمية الاكتشافات العلمية والتطور التقني المتسارع، ومواجهة التحديات المستقبلية، وتقديم المعلومة الصحيحة التي تلامس حياة الناس.

@mesternm