نورة الصويان

كيف تعزز المرأة صلابتها النفسية وسط الضغوط؟

الثلاثاء - 08 مارس 2022

Tue - 08 Mar 2022

يأتي احتفال النساء حول العالم بيومهن العالمي «يوم المرأة العالمي» الذي يحتفل به سنويا في 8 مارس، منذ أكثر من قرن، والمرأة السعودية تحتفي معهن، وهي تفخر بالتقدم الذي تحرزه في وقت تعيش فيه مرحلة تمكين غير مسبوقة، وتحقق مكاسب وإنجازات متتالية.. وفيما يشكل يوم المرأة العالمي رمزا للكفاح النسوي والمطالبات من أجل تعزيز حقوق المرأة، فإنه يعد فرصة بالنسبة للسعوديات للاحتفال بالمكاسب التاريخية التي حصلن عليها، بموجب أوامر ملكية، رافقها صدور تشريعات توفر للمرأة السعودية البيئة الآمنة للعمل وتحقق لها المساواة مع الرجل، الأمر الذي أسهم في تضاعف نسبة مشاركتها في سوق العمل من 17% إلى 31%، مما أتاح للمرأة السعودية لعب دور مهم في التنمية، تحقيقا لأهداف رؤية 2030. (SPUTNIK,2021).

وتتوالى المكاسب والإنجازات، في إطار برنامج الإصلاحات الذي يقوده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برعاية وإشراف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، فعلى صعيد التشريعات، تم العمل على تطوير البيئة التشريعية بما يحقق المزيد من الإنصاف للمرأة في نظام الأحوال الشخصية ورفع شأن المرأة السعودية داخليا ودوليا، وذلك عبر قرارات تاريخية اتخذتها الدولة أبرزها السماح للمرأة بقيادة السيارة وقيادة الطائرة، وإتاحة الفرص للمرأة للمشاركة في السباقات والمنافسات الرياضية، بالإضافة إلى فتح مجالات لتوظيفها لم تكن متاحة في السابق.

ومن الإنجازات التي سعى ولي العهد لتحقيقها للمرأة السعودية هي السماح للمرأة بالسفر بدون تصريح، ومنح المرأة حق إنهاء قضاياها دون محرم، حيث عانت من هذه السياسة المتبعة لعشرات السنين من الاضطهاد القانوني والحقوقي. (المرصد الوطني للمرأة السعودية، 2022).

وعلى صعيد مكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، وقفت المرأة السعودية في الصفوف الأولى لمواجهة الفيروس، بل وحققت إنجازات نوعية من رحم التحديات، كما ساهمت المرأة السعودية مع شقيقها الرجل في الجامعات بتحقيق المملكة المركز الأول عربيا والـ12 على مستوى دول مجموعة العشرين، والـ14 عالميا في نشر الأبحاث العلمية لمواجهة جائحة كورونا.

تأتي تلك الإنجازات والمكاسب ترجمة لتوجهات القيادة السعودية بتمكين المرأة في مختلف المجالات، وتعبيرا عن الثقة الملكية الكاملة بالمرأة وأنها على قدر المسؤولية للقيام بجهود نوعية في أي منصب تتولاه. (نصير، 2021)

اليوم العالمي للمرأة يمر على المرأة السعودية بإحساس مختلف وبشعور متميز بأن الظروف مهيأة لهن للتنافس على المواقع الأفضل كشريكات حقيقيات لأشقائهن الرجال في التنمية وصنع القرار.

(الهزاني،2021)

لم يكن طريق المرأة السعودية -بل وكل نساء العالم- مفروشا بالورود، لم يكن كذلك، ولن يكون، ولكنها تجاوزت كل تلك الصعاب والتحديات، لتخطو بكل ثقة وثبات، محققة أحلامها التاريخية ومكاسبها النوعية في مختلف المجالات والمستويات، وذلك في ظل توجه الدولة ودعمها المستمر لتمكين المرأة.

(العماني، 2022)

وهو ما قد يعرضها لضغوط مختلفة تمثل خطرا على صحتها وكيانها النفسي ما لم تتحل بالصلابة النفسية.. ومن هذه الضغوط السلبية ضعف مستوى الأداء والعجز عن ممارسة مهام الحياة اليومية، وانخفاض الدافعية للعمل والشعور بالإنهاك النفسي.

(Nicole et al, 2019)

ولقد زادت حدة هذه الضغوط بعد ظهور فيروس كورونا، وأصبح الخوف والقلق من الإصابة بالمرض مسيطرا على جميع أفراد الأسرة، وزادت الضغوط على المرأة نتيجة مكوث أفراد الأسرة بالمنزل، وعدم ممارسة مهام الحياة اليومية بالشكل المعتاد، وازدياد المهام الموكلة إليها لوقاية أفراد أسرتها من هذا الوباء، هذا إلى جانب الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والمهنية السريعة التي أحدثتها وسائل التكنولوجيا والتقدم العلمي ووسائل الاتصالات السريعة، والتي جعلت المرأة تتعرض للعديد من الأحداث والمواقف الضاغطة، التي تتشابك فيما بينها ويؤثر كل منها في الآخر.

(يوسف، 2020)

وللضغوط النفسية التي تتعرض لها المرأة أنواع.. فمنها الضغوط اليومية وهي نوع من الضغوط التي تعيشها المرأة بشكل يومي، ولها علاقة بالعمل وتعدد الأدوار وغير ذلك.

والنوع الثاني هو الضغط التراكمي، والذي يظهر في حال لم يتم التعامل مع الضغوط اليومية بأسلوب صحي سليم، فهنا تتراكم الضغوط وتظهر آثارها على جميع مكونات المرأة الجسدية والفكرية والسلوكية والعاطفية والمعنوية.

(محمد،2021)

ولذلك تعتبر الصلابة النفسية أحد المفاهيم النفسية التي تحتاج إليها المرأة للتوافق مع أحداث الحیاة المختلفة، فالصلابة النفسية هي التي تزید من قدرة المرأة على مواجهة الأزمات وحل المشكلات التي تعترضها، والتوافق مع مشكلات الحیاة النفسیة، والاجتماعیة، والاقتصادیة، والمهنیة، (الحمد وآخرون،2017)

والصلابة النفـسیة أيضا قد تساند المرأة في الأزمات، بجانب مقاومة الضغوط والأزمات، والوقاية من آثار الضغوط الحياتية المختلفة وتجعلها أكثر مرونة وتفاؤلا، كما تعمل على حمایتها الجسمية والاضطرابات النفسية (بخيت، 2017)

وقد كشف «الطاهر» عن مكونات الصلابة النفسية وأشار إلى أنها تتكون من 3 مكونات: المكون الأول هو الالتزام: ویعني رغبة الفرد في الأداء والإنجاز والسعي والإصرار لتحقيق ما یرید، ویتضمن الالتزام نحو الذات، والالتزام نحو العمل.

المكون الثاني للصلابة النفسية هـو التحكم أو السيطرة، ویتضمن هذا المكون القدرة على اتخاذ القرارات والاختیار بین البدائل، وبذل الجهد مع وجود الدافعية للإنجاز والتحدي.

أما المكون الثالث من مكونات الصلابة النفسیة هو التحدي، ویشیر إلى اعتقاد الفرد أن ما یطرأ من تغییر في حیاته هو أمر مثیر وضروري للارتقـاء والتقـدم مما يساعده علـى الاستكشاف والسعي وراء تجارب جديدة لتوسيع آفاق التعامل والتجارب في المستقبل.

(الطاهر، 2016)

لذلك بات من الضروري البحث عن كل ما يمكن أن يساعد على تعزيز استراتيجيات تنمية قدرة المرأة على الصلابة والتحمل والصمود، وهكذا أصبح التمتع بالصلابة النفسية مطلبا ضروريا حتى تستطيع المرأة أن تقاوم ما يعتريها من عقبات وأن تواجه آثار الضغوط الحياتية المتعددة.

وبناء على ذلك نجد أن من أهم مسببات الضغوط النفسية عند المرأة هي:

العمل وتراكم الأعباء والمسؤوليات هو أحد مسببات الضغوط النفسية عند المرأة، فالمرأة لم تعد مسؤولة عن المنزل وحياة أسرتها فقط كما كان الأمر قديما، هي اليوم تتقلد أرقى المناصب وتعمل ويصادفها كثير من الأمور والمشاكل التي تُشكل عليها ضغطا كبيرا.

ومشاكل الحياة الخاصة سواء كانت المرأة متزوجة أم لا من مسببات الضغوط النفسية أيضا، ولا يجب أن ننسى أثر الصدمات العاطفية التي تعد أخطر الضغوط النفسية التي قد تتعرض لها المرأة.

ولكي تستطيع المرأة مقاومة هذه الضغوط النفسية فعليها الالتزام بما يلي:

- البحث عن مسببات الاسترخاء:

فالاسترخاء هو أول ما يجب أن تبحث المرأة عنه عند التعرض للضغوط النفسية، لأنه يفيد بشكل واضح وعميق في تخفيف حدة الضغوط النفسية عليها، وهنا يجب أن تختار المرأة أفضل الوسائل التي ستحقق لها الاسترخاء، كالتمتع بإجازة جميلة بين أحضان الطبيعة مع نفسها أو من تحب، كما توجد بدائل أخرى كثيرة للاسترخاء ولكل امرأة ميولها الخاصة لذا على كل امرأة أن تختار ما يحقق لها الاسترخاء.

- الرضا والتقبل:

على المرأة أن لا تقف عند كل صغيرة وكبيرة في الحياة، وعليها أن تسمح بمرور كل الأحداث، لأن حدوثها أمر واقع، ولذلك لا يمكنها تغييره ولكن يمكنها الحد من تأثيراته بالرضا والتقبل.

- التغيير:

التغيير مطلوب جدا لمقاومة المرأة للضغوط النفسية، وذلك لأنه يجعل مزاج المرأة أفضل، وما يهم هنا هو اختيار المرأة لنوعية التغيير الذي يتناسب وشخصيتها وطبيعة حياتها.. أمثلة على ذلك:

- ممارسة الرياضة بانتظام:

لممارسة الرياضة بانتظام دور كبير في تخفيف عبء الضغوط النفسية التي تتعرض لها المرأة، لذا على المرأة أن تهتم بها لتحصل على حصيلة من الطاقات الإيجابية، وتعد السلاح الأقوى في مواجهة المرأة للضغوط النفسية.

- التفاؤل:

لا يمكن إنكار أثر التفاؤل على الإنسان بوجه عام في مواجهة الضغوطات النفسية، فالتفاؤل قد يكون سببا في فتح أبواب الخير المغلقة وقد يكون سببا في تحقيق الأماني والأحلام، فكما يقولون «تفاءل بما تهوى يكن»، ولذلك على المرأة أن تعتبر التفاؤل أحد الأسلحة الهامة والقوية التي يمكنها بها مقاومة الضغوط النفسية.

(مجلة هي، 2020)

وأخيرا، فإنني أقترح أيضا ضرورة العمل على نشر التوعية النفسية والصحية للمرأة بهدف دعم تكيفها في المجتمع، وزيادة البرامج والندوات الإرشادية والإعلامية المتعلقة بالصلابة النفسية وآليات تفعيلها وتنمية أبعادها، وتوفير فرص التعلم والعمل للمرأة لما لها من دور في خفض الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية لديهن، وبالتالي تحسن مستوى الصلابة النفسية، بالإضافة للعمل على تصميم برامج إرشادية وعلاجية لتحسين الصلابة النفسية لدى المرأة وسط الضغوط.

@Maha_m4