هل يلحق التلفزيون بالصحف والمجلات أم أن الوضع مختلف؟!
السبت - 05 مارس 2022
Sat - 05 Mar 2022
تعالت الصيحات بسقوط إمبراطوريات الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية في جميع أنحاء العالم بسبب تدني أرقام التوزيع أولا، ثم تراجع المداخيل الإعلانية إلا من رحم ربي طبعا، وذلك بالتكيف والتوافق مع التقنيات الحديثة بشكل مذهل وآليات السوق في كل منطقة.وما إن شارفت ضجة اختفاء الصحف (جرائد ومجلات) على الانتهاء، إلا وبدأت تتعالى الصيحات مجددا مرة أخرى حول وفاة أو موت التلفزيون، الوسيلة التي لا تزال الأكثر جماهيرية والأكثر انتشارا والأعلى إيرادات إعلانية.
وقد تكررت هذه الصيحات مع ظهور الإذاعة المسموعة ثم زادت بعد البث التلفزيوني معلنة انتهاء الصحف والإذاعة المسموعة، وكذلك كان الحال مع السينما وكلها دون أدنى شك وسائل تقليدية عتيدة لكل منها خصائصها التي تميز بقاءها رغم عيوب زمنها الذي قد يسبب تراجعها بين الفينة والأخرى. والوسائل التقليدية قد تشيخ أو تمرض ولكنها في واقع الحال الفعلي لا تموت ولا تتلاشي ولا تختفي تماما.
ومهما تعددت الوسائل بين التقليدية وغير التقليدية وحتى الهجين أو المزيج منها إلا أن هناك حقيقة وحيدة مؤكدة يجب أن تذكر باستمرار ودون أي تردد.. وهي أن المحتوى يظل سيدا للموقف مهما تعددت وسائله أو وسائطه الناقلة لهذا المحتوى نصا كان أو صورة أو صوتا أو أي شكل من الأشكال.
والحقيقة التالية لذلك أن الوسيلة أو الوسيط الناقل وإن اختلفت خصائصه إلا أن المحتوى يتمكن ويستفيد من هذه الإمكانيات والوسائل سواء في سعة التعرض Exposure أو درجة الوصول Reach للجمهور المستهدف أو فعالية اختراق Penetration الجماهير المستهدفة.
وعودة للتلفزيون أقوى الوسائل التقليدية انتشارا في حيز زماني محدد والأعلى جذبا للإعلانات بأسعار وقيم متميزة حتى الآن، والذي لا يزال يسيطر على 36% من الإنفاق الإعلاني في عام 2021م، علاوة على وجوده بقوة أيضا في النصيب الأكبر في المرئي المسموع غير التقليدي على الوسائل الرقمية الأخرى، وذلك بالرغم من انتشار وسائل رقمية أخرى انتشار النار في الهشيم بوصول تراكمي فردي وجماعي وجماهيري وليس آني زمني لحظي جماهيري فقط، وكذلك وللأسف الأشد بأسعار متدنية للغاية للوسائل الرقمية المستنسخة للمحتوى الأصلي خصوصا إذا ما قورنت بأسعار التلفزيونات التقليدية أو عدم الإتاحة على التطبيقات الرقمية بدون استئذان، والتي تقدر أعداد المشاهدين فيها بآلاف الدولارات أو الريالات للوصول للملايين من المشاهدين في ذات اللحظة في التليفزيون التقليدي.
في حين الوسائل الأخرى المستحدثة والمستنسخة والناقلة عنها تقدر أسعارها بعشرات الدولارات أو الريالات لملايين الملايين، وهذا أمر غير طبيعي ولا يستقيم من اقتصاديات الوسائل خصوصا الصانعة منها لمحتوى متميز ومكلف، ولعل الحل الأسترالي ربما يكون الأمثل في محاسبة الوسائط غير التقليدية لما تحتويه من محتوى منقول أصلا عن الوسائل التقليدية العتيدة، ورغم انحصار المشاهدة الجماعية نسبيا في الآونة الأخيرة وخصوصا بالنسبة للشاشات التلفزيونية في المنازل أو المقاهي أو التجمعات الأخرى من النوادي في المناسبات العامة والخاصة والفعاليات المميزة فنيا ورياضيا وجماهيريا في لحظة آنية محددة، وتقدر آخر الدراسات في ذلك الشأن أن النسبة لا تزال في صالح الشاشة التلفزيونية الجماعية بنسب تصل إلى 80% تقريبا وهذا يظل رقما مرتفعا نسبيا وقيمة كبيرة للانتشار والتعرض والاختراق، كما أن هناك تراجعا في المشاهدات الجماعية بنسبة قد تصل إلى 20% تقريبا لصالح المشاهدة على أجهزة الهاتف الجوال والكمبيوتر وغيرها.
ويظل السوبر بول الأمريكي لكرة القدم هو المقياس الأرجح في تلك المشاهدة، في الأسبوع قبل الماضي قدم السوبر بول الأمريكي خير دليل وشاهد على ذلك الأمر، حيث ارتفع سعر الإعلان لمدة 30 ثانية إلى 6.5 ملايين دولار أمريكي للمرة الواحدة في عام 2022م من 5.5 ملايين دولار لكل 30 ثانية في عام 2021م.. وبإجمالي دخل إعلاني يصل 434.5 مليون دولار أمريكي وبزيادة 6% عن العام الماضي 2021م خاصة وأن الإنفاق الإعلاني العالمي لعام 2021م قد تجاوز 545 بليون دولار أمريكي.
ويقدر عدد المشاهدين لإعلانات السوبر بول الأمريكي لعام 2022م قبل وأثناء وبعد المباراة في حدود 175 مليون مشاهد تقريبا، أغلبهم بالطبع على شاشات التلفزيون المنزلية أو الكبرى في المقاهي والمنتديات، وقد قدرت شركة كنتار للدراسات أن العائد الاستثماري للإعلانات يقدر بـ 4.5 دولارات أمريكية لكل دولار أمريكي ينفق في الإعلان لهذه المناسبة، الأمر الذي يجعل القيمة الاقتصادية للمعلن وصولا لهذه الجماهير الغفيرة أمرا مناسبا للغاية، ناهيك عن بعض الإضافات التراكمية المتتالية فيما بعد أيضا، وهكذا دائما هو الحال في الفعاليات الفنية والرياضية الكبرى على مستوى العالم والأقاليم المختلفة. علما بأن هذه الأرقام مدققة ومعلنة عبر شركات القياس المشاهدة بشكل حيادي، وليس ذاتيا كما تدعي أغلب الوسائل الرقمية مباشرة من قبلها، التي لا نعرف أو ربما لا نثق في معادلاتها الخوارزمية المستخدمة، ويظل التلفزيون متصدرا المشهد في المشاهدة والإيرادات الإعلانية رغم كل التحديات.
ولعله من نافلة القول أو حسن الطالع أن تشهد المملكة العربية السعودية منذ أقل من شهر تدشين شركة التصنيف الإعلامية، والتي تعمل مع شريكها الاستراتيجي نيلسون العالمية على تطوير نظام لقياس المشاهدة التلفزيونية في المملكة، هذا المشروع الحلم والذي سبق أن فشلت إرهاصاته عبر 4 عقود مضت، والشرح يطول في أسباب ذلك العديدة، إلا أنه ومن المتوقع أن تصدر النتائج الأولية لهذا المشروع الواعد مع شهر رمضان 1443هـ، وفي هذه الخطوة الإيجابية في الاتجاه السليم لتنظيم المحتوى التلفزيوني الجدير بالمشاهدة، ومن ثم جدير بالإنفاق الإعلاني في هذه البرامج والقنوات والتي تجاوزت ألفي قناة تلفزيونية غير مشفرة تقريبا.
وننتظر بفارغ الصبر النتائج الأولية لقياسات المشاهدة التلفزيونية في شهر أبريل 2022م، وذلك لتصحيح مسارات الكثير من الإنتاج التلفزيوني غير ذي الجدوى الاقتصادية، وكذلك إعادة توزيع الثروة الإعلانية بمزيد من العدل بين القنوات التلفزيونية العديدة، وفي انتظار انتعاشة قادمة للمشاهدة التلفزيونية في العالم بأسره، والمنطقة العربية بصفة خاصة في السنوات المقبلة بإذن الله.
@aabankhar
وقد تكررت هذه الصيحات مع ظهور الإذاعة المسموعة ثم زادت بعد البث التلفزيوني معلنة انتهاء الصحف والإذاعة المسموعة، وكذلك كان الحال مع السينما وكلها دون أدنى شك وسائل تقليدية عتيدة لكل منها خصائصها التي تميز بقاءها رغم عيوب زمنها الذي قد يسبب تراجعها بين الفينة والأخرى. والوسائل التقليدية قد تشيخ أو تمرض ولكنها في واقع الحال الفعلي لا تموت ولا تتلاشي ولا تختفي تماما.
ومهما تعددت الوسائل بين التقليدية وغير التقليدية وحتى الهجين أو المزيج منها إلا أن هناك حقيقة وحيدة مؤكدة يجب أن تذكر باستمرار ودون أي تردد.. وهي أن المحتوى يظل سيدا للموقف مهما تعددت وسائله أو وسائطه الناقلة لهذا المحتوى نصا كان أو صورة أو صوتا أو أي شكل من الأشكال.
والحقيقة التالية لذلك أن الوسيلة أو الوسيط الناقل وإن اختلفت خصائصه إلا أن المحتوى يتمكن ويستفيد من هذه الإمكانيات والوسائل سواء في سعة التعرض Exposure أو درجة الوصول Reach للجمهور المستهدف أو فعالية اختراق Penetration الجماهير المستهدفة.
وعودة للتلفزيون أقوى الوسائل التقليدية انتشارا في حيز زماني محدد والأعلى جذبا للإعلانات بأسعار وقيم متميزة حتى الآن، والذي لا يزال يسيطر على 36% من الإنفاق الإعلاني في عام 2021م، علاوة على وجوده بقوة أيضا في النصيب الأكبر في المرئي المسموع غير التقليدي على الوسائل الرقمية الأخرى، وذلك بالرغم من انتشار وسائل رقمية أخرى انتشار النار في الهشيم بوصول تراكمي فردي وجماعي وجماهيري وليس آني زمني لحظي جماهيري فقط، وكذلك وللأسف الأشد بأسعار متدنية للغاية للوسائل الرقمية المستنسخة للمحتوى الأصلي خصوصا إذا ما قورنت بأسعار التلفزيونات التقليدية أو عدم الإتاحة على التطبيقات الرقمية بدون استئذان، والتي تقدر أعداد المشاهدين فيها بآلاف الدولارات أو الريالات للوصول للملايين من المشاهدين في ذات اللحظة في التليفزيون التقليدي.
في حين الوسائل الأخرى المستحدثة والمستنسخة والناقلة عنها تقدر أسعارها بعشرات الدولارات أو الريالات لملايين الملايين، وهذا أمر غير طبيعي ولا يستقيم من اقتصاديات الوسائل خصوصا الصانعة منها لمحتوى متميز ومكلف، ولعل الحل الأسترالي ربما يكون الأمثل في محاسبة الوسائط غير التقليدية لما تحتويه من محتوى منقول أصلا عن الوسائل التقليدية العتيدة، ورغم انحصار المشاهدة الجماعية نسبيا في الآونة الأخيرة وخصوصا بالنسبة للشاشات التلفزيونية في المنازل أو المقاهي أو التجمعات الأخرى من النوادي في المناسبات العامة والخاصة والفعاليات المميزة فنيا ورياضيا وجماهيريا في لحظة آنية محددة، وتقدر آخر الدراسات في ذلك الشأن أن النسبة لا تزال في صالح الشاشة التلفزيونية الجماعية بنسب تصل إلى 80% تقريبا وهذا يظل رقما مرتفعا نسبيا وقيمة كبيرة للانتشار والتعرض والاختراق، كما أن هناك تراجعا في المشاهدات الجماعية بنسبة قد تصل إلى 20% تقريبا لصالح المشاهدة على أجهزة الهاتف الجوال والكمبيوتر وغيرها.
ويظل السوبر بول الأمريكي لكرة القدم هو المقياس الأرجح في تلك المشاهدة، في الأسبوع قبل الماضي قدم السوبر بول الأمريكي خير دليل وشاهد على ذلك الأمر، حيث ارتفع سعر الإعلان لمدة 30 ثانية إلى 6.5 ملايين دولار أمريكي للمرة الواحدة في عام 2022م من 5.5 ملايين دولار لكل 30 ثانية في عام 2021م.. وبإجمالي دخل إعلاني يصل 434.5 مليون دولار أمريكي وبزيادة 6% عن العام الماضي 2021م خاصة وأن الإنفاق الإعلاني العالمي لعام 2021م قد تجاوز 545 بليون دولار أمريكي.
ويقدر عدد المشاهدين لإعلانات السوبر بول الأمريكي لعام 2022م قبل وأثناء وبعد المباراة في حدود 175 مليون مشاهد تقريبا، أغلبهم بالطبع على شاشات التلفزيون المنزلية أو الكبرى في المقاهي والمنتديات، وقد قدرت شركة كنتار للدراسات أن العائد الاستثماري للإعلانات يقدر بـ 4.5 دولارات أمريكية لكل دولار أمريكي ينفق في الإعلان لهذه المناسبة، الأمر الذي يجعل القيمة الاقتصادية للمعلن وصولا لهذه الجماهير الغفيرة أمرا مناسبا للغاية، ناهيك عن بعض الإضافات التراكمية المتتالية فيما بعد أيضا، وهكذا دائما هو الحال في الفعاليات الفنية والرياضية الكبرى على مستوى العالم والأقاليم المختلفة. علما بأن هذه الأرقام مدققة ومعلنة عبر شركات القياس المشاهدة بشكل حيادي، وليس ذاتيا كما تدعي أغلب الوسائل الرقمية مباشرة من قبلها، التي لا نعرف أو ربما لا نثق في معادلاتها الخوارزمية المستخدمة، ويظل التلفزيون متصدرا المشهد في المشاهدة والإيرادات الإعلانية رغم كل التحديات.
ولعله من نافلة القول أو حسن الطالع أن تشهد المملكة العربية السعودية منذ أقل من شهر تدشين شركة التصنيف الإعلامية، والتي تعمل مع شريكها الاستراتيجي نيلسون العالمية على تطوير نظام لقياس المشاهدة التلفزيونية في المملكة، هذا المشروع الحلم والذي سبق أن فشلت إرهاصاته عبر 4 عقود مضت، والشرح يطول في أسباب ذلك العديدة، إلا أنه ومن المتوقع أن تصدر النتائج الأولية لهذا المشروع الواعد مع شهر رمضان 1443هـ، وفي هذه الخطوة الإيجابية في الاتجاه السليم لتنظيم المحتوى التلفزيوني الجدير بالمشاهدة، ومن ثم جدير بالإنفاق الإعلاني في هذه البرامج والقنوات والتي تجاوزت ألفي قناة تلفزيونية غير مشفرة تقريبا.
وننتظر بفارغ الصبر النتائج الأولية لقياسات المشاهدة التلفزيونية في شهر أبريل 2022م، وذلك لتصحيح مسارات الكثير من الإنتاج التلفزيوني غير ذي الجدوى الاقتصادية، وكذلك إعادة توزيع الثروة الإعلانية بمزيد من العدل بين القنوات التلفزيونية العديدة، وفي انتظار انتعاشة قادمة للمشاهدة التلفزيونية في العالم بأسره، والمنطقة العربية بصفة خاصة في السنوات المقبلة بإذن الله.
@aabankhar